«داعش» يتراجع تكتيكيًّا في العراق.. المؤشرات والدلالات

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

أثارت العملية النوعية التي نفذها جهاز مكافحة الإرهاب بالعراق والتي أسفرت عن مقتل جبار سلمان علي المُلقب “أبوياسر العيساوي” والذي يشغل منصب والي العراق ونائب الخليفة المزعوم لتنظيم داعش الإرهابي، مجموعة من التساؤلات والدلالات حول مصير التنظيم ومدى قدرته على مواجهة الخطط المحكمة لإنهاء وجوده تمامًا في مختلف مناطق العراق، خاصة بعد التفجير الانتحاري المزدوج الذي هز بغداد وأسفر عن مقتل وإصابة العشرات.

وفي الوقت الذي اعترف التنظيم “ضمنيًا” بمقتل أبوياسر العيساوي الذي يُعتقد بأنه والي العراق ونائب الخليفة، في أسبوعية النبأ (عدد 272)، وغيره من القيادات والعناصر الفاعلة، وذلك عبر تكرار الدعوة للصبر وذكر البلاء والمحن والإصابات أكثر من مرة مستدعيًا حديث النبي محمد: “ما من سرية تغزو فتخفق وتصاب إلا تم أجورهم”.

وفي سياق ذي صلة، قال الباحث في شؤون الإرهاب والجماعات المسلحة، أحمد سلطان: للمرة الأولى منذ أشهر طويلة، تتراجع وتيرة عمليات داعش في العراق لأقل معدل لها خلال أعوام (8 عمليات فقط) لتصبح غرب أفريقيا ساحة العمليات الرئيسية للتنظيم خلال الأسبوع الماضي.

دراسة جيدة

ومن الواضح أن العيساوي كان يلعب دورًا محوريًا في تنسيق عمليات داعش في العراق، لذا يُعزى تراجع العمليات لمقتله وإطلاق القوات الحكومية حملات ضد خلايا التنظيم المتناثرة.

ما حدث بحاجة لدراسة جيدة، لأنه يثبت أن نمط المركزية القيادية/ الإدارية لا يزال موجودًا بدرجة ما على المستوى التكتيكي التعبوي وليس على مستوى الاستراتيجية فحسب، وهذا خلافًا للتحليلات السابقة التي تُغرق في تحليل نمط العمل اللامركزي لداعش في إطار حرب العصابات الحالية.

قيادات داعش

العراق هي ساحة العمليات المركزية وإن آلاف من مقاتلي داعش موجودين فيها لكن في صورة شبكات وخلايا محدودة العدد، التنظيم هناك يركز على استنزاف الحكومة عسكريًا واقتصاديًا ويسعى لفرض الفشل عليها بمعنى إذا أعلنت الحكومة القضاء على التنظيم في مكان أو منطقة يقوم التنظيم بالضرب فيها من جديد ليثبت أن الحكومة عاجزة عن مواجهته ويحاول اكتساب الزخم ورفع معنويات عناصره، كما أن العراق تنحدر منها أغلب القيادات التنظيمية الداعشية وهي أيضًا مركز الثقل في عمليات التمويل على مستوى العالم ويشارك في عمليات التمويل اثنين من أبرز قادة داعش هم أبومريم العراقي وأبوآمنة العراقي.

وبحسب توقعات لن تستمر حالة تراجع عمليات تنظيم داعش الإرهابي تلك لفترة طويلة، وأن داعش سيستعيد الزخم قريبًا وسيضرب بشراسة من جديد، وأن انبعاث التنظيم سيكون من العراق الذي يعيش حالة فوضى وفساد وانفلات وطائفية مستعصية وستثبت الأيام.

وطبقا لتقديرات عراقية يوجد حاليًا نحو 3.500 مقاتل في العراق، ومع تراجع تنظيم “داعش”، لم يعد بإمكانه تنفيذ عمليات كبيرة، رغم استمرار خلاياه النائمة والناشطة في محاولة الحصول على أسلحة، حيث تؤكد التقارير الاستخبارية أن التنظيم الإرهابي يملك فقط حاليًا أسلحة خفيفة، كما أنه فقد الجزء الأكبر من شبكة اتصالاته ومصادر تمويله على مستوى العالم، وإذا ما قرر “داعش” القيام بعمليات فإنها تكون من نوعية محدودة، ويتم في الغالب تنفيذها من قبل مجموعات صغيرة متحركة لا تضم في العادة أكثر من عشرة أشخاص، كما أن هذه الاعتداءات تحصل في الغالب في مناطق نائية خارج المدن، ويتعلق الأمر بتنفيذ عمليات سريعة مثل وضع حواجز على الطرق والاعتداء على منشآت حدودية عسكرية.

ربما يعجبك أيضا