“تيكا” وهز الرأس.. تعرف على أغرب عادات الهنود

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

في السنوات الأخيرة استحوذت الثقافة الهندية خاصة الأفلام التي تعد نافذة على هذه الحضارة العريقة على المجتمع العربي بطريقة جعلت الكثير يقلدون العادات الهندية دون الرجوع إلى معناها أو مصدرها ومن أشهر هذه العادات النقطة الحمراء بين الحاجبين.

النقطة الحمراء

تقول الكتب التاريخية أن المرجعية الأولى لغطاء الرأس في بلاد الهند القديمة تعود إلى رسومات على إحدى الصخور تم اكتشافها من قبل أحد الصيادين قبل أكثر من 3 آلاف عام حيث يمكن مشاهدة المواقع الصخرية في منطقة “كيرلا” الجنوبية، ومن خلال تتبع المراحل التاريخية لتطور القبعات يمكن معرفة تفصيلات أكثر من طبيعة حياة الشعب الهندي الذي استخدم القبعات قبل أوروبا بقرون طويلة ففي القرن الحادي عشر وتحديدا خلال الحضارة البيزنطية أصبح غطاء الرأس من الملامح المميزة للمجتمع الهندي قبل انتقاله إلى العالم الأوروبي.

ووجد رجل ما قبل التاريخ رأسه وشعره عاريا مما دفعه إلى استخدام أوراق الأشجار والزهور وريش الطيور في تغطية رأسه إلا أن ذلك لم يحقق هدفه المتمثل في الحماية من الشمس والأحوال الجوية الطبيعية الأخرى وخاصة أن غطاء الرأس يسمى في الهند “شيروستران” شيرو تعني رأس وستران تعني الحماية.

على مدار سنوات تغيرت أشكال وأسماء وألوان العمامات الهندية لكنها ظلت دائما تعبر وبقوة عن الثقافة الهندية في كافة أطرها القديمة والحديثة، فوراء كل لون وشكل معان خاصة بحيث تدل على أصول مستخدميها، لهجتهم، ديانتهم، طائفتهم ومهنتهم أيضا، كل ذلك يحكمه قانون صارم غير مكتوب في ارتداء غطاء الرأس وخاصة أن الثقافة “السنسكريتية” الهندية استخدمت غطاء الرأس كرمز روحاني للتبجيل والتقدير والاحترام.

وتؤكد الشواهد والسجلات التاريخية أن دوافع وبواعث التزيين والتجمل وتغطية الرأس تعود إلى ما قبل التاريخ وخاصة إلى فترة تسمى “الفيدا” التي عاشها سكان جزيرة سيلان “سيرلانكا اليوم” حيث يطلق على غطاء الرأس التقليدي لدى الهنود اسم “بوجري” وهي عبارة عن لفائف رقيقة من القماش توضع حول قبعة لوقاية الرأس من حرارة الشمس الشديدة أو البرد القارس خلال فترة الشتاء إضافة إلى الرياح والعواصف والأتربة.

رغم التنوع والاختلاف في العادات والتقاليد والحياة الاجتماعية في شبه القارة الهندية، يمكن القول إن قبعات الرأس هي أكثر من مجرد هوية أو علامة مميزة لفئة معينة أو مجموعة من الناس يرتبطون بحياة اجتماعية متقاربة في إقليم معين باعتبارها رمز الكرم والحفاوة، الفخر والاعتزاز وفي الوقت نفسه صورة من صور الهيبة والاحترام.

تختلف العمائم في المناطق الهندية شكلا ولونا ولكنها لها أسماء عديدة واسعة فهي مختلفة الاسم في 18 لغة على الأقل وقد عرفت أغطية الرأس بشكل واسع باسم “بوشنيا” في العالم الشرقي في الأدب القديم وهي ذات لون أبيض ناصع وهناك بعض العمائم ذات أوراق ونتوءات خارجية ومزركشات وهناك عمائم إسطوانية تشبه آله الشمس عند الهندوس أصبحت شعبية ومشهورة .

وخلال حكم الهندوس اعتبر غطاء الرأس رمزا للاحترام والتمجيد وليس من الناحية الرمزية بل من حيث الشكل والحجم، واستطاع غاندي بعمامته “توبي” خلال القرن العشرين أن يكتسب شهرة ومكانة متميزة باعتباره رمزا للحرية والنضال من أجل الاستقلال.

هز الرأس

هز الرأس إيماءة شائعة في ثقافات جنوب آسيا، وبشكل خاص في الهند وتُسمى” “Indian Bobble، وتتم عبر إمالة الرأس على الجانبين، وهي شكل من أشكال التواصل غير اللفظي، وهي شائعة في أجزاء محددة من الهند، وخاصة في ولاية “ماهاراشترا”، فقد يعني تحريك الرأس إما “نعم” أو” لا” أو “جيد” أو “حسنًا”.

نقطة حمراء تتوسط الحاجبين نراها في جميع الأعمال الدرامية الهندية وهي في الأساس جزء من عادات الهنود والكثير منا قام بتفسير هذه النقطة على أنها وسيلة للتمييز بين المرأة المتزوجة وغير المتزوجة ولكن المفأجاة أن هذا التفسير لا أساس له من الصحة.

إذ يعتقد الهنود أن وضع النقطة الحمراء على الجبهة أو الجبين يمنع الطاقة من الخروج من تلك النقطة بالضبط، كما أنهم يظنون أنها تقوم بحمايتهم من الشياطين، وتجعل الإنسان يتحكم بشكل جيد في تفكيره وفي التركيز، كذالك تساعد على تحسين الحظ.

معروفةٌ بالكثير من الأسماء” بيندهي، بوتتو، تيلاكام، وتيكا”، تزيّن الجبهة في منتصفها، وتأتي في أشكالٍ متنوعة، نقطة حمراء أو خط أحمر على مفرق الشعر، وربما أشكالٌ أخرى غريبة.

وتقليدياً فإن “بيندهي” تكون جالبةً للحظ بشكلٍ أكبر باللون الأحمر والقرميدي دون غيرها من الألوان، وهذه المنطقة المحددة من الجبهة لوضع البيندهي مهمة جداً فهي النقطة السادسة من نقاط “الشاكرات” وهي كذلك نقطة الحكمة الكامنة في الإنسان، تُعرف باسم “آغنا” أي القيادة، ويُقال بأن هذه النقطة تمكّن من التغلب على اختلاف مستويات التركيز أثناء التأمل، والنقطة المركزية في هذه المنقطة تسمى “باندهو” والفكرة أنه عند الوصول إلى مرحلة التأمل الكلي فإن العبور إلى الشاكرا السابعة يتم عبر خروج هذه الطاقة الكامنة من قاعدة العمود الفقري إلى الرأس حيث الشاكرا السابعة الأهم “ساهسارارا” وعندها فإن نقطة باندهو قد تشكل مكاناً لخروج هذه الطاقة من الرأس وتلاشيها.

النقطة الحمراء تحملُ معنى كبير لأن اللون الأحمر لونٌ قوي يرمز كما يفسر الهنود القدماء  إلى الدماء أي أنكَ على استعدادٍ للتضحية بالدم لإرضاء الآلهة وخاصة الآلهة “شاكتي”، مع الوقت ألغت المجتمعات تقديم القرابين بالذبح أو الدماء واستعاضت عن ذلك بتقديم الهدايا للآلهة ومع ذلك بقي اللون الأحمر، والأحمر كذلك يرمز إلى الحب، أما النقطة التي توضع باللون الأصفر فإن ذلك يعود إلى الاعتقاد القائل بأن اللون الأصفر ذو تاثيرٍ قوي على العقل، لذلك فإنك ستجد دوماً اللونين الأحمر والأصفر جنباً إلى جنب في المعابد والاحتفالات المنزلية أيضاً.

أما الرجال المتصوفين فإنهم يضعون النقطة القرمزية كعلامةٍ للذكاء الروحي، وتسمى هذه النقطة عند الرجل “أورنا” وظهرت بين القرنين الثاني والثالث الميلادي في تماثيل بوذا، ومعظم الرجال الهنود يضعون هذه النقطة في الاحتفالات الرسمية والدينية.

عملياً الأحمر سافر عبر تقاليد الهند عبر 5000 عام من عمر هذه الثقافة، فعلى سبيل المثال فإن كل الكتب الهندية الدينية القديمة تحكي عن وجود البيدنهي ” في الطقس الدينية، عند الحزن والفرح واليأس وغيرها.

والهند ليس البلد الوحيد الذي يقوم بهذه العادة، وإنما أيضا بعض الدول “بنجلادش، و نيبال وهي الآن لا تعني أي شيئا إلا الزينة و التزيين, لكن ما زالت تعبر عند بعض الأوروبيين كاشارة تعني الانتقال من ديانة إلى الديانة الهندوسية.

العمامة

ربما يعجبك أيضا