انتهاكات حقوق الإنسان تحرم تركيا من عضوية الاتحاد الأوروبي

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

تدين المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بين حين وآخر، الدولة التركية، آخرها ما قضت به المحكمة بدفع نحو 40 ألف يورو كتعويض لصحافيين تم وضعهما قيد الحجز الاحتياطي بتهمة “الانتماء إلى منظمة إرهابية”، وكان الصحافيان نشرا رسائل بريد إلكتروني مسربة لصهر الرئيس التركي. وتعرضت أنقرة إلى العديد من الانتقادات الدولية بسبب قضايا تتعلق بحقوق الإنسان، حيث طالب أعضاء بالاتحاد الأوروبي تجميد أي مفاوضات معها بشأن العضوية، ما دامت لا تنفذ الإصلاحات المطلوبة المتعلقة بالديمقراطية.

نهاية الشهر الماضي، دعا البرلمان الأوروبي تركيا، إلى الالتزام بالمعايير المطلوبة لإحياء العلاقات مع الاتحاد الأوروبي واستئناف مفاوضات انضمامها إليه عبر الشروع في عملية إصلاحات تركز على سيادة القانون وحماية الحقوق الأساسية والتوقف عن قمع المعارضة، لافتًا إلى ضرورة وقف الأنشطة العدائية التي تستهدف اليونان وقبرص.

قمع الصحافة

حال الصحفيين الأتراك جزء لا يتجزأ من تدهور الملف الحقوقي في تركيا، ويعانون من انتهاكات حقوق الإنسان وقمع الدولة، وفي تقرير نشرته نقابة الصحفيين بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أكدت النقابة في تقريرها الذي تضمن مسحًا لحرية الصحافة في البلاد خلال العالم الماضي، أن النيابة العامة التركية حكمت على صحافيين بالسجن ما مجموعه 226 عامًا وثمانية أشهر و25 يومًا، مضيفة أن “43 صحفيًا مسجونون في تركيا بسبب تقارير إخبارية نشروها”. وأفادت النقابة أيضًا أن 57 صحفيًا أمضوا 144 يومًا في حجز الشرطة خلال عام 2020، بينما تعرض ستة صحافيين للضرب أثناء حجز الشرطة.

وكشف التقرير أن “الانتماء إلى منظمة مسلحة” و”القيام بالدعاية لمنظمة إرهابية” هما التهمتان الأكثر شيوعًا اللتان وجهتهما النيابة العامة التركية إلى الصحفيين، وذكرت نقابة الصحفيين في تركيا أن “المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون التركي، أصدر غرامات مالية بقيمة إجمالية وصلت إلى قرابة سبعة ملايين ونصف المليون ليرة تركية على قنوات معارضة”، كما حظرت النيابة العامة التركية الوصول إلى 1411 قصة إخبارية من 62 مصدرًا مختلفًا في العام الماضي، وقضت بإزالة 13 خبرًا من الإنترنت.

إدانات متتالية

ورغم الإدانات الأوروبية المتتالية لتركيا في الملف الحقوقي لم تلتفت أنقرة إلى ممارساتها رغم ما صرح به مرارًا الرئيس التركي رجب أردوغان بوجود تحسينات في ملف حقوق الإنسان، وتدين المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا بانتظام بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت بشكل خاص بعد محاولة الانقلاب المزعوم في يوليو 2016 والتي أعقبتها حملة وصفتها أنقرة بأنها “تطهير كبرى” في صفوف الجيش والقضاء والإعلام والمنظمات غير الحكومية.

وقالت المحكمة، أعلى هيئة قضائية لدى مجلس أوروبا، أمس الثلاثاء، إن “وضع أصوات قيد الحجز الاحتياطي يؤدي الى آثار سلبية متعددة، للأشخاص الموقوفين وللمجتمع بأسره”، وأضافت أن “فرض إجراء يؤدي إلى الحرمان من الحرية، كما كان الوضع في هذه الحالة، له تأثير كبير على حرية التعبير عبر ترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المعارضة”.

تركيا والاتحاد الأوروبي

وبعد مرور أقل من شهر على مطالبة أعضاء في البرلمان الأوروبي تعليقًا رسميًا لمفاوضات عضويتها في الاتحاد الأوروبي، أوضح مقرر البرلمان الأوروبي ناتشو سانشيز أمور، أن تراجع تركيا عن مسار الإصلاحات الديمقراطية قاد إلى تجميد مفاوضات عضويتها. وبشأن السياسة الرسمية التركية، أوضح مقرر البرلمان الأوروبي أن خطاب الحكومة التركية يدغدغ الداخل ولا يلقى صداه في أوروبا، مشيرًا إلى أنه سيرفض أي اتفاق جمركي جديد لا يقترن بتحسن أوضاع حقوق الإنسان في تركيا.

انخرطت حكومة تركيا في عهد رجب أردوغان، في حملة ممنهجة لإسكات الصحافيين والمعارضين السياسيين والمعارضين ونشطاء المجتمع المدني والأقليات في جميع أنحاء تركيا، فضلاً عن استهداف المواطنين الأتراك خارج حدودها.

وبالتالي فالزمجرة الأوروبية بوجه الممارسات التركية المسيئة لحقوق الإنسان، لم تكن وحيدة، إذ قدم العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكيين البارزين، مشروع قانون تعزيز حقوق الإنسان في تركيا، ويهدف التشريع إلى تحميل تركيا المسؤولية عن الانتهاكات الداخلية التي ارتفعت منذ عام 2016. ويأتي هذا التشريع في أعقاب اعتراف الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بالإبادة الجماعية للأرمن.

وتواصل تركيا استهداف ومضايقة الأقليات في الداخل والخارج وسجن الأشخاص، بسبب مخالفات بسيطة، وأنشأت تركيا قاعدة عسكرية جديدة في العراق، ولا يزال المتطرفون المدعومون من تركيا في سوريا يهددون الأكراد والإيزيديين والمسيحيين، كما تعرض أكثر من 3 آلاف طالب لانتهاكات حقوقهم أثناء ممارسة حريتهم في التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات في الفترة 2015-2019، وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن مؤسسة حقوق الإنسان التركية، وأكد التقرير الذي شمل الفترة ما بين عامي (2015-2019) أن 3102 طالب تعرضوا لانتهاكات حقوقهم أثناء ممارستهم لحريتهم في التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات في فترة السنوات الأربع هذه.

وأشار التقرير إلى اعتقال 2077 طالبًا بسبب الأحداث التي شاركوا بها خلال هذه الفترة، وتم القبض على 203 من هؤلاء الطلاب.

وبعدما أطلقت منظمة حقوقية قبل أشهر تحذيرات من ازدياد الوفيات في السجون التركية مع تفاقم تفشي فيروس كورونا المستجد في تركيا، لم يتغر الحال كثيرًا هذه الأيام، أصدرت لجنة السجون التابعة لجمعية حقوق الإنسان- فرع إسطنبول، تقريرها الفصلي حول انتهاكات الحقوق المرتكبة في سجون منطقة مرمرة، والتي تضم 7 ولايات أبرزها إسطنبول، وبورصة، وتكيرداغ، وجناق قلعة، وكوجالي، وصقاريا.

يذكر أن المحادثات بين تركيا والاتحاد الأوروبي حول ملف دخول الأولى عضوية الاتحاد كانت بدأت في عام 2005، وتوقفت في السنوات الأخيرة بسبب الأزمات السياسية والدبلوماسية، كما قرر الاتحاد الأوروبي تعليقها رسميًا.

ربما يعجبك أيضا