“خامنئي” يضع شروطه للحفاظ على الاتفاق النووي مع الأوروبيين

يوسف بنده

رؤية

شبّه المرشد الإيراني علي خامنئي العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة بـ “قصة الفأر والقط”، معتبراً أن الأميركيين “سيُهزمون”.

في الوقت ذاته، لوّح رئيس الأركان الإيراني الجنرال محمد باقري و”الحرس الثوري” للرئيس الأميركي دونالد ترامب بمصير الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

وقد اعتبر المرشد الإيراني علي خامنئي أمس الأربعاء أن الولايات المتحدة تسعى للإطاحة بنظامه، وحدد للأوروبيين سبعة شروط للإبقاء على الاتفاق النووي، في حين أكد وزير الخارجية محمد جواد ظريف أن بلاده ستتجاهل العقوبات الأميركية وتتفاوض مع الأوروبيين.

وقال خامنئي إن عداء الولايات المتحدة لإيران عميق، وإن جميع التحركات الأميركية ضد إيران هدفها الإطاحة بالنظام، مضيفا أن واشنطن مارست كل أساليب العداء بهدف ضرب بلاده سياسيا وعسكريا واقتصاديا لكنها فشلت في كل تلك المحاولات.

ورأى خامنئي أن الولايات المتحدة ستهزم إذا قام المسؤولون الإيرانيون بواجبهم، موضحا أن بلاده تسعى للتوافق مع الدول الأوروبية للحفاظ على الاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، ومحذرا في الوقت نفسه من أن التجارب السابقة تشير إلى أن فرنسا وألمانيا وبريطانيا تسير على منوال واشنطن في القضايا الحساسة.

شروط سبعة

وجاء على موقع خامنئي الرسمي أنه وضع سبعة شروط يتعين على الدول الأوروبية الالتزام بها للإبقاء على الاتفاق النووي، حيث دعا الأوروبيين إلى إصدار قرار يدين انتهاك الولايات المتحدة الاتفاق.

وطالبهم بالتعهد بعدم السعي لإجراء مفاوضات جديدة بشأن البرنامج الصاروخي أو أنشطة إيران في الشرق الأوسط، وبمواجهة أي نوع من العقوبات الأمريكية ضد بلاده.

كما اشترط اتخاذ البنوك الأوروبية خطوات لتأمين التجارة مع بلاده، وأن تحمي القوى الأوروبية مبيعات النفط الإيرانية في مواجهة الضغوط الأميركية، وأن تواصل شراء النفط الخام الإيراني.

وأكد خامنئي أن أي تأخير أوروبي في الإجابة على مطالب إيران سيقابله احتفاظ طهران لنفسها بحق استئناف أنشطتها النووية.

حوار أوروبي

وفي سياق متصل، قال ظريف إن ما قاله نظيره الأميركي مايك بومبيو غير منطقي وغير متحضر ولا يستحق الرد، في إشارة إلى تصريحات بومبيو الإثنين عن عزم بلاده ممارسة “ضغوط مالية غير مسبوقة” على طهران.

وقال ظريف إن طهران تريد أن يتمسك الاتحاد الأوروبي بالاتفاق باعتباره واحدا من ستة أطراف وقعت الاتفاق من أجل إثبات “قدرة الاتحاد الأوروبي على التصدي” للنفوذ الأمريكي.

بدوره، أعلن أمير حسين زماني نيا مساعد وزير النفط الإيراني أن الاتحاد الأوروبي يعتزم الحفاظ على الاتفاق النووي والحد من العقوبات الأميركية، مضيفا أن بيع النفط والحصول على عوائده عبر البنوك وكذلك الملاحة البحرية وناقلات النفط والتأمين يحظى بالأولوية لإيران.

خطة لكبح التهديدات

في المقابل، اعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو امس انه سيلتقي الشهر المقبل حلفاء للولايات المتحدة، لمناقشة الخطوات المقبلة لكبح “تهديدات” ايران، النووية وغير النووية. وأضاف أن إدارة ترامب تعتزم العمل مع “أكبر عدد ممكن من الشركاء والأصدقاء والحلفاء”، مشيراً إلى “مناقشات أُجريت على مستوى أدنى من وزراء الخارجية”، ومعرباً عن ثقته بأن “هناك قيماً ومصالح مشتركة ستقودنا إلى النتيجة ذاتها، في شأن ضرورة الردّ على تهديدات إيران للعالم”.

لكن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس شدد على أن “أوروبا متحدة جداً في موقفها إزاء الاتفاق النووي مع إيران، وهذا لن يتغيّر”. وأضاف انه أوضح الموقف الألماني والأوروبي عموماً، خلال نقاش صريح في واشنطن مع مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، لافتاً إلى ضرورة تجنّب استئناف إيران نشاطاتها النووية.

انفجار اقليمي

في باريس، شدد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان على أن العقوبات الأميركية الجديدة على طهران “ليست مقبولة، ولا يمكن أن نسمح بأن تصبح مشروعة”. ونبّه إلى أنها “لن تسهّل الحوار، بل العكس، ستشجّع موقف المتشددين في ايران، وهذا يضعف الرئيس حسن روحاني الذي يريد التفاوض”. ولفت إلى أن “هذا التموضع يمكن أن يعرّض المنطقة لخطر اكبر مما تواجهه الآن”.

وكرّر مخاوفه من “انفجار إقليمي”، محذراً من “خطر اندلاع حرب”. وتابع أن “كل الظروف اجتمع لاحتمال حدوث انفجار”. وزاد: “لدينا مشكلة أخرى، هي سلامة شركاتنا والقدرة على منح إيران المزايا الاقتصادية التي تتوقعها، في مقابل تخلّيها عن تطوير سلاح نووي”.

إلى ذلك، اعتبر خامنئي أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني يُظهر أن التعامل معها “ليس ممكناً”. وتطرّق إلى خطاب بومبيو قبل أيام، لافتاً إلى أن “كل سياسات أميركا كان يستهدف إسقاط النظام الإيراني، لكنها هُزمت وستُهزم. هذه التصريحات ليست جديدة”. واستدرك: “هُزم الأعداء دائماً، مثل قصة الفأر والقط، وسيُهزمون بلا شك. الرئيس الأميركي الحالي سيلقى مصير سابقيه: بوش والمحافظين الجدد وريغان، وسيُمحى من التاريخ”.

أما وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف فاعتبر أن بومبيو “كان يحلم في كلمته” ويكرر مزاعم قديمة ضد طهران “فقط بنبرة أقوى وأقل تهذيباً… بومبيو ومسؤولون أمريكيون آخرون في الإدارة أسرى لأوهامهم الخاطئة وسجناء ماضيهم، باتوا رهائن لجماعات ضغط فاسدة”. وشدد على أن تصريحات الوزير الأميركي “لم تكن أساساً للتفاوض، بل تستند إلى شيء آخر”.

استراتيجية مساومة

وعلى رغم مواقف متشددة في طهران، نقلت وكالة “رويترز” عن أربعة مسؤولين إيرانيين بارزين قولهم إن تصريحات بومبيو تشكّل “استراتيجيا مساومة”، تشبه أسلوب الولايات المتحدة في التعامل مع كوريا الشمالية. وقال أحدهم ممّن شاركوا في المحادثات التي أفضت إلى الاتفاق النووي عام 2015: “أمريكا لا تريد التورط بحرب أخرى في المنطقة. وإيران أيضاً لا يمكنها تحمّل مزيد من الصعوبات الاقتصادية. دائماً هناك سبيل للتوصل إلى حلّ وسط. عهد المواجهات العسكرية انقضى”.

ورجّح مسؤول ثانٍ أن تقبل الولايات المتحدة في نهاية المطاف درجة من نشاطات طهران لتخصيب اليورانيوم، وبرنامجها الصاروخي، لأن هذه هي “الخطوط الحمر لإيران”. لكن مسؤولاً ثالثاً مقرباً من معسكر خامنئي، اعتبر أن الأميركيين “يكذبون”، وزاد: “حتى إذا قبِلت إيران كل شروطهم، سيستمرون في طلب المزيد، وهدفهم تغيير النظام. لا يمكن أبداً الوثوق بهم”.

في المقابل، لفت دبلوماسي غربي بارز في طهران إلى أن “الأوضاع الاقتصادية هي القضية الأساسية بالنسبة إلى معظم الإيرانيين، لا ما تفعله طهران في المنطقة أو برنامجها النووي”. وأضاف: “لذلك سيُظهر القادة الإيرانيون مرونة، على رغم الخطب الرنانة التي تغلب عليها اللهجة الحادة. أبلت إيران بلاءً حسناً في الحروب بالوكالة، لكنها لا تستطيع مواجهة إسرائيل أو الولايات المتحدة في حرب مباشرة. ليست لديها أسلحة حديثة”.

الاستراتيجية الأمريكية الجديدة

وقد عرض وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في خطاب له يوم 21 مايو/أيار 2018 ملامح الإستراتيجية الأميركية الجديدة بشأن إيران بعد قرار الانسحاب من اتفاق النووي الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 8 مايو/أيار 2018، وفي حين أشادت إسرائيل والبحرين والإمارات بالإستراتيجية الأمريكية الجديدة دافعت الدول الموقعة على الاتفاق النوويعنه وطالبت بالإبقاء عليه.

وهدد وزير الخارجية الأمريكي طهران بفرض “أقوى عقوبات في التاريخ” إذا لم تلتزم بـ12 شرطا حددها من أجل التوصل إلى اتفاق جديد موسع، وقال إنه “لن تكون لإيران أبدا اليد الطولى للسيطرة على الشرق الأوسط”.

وأضاف أن الحالة الوحيدة التي ستخفف فيها واشنطن العقوبات هي أن ترى تغيرا ملموسا في سياسات طهران.

وهذه قائمة المطالب التي طرحها الوزير الأمريكي أمام إيران وأهم المواقف الدولية منها:

1- الكشف أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن كافة تفاصيل البرنامج النووي الإيراني، ومحطة العمل التي توقف عندها.

2- السماح للوكالة بالدخول لكافة المنشآت النووية الإيرانية، وإغلاق مفاعلات الماء الثقيل.

3- وقف إنتاج الصواريخ القادرة على حمل الرؤوس النووية.

4- إطلاق سراح كافة المواطنين الأمريكيين ومواطني الدول المتحالفة مع واشنطن المسجونين في إيران.

5- إنهاء الدعم للمنظمات “الإرهابية” مثل حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي.

6- سحب القوات الإيرانية من جميع أنحاء سوريا.

7- وقف دعم طالبان وألا تكون ملاذا لكبار قادة القاعدة.

8- التوقف عن تهديد حلفاء أميركا، وعلى رأسهم إسرائيل والسعودية والإمارات.

9- سحب القوات الإيرانية من جميع بلدان المنطقة، ووقف دعم الحوثي.

10- وقف نشاطات فيلق القدس خارج الأراضي الإيرانية.

11- وقف تهديد خطوط الملاحة الدولية.

12- احترام سيادة الدولة العراقية ووقف تدفق المليشيات العسكرية الإيرانية.

الموقف الإيراني

وقد رفضت إيران المطالب الـ12 التي وجهها إليها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، واتهمت الولايات المتحدة بالسعي لقلب نظام الحكم فيها، وانتقد الرئيس الإيراني حسن روحاني تصريحات رأس الدبلوماسية الأمريكية، وقال إنه من غير المقبول أن تحدد أمريكا ما الذي يجب أن تفعله إيران ودول العالم.

وأضاف روحاني مخاطبا الأمريكيين “من أنتم لتقرروا لإيران والعالم ما يفعلانه؟ عالم اليوم لا يقبل أن تقرر أميركا ما يجب على العالم فعله لأن الدول مستقلة، انتهى ذلك العصر، سنمضي في طريقنا بدعم أمتنا”.

ربما يعجبك أيضا