«جائزة الأوسكار».. ما سر المشاركة العربية الضعيفة والامتناع المصري؟

ياسمين سعد

بعدما قررت مصر حجب الترشح للمنافسة على جائزة الأوسكار، دار جدلًا واسعًا بين صناع السينما حول ما إذا كان هذا القرار صحيحًا أم لا، وعلى جانب آخر قررت المغرب الترشح للجائزة بفيلم أزرق القفطان.. فتحت رؤية باب المناقشة مع مجموعة من السينمائيين المصريين والمغاربة لمناقشة أحوال السينما العربية ووضعها بالنسبة للترشح للحصول على الجائزة المرموقة، فماذا قالوا؟..


قررت لجنة بنقابة المهن التمثيلية المصرية عدم ترشيح أي فيلم للمنافسة على جائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم عالمي، ليكون ممثلًا لمصر بالمسابقة.

قرار اللجنة المتخصصة في اختيار فيلم مصري للترشيح بالأوسكار، أثار الجدل بين صناع السينما، فبينما رفضه البعض معتبرين أنه “محبط” ويمنعهم من تقديم أي جديد في المستقبل، أيده آخرون على اعتباره جرس إنذار لأرباب الصناعة كي يعيدوا النظر في إنتاجهم.. فما وضع السينما العربية عمومًا من الأوسكار؟

سبب عدم ترشيح فيلم مصري للأوسكار

بدأ الجدل في الوسط السينمائي في مصر، عندما أصدرت نقابة المهن التمثيلية بيانًا في 29 سبتمبر 2022، ذكرت فيه أنه بعد مشاهدة أعضائها للأفلام التي ينطبق عليها شروط الترشح للجائزة، قررت لجنة الاختيار بأغلبية الأصوات عدم ترشيح أي فيلم هذا العام للمنافسة على جائزة الأوسكار.

وبينما تمنت اللجنة في بيان النقابة أن تكون ظروف السينما المصرية أفضل في الأعوام المقبلة، أيد المخرج المصري، عماد البهات، قرار عدم الترشح للأوسكار، معتبرًا في حديث إلى شبكة “رؤية” الإخبارية أن هذا القرار “سيحفز صناع السينما على تقديم المزيد من الأعمال الفنية الجيدة في المستقبل”.

رسالة للاهتمام بالمضمون

علق البهات على قرار لجنة نقابة المهن السينمائية قائلًا إنه “رسالة إلى صناع السينما للاهتمام بالجودة.. لا نقدم أي فيلم والسلام”، مشيرًا إلى أن هذا القرار لم يكن وليد اللحظة، بل ناقشته النقابة سابقًا، وكادت تتخذه أكثر من مرة، لكنها كانت تتراجع في النهاية، وترشح فيلمًا مصريًّا، حتى وإن لم تكن راضية عن مستواه الفني تمام الرضا.

وأضاف البهات: “إنتاجنا السينمائي لا يستطيع المنافسة للحصول على جائزة الأوسكار، لأننا نهتم بالعنصر التجاري فقط لصناعة السينما”، واستطرد: “أرى أن الحل يكمن في دعم الدولة لصناعة الأفلام، لأنه يحرر المنتج من مخاوف الخسارة في شباك التذاكر… وقتها سنستطيع الإبداع وتقديم فن حقيقي”.

262670 0

لقطة من فيلم دعاء الكروان الذي رشحته مصر لجائزة الأوسكار سابقًا

سبب عدم اختيار فيلم كيرة والجن

أوضح المخرج عماد البهات أن “صناع السينما حاليًّا ما زالوا تحت سطوة الموزع والمنتج، ويضطرون إلى تقديم أفلام تجارية، وإن كان لا بأس من تقديمها مع إدخال مضمون جيد، فقد قدمت مصر في بعض الأوقات أفلامًا تجارية كانت ذات مستوى جيد”، وأشار إلى التجارب الناجحة في دعم أفلام لمخرجين كبار مثل داوود عبدالسيد، وأسامة فوزي، ومحمد خان، ما جعلهم يبدعون وهم متحررون من عبء الخسارة المادية.

