حروب في الخفاء.. هواوي تشعل فتيل الأزمة مع القوى العظمى

مها عطاف

رؤية – مها عطاف

يبدو أننا على موعد مع أزمة سياسية جديدة بين الصين وكندا وأمريكا، وذلك بعد اعتقال مستمر من بداية الشهر الجاري، للمديرة المالية لشركة هواوي “منج وانزهو” في كندا بطلب أمريكي، وهي ابنة مؤسس الشركة الصينية العملاقة للاتصالات، البالغة من العمر 46 عامًا، وتواجه منج تهمًا بانتهاكها العقوبات الأمريكية على إيران، وجاء اعتقالها كمفاجأة صادمة بعد اتفاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس الصيني “شي جين بينغ” على هدنة تجارية منذ أسبوع، وأدى خبر القبض عليها أيضًا إلى اضطراب بأسواق الأسهم العالمية.

التهمة الرسمية.. انتهاكات محتملة

على الرغم من الاتفاق على هدنة بين الولايات المتحدة والصين، إلا أن اعتقال “منج وانزهو” في مدينة فانكوفر الكندية في الأول من ديسمبر، خلال تبديل طائرتها في كندا أثناء توجهها في رحلة من هونغ كونغ إلى المكسيك، أدى إلى عودة التوتر بين البلدين، حيث كشفت جلسة استماع لمحكمة كندية، أمس السبت، أن منج تواجه تهمًا أمريكية مرتبطة بالقيام بأعمال تجارية للتحايل على العقوبات المفروضة على إيران، وبعد جلسة استماع في محكمة بريتش كولومبيا استمرت طوال النهار، قام القاضي بتأجيل النظر في طلب إطلاق منج بكفالة إلى الإثنين، وهي ستبقى حتى ذلك الحين قيد التوقيف.

ومنج على وجه الخصوص متهمة بالكذب على مصرف أمريكي، وذلك بزعم استخدامها لإحدى الشركات كوكيل سري لشركة “هواوي” لعقد صفقات تجارية مع إيران في خرق للعقوبات، وكانت منج قد نفت بشكل شخصي لمسؤولي المصرف أي علاقة مباشرة لـ”هواوي” والشركة الوكيلة “سكاي كوم”، في الوقت الذي أكد فيه محامي الحكومة الكندية جون جيب – كارسلي “سكاي كوم هي هواوي”، وهذا ما وضع المصرف في موقف ضعيف إزاء انتهاك العقوبات ضد إيران.

تصعيد صيني شديد اللهجة

قامت الصين باستدعاء السفير الكندي جون مكالوم في بكين، أمس السبت، احتجاجًا على توقيف منج، وبعثت برسالة شديدة اللهجة للجانب الكندي، مطالبين بإطلاق سراح مواطنته فورا أو مواجهة “تداعيات خطيرة سيكون الجانب الكندي مسؤولا عنها”، كما اعتبر نائب وزير الخارجية الصيني أن من “المنحط وغير المعقول” توقيف منج وانزهو، وأنه اعتداء سافر على حقوقها ومصالحها كمواطنه صينية.

صراع خفي بين القوى العظمي

من الواضح أن اعتقال “منج” يعكس صراعًا خفيًّا بين القوى العظمى، ولم يكن انتهاك العقوبات كما تزعم أمريكا، هو السبب الأول والأخير، فانتقاد الصين فجأة من قبل مديري المخابرات في بريطانيا وكندا وأستراليا إما بشكل صريح أو ضمنا، لم يأتي هباءً، وأيضًا اتفاقهم جميعًا في الرسائل التي وجهوها على شبكة الجيل الخامس للهاتف النقال باعتبارها أداة بالغة الأهمية في حياة الناس، وعليه لابد أن تديره الشركات الموثوق فيها دون غيرها، وكانت شركة هواوي بالنسبة لهم خارج هذه الدائرة، فقد حظرت الولايات المتحدة وأستراليا الشركة الصينية، أما نيوزيلاندا فقد حددت نشاطها، وأعلنت شركة الاتصالات البريطانية أنها تعتزم إقصاءها من التنافس على صفقة الجيل الخامس، وتخطط اليابان أيضًا لحظر شراء الحكومة لمعدات من هواوي تكنولوجيز و”زد.تي.إي”، لتعزز دفاعاتها في مواجهة تسرب المعلومات والهجمات الإلكترونية.

هواوي.. بين التجسس والتهديد الأمني

غالبًا ما تحظى شركة تكنولوجيا الاتصالات الصينية العملاقة، هواوي، بأهمية كبيرة، بدءًا من أجهزة متعلقة بشبكات الاتصالات إلى هواتف محمولة، والسبب الأول في هذا الاهتمام هو “مخاوف أمنية”، لاعتقاد الكثير بأن هواوي تشكل خطرًا حقيقيًا، فبعد أن بدأت الشركة في تصنيع أجهزة متعلقة بشبكات الهواتف المحمولة، حققت نموا سريعا في هذا المجال لتتفوق على نظيرتيها نوكيا وأريكسون ما جعلها إحدى الشركات الرائدة عالميا، ومؤخرا، دخلت هواوي مجال صناعة الهواتف الذكية، واستحوذت على 15 بالمئة من السوق العالمية، لتحتل المرتبة الثانية بعد سامسونغ وتتفوق على أبل.

هواوي بخلفية عسكرية

مؤسس هواوي، هو “رين تشنغ فَي”، ضابط في جيش تحرير الشعب الصيني، وأسس الشركة في عام 1987، ويبلغ عدد العاملين فيها 180 ألف موظف، وتشير الولايات المتحدة إلى الخلفية العسكرية لمؤسس هواوي وتنامى دور الشركة عالميا للترويج لفكرة أنها تمثل تهديدا للأمن القومي.

وبحسب واشنطن، فإن السيطرة على التكنولوجيا التى تتحكم فى شبكات الاتصالات الحيوية تمنح هواوي القدرة على التجسس أو قطع الاتصالات في حال أى نزاع مستقبلي، خصوصا أن معظم الأجهزة أصبحت مرتبطة بالإنترنت، الأمر الذي يجعل الدول التي تستخدم أجهزة هواوي تتابع هذه المخاطر بحرص.

هواوي ترد على الاتهامات

تحرص هواوي على تقديم نفسها على أنها مستقلة عن الحكومة الصينية، وتقول الشركة إنها تمنح أولوية للسلامة والأمن عند تقديم خدمات تكنولوجية وهذا المناخ من العداء لها يعود إلى أنها أصبحت منافسا قويا، وكانت الحكومة الصينية قد قالت: إن التحركات لإيقاف نشاط الشركة يرقى إلى مستوى الحمائية والممارسات التميزية بحقها.

ربما يعجبك أيضا