جون بوجل.. الغائب الحاضر في ذاكرة «وول ستريت» (بروفايل)

ولاء عدلان

أصر جون بوجل في بداياته داخل عالم الاستثمار على مخالفة نهج "وول ستريت" التقليدي بالترويج لفكرته بأن الاستثمار السلبي طويل الأجل يمكن أن يخدم المستثمرين أفضل من الصناديق التقليدية.


نجحت شركة “فانجارد جروب” الأمريكية، هذا الشهر، في انتزاع لقب أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم من العملاقة “بلاك روك”، للمرة الأولى منذ 2010.

ويعود الفضل في هذا النجاح إلى إرث الأب الروحي لـ”فانجارد” ولصناديق المؤشرات المتداولة، جون بوجل، الذي أمضى حياته في رهان على صغار المستثمرين واستقطابهم إلى أسواق المال عبر تقديم مجموعة من الحوافز، أبرزها تحصيل رسوم منخفضة من العملاء.

أصول بأكثر من 83 مليار دولار

يمتلك صندوق “فانجارد توتال بوند ماركت” حاليًّا أصولًا بنحو 83.8 مليار دولار، ما جعله يتفوق على صندوق “إي شيرز كور يو إس بوند” التابع لعملاقة إدارة الأصول “بلاك روك” الذي يدير أصولًا قيمتها 83.2 مليار دولار، وفق تقرير لـ”بلومبرج” بتاريخ 10 أغسطس 2022.

ومنذ بداية العام، استقطب صندوق “فانجارد” تدفقات بـ6.9 مليار دولار مقابل خسائر لنظيره “إي شيرز كور يو إس بوند” المتداول تحت رمز “أيه جي جي” الذي تربع على عرش صناديق الاستثمار المتداولة منذ منتصف 2010، بنحو 815 مليون دولار، وخسائر لصناديق الاستثمار المتداولة العالمية بقيمة 58 مليار دولار من أصل 128 مليار دولار استقطبها القطاع منذ بداية 2022، وفق “فايننشال تايمز”.

Untitledصندوق فانجراد

أداء صندوق فانجارد مقابل صندوق بلاك روك

استراتيجية الرسوم المنخفضة

خلال 2021، قفزت حصة “فانجارد” من أصول الصناديق المتداولة في “وول ستريت” إلى 29.3%، في حين تراجعت حصة “بلاك روك” إلى 34.6%، بدعم من استراتيجيتها الخاصة التي أرسى قواعدها مؤسسها، جون بوجل، عندما خرجت “فانجارد” للنور للمرة الأولى عام 1975 كشركة لإدارة صناديق الاستثمار تفرض على عملائها رسومًا منخفضة مقابل استثماراتهم.

ويصل متوسط هذه الرسوم حاليًّا 0.09% في مؤشر على رهان “فانجارد” الدائم على الاستثمار السلبي المعني أكثر بالربح على المدى البعيد. وتدير الشركة حاليًّا 82 صندوقًا بأصول تقدر بـ8.5 تريليون دولار مقابل 8.4 تريليون دولار لـ”بلاك روك”، وقالت مديرة تحليل أسواق صناديق المؤشرات العالمية في “فاكتسيت”، إليزابيث كاشنر، إن صناديق “فانجارد” تعمل كمجمع للأصول، ويمكن أن تواصل جذب المزيد من التدفقات المالية لأشهر مقبلة.

من الأب الروحي لـ«فانجارد»؟

مؤسس “فانجارد”، جون بوجل، يعد الأب الروحي لصناديق المؤشرات المتداولة، وأول من أسس صندوق يتبع حركة مؤشر معين، ويتكون من سلة من السلع والأسهم والسندات، ليقدم فرص متنوعة لمستثمريه تجمع بين مزايا الصناديق التقليدية وسهولة تداول الأسهم. وولد بوجل في 8 مايو 1929 في مدينة نيوجيرسي الأمريكية، واضطر للعمل في طفولته بعد أن فقدت عائلته ثروتها في فترة الكساد العظيم، وفق “يو أس تو داي”.

وتمكن بوجل من الحصول على منح دراسية وتفوق خلال سنوات دراسته الأولى في أكاديمية “بلير” التي تخرج فيها عام 1947، ثم قسم الاقتصاد بجامعة برينستون عام 1951 بدرجة امتياز، ليلتحق على الفور بشركة “ولينجتون مانجمنت” التي تقلد بها عدة مناصب وصولًا إلى منصب الرئيس التنفيذي في 1965، ونتيجة لنزاع إداري غادرها في 1974، ليدشن شركته الخاصة “فانجارد”.

 

protege

جون بوجل مع والتر مورجان

الغائب الحاضر في وول ستريت

أصر جون بوجل في بداياته داخل عالم الاستثمار على مخالفة نهج “وول ستريت” التقليدي بالترويج لفكرته بأن الاستثمار السلبي طويل الأجل يمكن أن يخدم المستثمرين أفضل من الصناديق التقليدية، ويوفر تكاليف أقل، وفي الوقت الحالي ترسخت فكرة صناديق المؤشرات المتداولة في عمق الأسواق، وأصبحت “فانجارد” أكبر شركات القطاع بلا منافس لتعيد التأكيد على سداد رؤية مؤسسها.

وتوفي بوجل الملقب بـ”أسطورة وول ستريت” في 17 يناير 1999، وهو العام نفسه الذي أدرجته مجلة “فورتشين” ضمن 4 من عمالقة القرن العشرين في صناعة الاستثمار، وقال عنه الملياردير، وارن بافيت: “عمل بوجل لصالح المستثمرين الأفراد أكثر من غيره”، في حين اعتبر الرئيس التنفيذي لـ”فانجارد”، تيم باكلي، أن تأثير بوجل امتد من صناعة الاستثمار إلى عدد لا يحصى من الأمريكيين.

105231539 h78e5t8oإرث بوجل

قدرت ثروة بوجل وقت وفاته بنحو 80 مليون دولار، إلا أن الإرث الحقيقي الذي تركه لنحو 12 حفيدًا ولأسواق المال، هو تاريخ عريق في عالم الاستثمار، ويقول تيم باكلي: “أفكار بوجل غيرت الطريقة التي يستثمر بها جزء كبير من العالم لصالح المستثمرين الأفراد”.

وحصد بوجل عشرات الجوائز، وصنفته مجلة “التايم” عام 2004 ضمن 100 شخص الأكثر تأثيرًا في العالم، وألّف 12 كتابًا عن الاستثمار بيع منها 1.1 مليون نسخة في أنحاء العالم، وبعد تقاعده أوائل 1999 أنشأ مركز “بوجل فايننشال ماركت ريسيرش” المتخصص في أبحاث الأسواق المالية وصناديق المؤشرات، وفق “بيزنس جورنال”.

ربما يعجبك أيضا