أما عن الجدل القائم حول عدم اختيار فيلم “كيرة والجن”، بطولة الفنانين كريم عبد العزيز، وأحمد عز، وهند صبري، فأوضح البهات أن النقابة رفضت ترشيحه لأن به مشكلات كبيرة في السيناريو أثرت في بناء الفيلم، ما جعله غير مؤهل من وجهة نظر لجنة الاختيار من أحل المشاركة في مسابقة الأوسكار.

قرار لن يؤثر في صناعة السينما

في المقابل اعتبر الناقد السينمائي رامي المتولي، أن قرار لجنة نقابة المهن التمثيلية يمثل وجهة نظرها الخاصة، مشيرًا إلى أن اللجنة تتكون من مجموعة من الأشخاص لهم خلفياتهم ورؤاهم المختلفة للأمور، وأن عدم ترشيحهم لفيلم مصري في المنافسة على جائزة الأوسكار يعد ناقوس خطر لصناع السينما.

وقال المتولي لشبكة “رؤية” الإخبارية، إن “قرار اللجنة لن يؤثر بأي نحو في صناعة السينما، فالأفلام التي رشحتها مصر للمنافسة على جائزة الأوسكار طوال السنوات الماضية، مثل باب الحديد ودعاء الكروان وغيرهما، لم تصل جميعها إلى القائمة الطويلة فضلًا عن القائمة القصيرة، وترشيح فيلم من عدمه حاليًّا لن يحدث فارقًا من ناحية المنافسة الحقيقية على الجائزة”.

2ea7bf7f3b1670977aa6b5b00fc6b7f0 L nwz8wd7kpoz37pkkmo8659wlwlmnzxz33vu92y07fy

لقطة من فيلم باب الحديد المصري الذي ترشح لجائوة الأوسكار سابقًا

المحتوى الفني والمشاركة في الأوسكار

أوضح المتولي أن السينما المصرية تميل إلى صناعة الأفلام التجارية، لأنها تحقق مردودًا جيدًا في شباك التذاكر، مشيرًا إلى أن هذه هي المشكلة دائمًا، مشددًا على أن أحدًا من صناع السينما لن يلتفت إلى قرار الاحتجاب عن الترشيح بالأوسكار، لأن الترشيح للجائزة بالنسبة إليهم هو قيمة أدبية وفنية فقط، وليست مادية.

وأشار المتولي إلى وجود خطأ في الربط الشرطي بين الأفلام المرشحة لجائزة الأوسكار وبين الأفلام الفنية الخالصة، فجائزة الأوسكار تحتفي بالأفلام الناجحة، وهذه الأفلام تكون بالفعل حققت إيرادات جيدة في شباك التذاكر، ولهذا شدد المتولي على أن عدم ترشيح الأفلام ذات الإيرادات الكبيرة للمنافسة على الأوسكار لأنها أفلام تجارية هو “معتقد خاطئ”.

فيلم كيرة والجن الأفضل

نفى المتولي أن اللجنة ترفض ترشيح بعض الأفلام لأسباب تقنية، مثل عدم عرضها في السينما في الموعد المناسب، ما جعلها تخالف الشروط، وقال: “الأفلام المرشحة للمنافسة على جائزة الأوسكار يجب أن تعرض في الفترة من يناير  إلى نوفمبر 2022، أي إن موعد العرض يتخطى آخر موعد للترشيح قديم للجائزة، وهو شهر أكتوبر، ومن ثم بإمكان اللجنة إرسال الفيلم المرشح وإن يعرض بعد”.

وأضاف الناقد السينمائي: “لا أعلم ما الأفلام التي شاهدتها اللجنة واتخذت قرارها بناء على مستوياتها، ولكني أرى من وجهة نظري الشخصية، أن فيلم كيرة والجن هو الأفضل خلال هذا العام، وكان من الممكن أن يترشح لمنافسات جائزة الأوسكار”.

2022 7 13 14 54 21 741

فيلم كيرة والجن

المغرب يرشح «أزرق القفطان» لجائزة الأوسكار

في الوقت الذي قررت فيه مصر عدم المشاركة في منافسات جائزة الأوسكار، أعلن المركز السينمائي المغربي ترشيح فيلم أزرق القفطان للمخرجة مريم توزاني، لتمثيل المغرب للحصول على الجائزة، وهو الفيلم الذي عرض للمرة الأولى في الدورة الماضية من مهرجان كان السينمائي الدولي.

الإعلامي المغربي ورئيس النادي السينمائي بالقنيطرة، وعضو مكتب الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب، إدريس اليعقوبي، قال لشبكة “رؤية” الإخبارية إن مشاركة الأفلام المغربية في مسابقة الأوسكار ليس جديدًا عليها، فهي تشارك في المسابقة منذ عام 1977، عندما اختارت فيلم عرس الدم، للمخرج سهيل بنبركة، لتمثيلها في منافسات جائزة الأوسكار.

لقطة من فيلم أزرق القفطان المرشح للمنافسة على جائزة الأوسكار

لقطة من فيلم أزرق القفطان المرشح للمنافسة على جائزة الأوسكار

المشاركة الثانية لمريم التوزاني في جائزة الأوسكار

أوضح اليعقوبي أن المخرج نبيل عيوش، الفرنسي المغربي، من أكثر المخرجين الذين ترشحت أفلامهم للحصول على جائزة الأوسكار بواقع 5 أفلام، أولها كان فيلم “مكتوب”، وآخرها فيلم “علي صوتك” الذي رشحته المغرب لتمثيلها في الدورة الماضية لجوائز أكاديمية فنون وعلوم السينما.

أما بالنسبة إلى ترشيح هذا العام فقال اليعقوبي إن “المركز السينمائي رشح فيلم أزرق القفطان، للمخرجة مريم التوزاني، زوجة المخرج نبيل عيوش، لتمثيل المغرب في الدورة 95 من مسابقة الأوسكار، وتعد هذه هي المرة الثانية لها للترشح، بعدما اختارها المغرب لتمثيلها في الأوسكار عام 2019 بفيلم آدم”.

adam

لقطة من فيلم آدم

اهتمام مغربي بجائزة الأوسكار

وفقًا لليعقوبي، يكون اختيار الأفلام المغربية المشاركة في الأوسكار، من خلال لجنة تضم في عضويتها رؤساء الغرف المهنية والجمعيات ذات الصلة، وأوضح الإعلامي المغربي أن فيلم أزرق القفطان شارك في الدورة الماضية من مهرجان كان، مشيرًا إلى أن الفيلم كان مطابقًا للمعايير التي تعتمدها أكاديمية فنون وعلوم السينما، التي تنظم الجائزة.

وقال اليعقوبي إن صناع السينما في المغرب يهتمون بالمشاركة في مسابقة جائزة الأوسكار، مشيرًا إلى أن الأفلام المشاركة دائمًا ما تثير النقاش في أوساط النقاد والمهتمين، فالبعض يؤيد والبعض يعارض، مستطردًا: “من وجهة نظري، لم يحن الوقت بعد لحصول فيلم مغربي أو عربي على جائزة الأوسكار، التي تتنافس عليها مجموعة من الدول ذات الخبرة الطويلة في الميدان السينمائي”.

متى تنافس السينما العربية على جائزة الأوسكار؟

نوه اليعقوبي بوجود صناعة سينمائية في بعض الدول الأجنبية سمحت لهم بالانتقال من المحلية إلى العالمية، وقال: “لكي يصل الفيلم إلى المراحل النهائية والترشح للقائمة القصيرة للمنافسة للحصول على جائزة الأوسكار، لا بد من بذل جهود مضنية في الدعاية للفيلم وللبلد في وسائل الإعلام الأمريكية، والجهات السينمائية المختصة”.

وأضاف: “على سبيل المثال، صارت كوريا الجنوبية إحدى الدول التي تنافس عالميًّا للحصول على جائزة الأوسكار، لأنها وضعت استراتيجية دعائية متكاملة الأركان في ميدان الفن السابع، ونجحت في تنفيذها… ليس المهم فقط توافر شروط الاشتراك بالمسابقة في الفيلم المرشح، هذا ليس كافيًا، بل لا بد من العمل على أبعد ذلك دعائيًّا”.

ربما يعجبك أيضا