جلوبال ريسك إنسايتس | ما هي المخاطر الأمنية جراء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح

إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لا سيما لو كان هذا الخروج من دون صفقة، ستكون له عواقب وخيمة على أمن البريطانيين، وإذا لم تُعقد صفقة بشأن البريكست بحلول التاسع والعشرين من مارس، فإن عمليات الشرطة ومكافحة الإهاب في المملكة المتحدة ستتحمل عبئًا ثقيلاً بسبب الحدود، وستصطدم بعوائق بسبب القيود المفروضة على تبادل المعلومات الاستخباراتية.  

التهديدات الأمنية العابرة للحدود الوطنية
مع اقتراب موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، باتت عمليات الشرطة ومكافحة الإرهاب على المحك، وتحذر وكالات أمنية مهمة، المشرّعين من أن المملكة المتحدة ستصبح أقل أمنًا نتيجة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون عقد صفقة، مشيرة إلى خسارة بريطانيا لتبادل المعلومات مع الاتحاد الأوروبي باعتباره الشاغل الرئيسي، وإذا لم تبق قواعد البيانات الموجودة على نطاق الاتحاد الأوروبي متاحة لسلطات المملكة المتحدة، فإن هناك خطرًا كبيرًا على أمن الجمهور العام.

يمكن لبعض الإجراءات الأمنية المهمة، من بينها تسليم المطلوبين عبر الحدود الأوروبية، أن تصبح أكثر صعوبة، كما ستتعرض إجراءات تبادل الحمض النووي وبصمات الأصابع وتسجيل المركبات للخطر. وردًا على هذا، أنشأت الوكالات الأمنية في بريطانيا "وحدة شبكة أمان" بتكلفة قدرها 2.4 مليون جنيه إسترليني، في حال نشوء حالة كهذه، وسيخفف هذا الإجراء من الخطر، لكنه مجرد إجراء مؤقت، كما أن خطر استغلال المجرمين لهذه الثغرات الاستخباراتية لا يزال مرتفعًا.

أعمال الشرطة وأيرلندا الشمالية
إن خروج بريطانيا من دون صفقة يهدد أيضًا بزعزعة استقرار السلام الهش الذي تحقق في أيرلندا الشمالية نتيجة لاتفاق الجمعة الحزينة، ولا شك أن النقاش المتعلق بمصير الحدود الأيرلندية عقب خروج بريطانيا يُعدُّ أحد أهم نقاط الخلاف وسط المختصين بشؤون الأمن، ولو جرى إنشاء حدود صلبة بين جمهورية أيرلندا وأيرلندا الشمالية، فإن هناك بوادر مخاطر تنبئ بانهيار اتفاق الجمعة الحزينة الذي تم التوصل إليه عام 1998، وإمكانية عودة أعمال العنف والكراهية الطائفية التي شوهدت لآخر مرة أثناء "فترة الاضطرابات".

وكما يُظهر هجوم "لندنديري"، فإن "الجيش الجمهوري الأيرلندي الجديد" لا يزال يمثّل خطرًا مهمًا على الأمن، وإقامة حدود صلبة يخاطر بزيادة عُزلة مدينة هي بالفعل منقسمة على نفسها. وكإجراء وقائي، يجري نشر ألف ضابط شرطة من إنجلترا واسكتلندا تحسبًا لوقوع أعمال عنف ناتجة عن خروج بريطانيا من دون صفقة، كما يهدف جهاز شرطة أيرلندا الشمالية لتجنيد ما يزيد على 300 ضابط إضافي بحلول عام 2020 بعد تلقيه 16.5 مليون جنيه إسترليني من صندوق التمويل الخاص بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. يقول نائب مدير الشرطة "ستيفن مارتن": إن غالبية الأموال ستُنفق على "أعمال الشرطة في الخطوط الأمامية داخل المجتعمات الحدودية وحولها".

وفي الوقت الراهن فإن الاختلاف الوحيد الذي يمكن ملاحظته عند عبور الحدود هو علامات الطريق: علامات لونها أصفر في جمهورية أيرلندا ولونها أبيض في أيرلندا الشمالية. هذا أمر يحرص القنصل العام لأيرلندا في "أدنبره" "مارك هانيفي" على التعبير عنه. ومع تأسيس حدود صلبة، وإجراء عمليات تفتيش جمركية طويلة تؤدي لتأخير التدفق اليومي للتجارة بين الطرفين، فإن هذه المجتمعات معرّضة لخطر الانعزال عن بعضها أكثر من أي وقت مضى.

ما مصير الاتفاقيات الأمنية بعد الخروج؟
وكما تبيّن من عملية الطعن في مانشستر وانفجار السيارة المفخخة في "لندن ديري" ليلة رأس السنة، فإن هناك خطرًا مستمرًا بوقوع هجمات صغيرة الحجم أو هجمات تنفذها ذئاب منفردة. مع ذلك، فإن المملكة المتحدة لديها اتفاقيات أمنية مهمة من المرجّح أن تبقى على حالها عقب الخروج من الاتحاد الأوروبي، إحدى هذه الاتفاقيات هي شراكة "الخمس عيون" بين الدول المتحدثة باللغة الإنجليزية مثل الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلاندا، وهي اتفاقية كثيرًا ما يُشاد بها بوصفها أحد أكثر العمليات الاستخباراتية تكاملاً في العالم، كما سيستمر أيضًا التعاون داخل حلف الناتو، ومن المرجّح أن يحتفظ "مكتب الاتصالات الحكومية البريطانية" و جهازَي "إم آي سيكس" و "إم آي فايف" بعلاقتهم الوثيقة مع نظرائهم الأوروبيين.

إن هذه الترتيبات الأمنية الثنائية لن تتأثر حتى حال خروج بريطانيا من دون اتفاق، لأنها تأسست على المستوى الوطني بين البلاد بمعزل عن الاتحاد الأوروبي. وكما تحب "تريزا ماي" أن تذكر هي وأعضاء حكومتها، فإن المملكة المتحدة ستغادر الاتحاد الأوروبي، وليس أوروبا، وتأمل المملكة في أن تؤدي حتى دورًا أكبر في الشؤون العالمية وذلك بعد تخلصها من قيود بروكسل.

مخاطر خروج بريطانيا دون اتفاق
إن خطر خروج بريطانيا دون اتفاق يبدو مرتفعًا عقب تلقي اقتراح "ماي" بالخروج من الاتحاد هزيمة بهامش 230 عضو برلمان، وهناك احتمال ضعيف بتمرير أي تشريع آخر عبر البرلمان، ما يعني أن عملية الخروج قد يتم عكسها، أو أن تظهر صفقة بريكست أكثر نعومة عبر تمديد المادة خمسين حتى شهر يونيو. كلتا النتيجتين ستضران بجهود مكافحة الإرهاب وأعمال الشرطة، كما أن الشروط المحددة للعلاقة بين المملكة المتحدة وبروكسل ستظل غامضة.

إن مكافحة الإرهاب وأعمال الشرطة هي أمور يمكن للجانبين، المؤيد لبقاء بريطانيا في الاتحاد  والمؤيد لمغادرته، أو حزب المحافظين أو حزب العمال، الاتفاق بأنها مهمة للأمة. الخطر الوحيد هو ما إذا كان بمقدور هذه الأطراف التصرف بطريقة سريعة وحاسمة لضمان تبادل المعلومات الاستخباراتية، وضمان أن يكون لدى مسؤولو الاستخبارات الأدوات التي يحتاجونها لحماية الأمة، وإن لم يحدث هذا، فإن هناك نقاط ضعف مهمة سيحرص الإرهابيون والمجرمون الآخرون على استغلالها في اللحظة التي تغادر فيها المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي في التاسع والعشرين من مارس المقبل.  

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا