دبلوماسية الإمارات تقود إجماع مجلس الأمن لصالح حل الدولتين

إسراء عبدالمطلب
مجلس الأمن

البيان الرئاسي الأخير لمجلس الأمن يعد اختبارًا حقيقيًّا لتحديد مدى التزام إسرائيل بالقانون الدولي وبالقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة.


قادت الدبلوماسية الإماراتية انتصارًا دوليًّا تاريخيًّا لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود العام 1967.

واعتمد مجلس الأمن الدولي بيانًا رئاسيًّا،  يوم الاثنين 20 فبراير 2023، يعارض التدابير الإسرائيلية أحادية الجانب، التي من شأنها عرقلة آفاق حل الدولتين في الأرض الفلسطينية المحتلة، ويسرت دولة الإمارات صدور هذا القرار المهم بصفتها عضوًا منتخبًا في المجلس.

تنديد بالتعصب والتمييز

في سابقة، أشار مجلس الأمن الدولي، في البيان الرئاسي، للمرة الأولى إلى كراهية الإسلام ومعاداة السامية وكراهية المسيحية، في سياق إعرابه عن قلقه العميق إزاء حالات التمييز والتعصب وخطاب الكراهية.

وأعرب البيان عن بالغ قلقه واستيائه لإعلان إسرائيل في 12 فبراير الحالي، عزمها شرعنة 9 بؤر استيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والسماح ببناء 10 آلاف وحدة استيطانية عليها، مشددًا على أن استمرار أنشطة الاستيطان الإسرائيلية يهدد بنحو خطير إمكانية تحقيق حل الدولتين، على أساس حدود 1967.

تجنب الأعمال الاستفزازية

شدد البيان الرئاسي للمجلس على أهمية خفض التصعيد وتجنب الأعمال الاستفزازية، وأدان جميع أعمال العنف المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين، ودعا الأطراف كافة إلى إدانة أعمال الإرهاب والامتناع عن التحريض على العنف، ومتابعة المساءلة عن جميع أعمال العنف، التي تستهدف المدنيين.

وأكد على تساوي حق كل من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني في التمتع بالحرية والأمن والازدهار والعدالة والكرامة، وأقر بالدور الخاص للمملكة الأردنية في ما يتعلق بالمقدسات في مدينة القدس، داعيًا إلى ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم للمدينة ومقدساتها.

أول قرار دولي بشأن فلسطين منذ 6 سنوات

عبّرت المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، السفيرة لانا نسيبة، عن امتنانه اعتماد البيان الرئاسي بنجاح، الذي يعد أول قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي بشأن هذا الملف منذ أكثر من 6 سنوات، شددة على ضرورة أن يظل المجلس موحّدًا وحازمًا في التأكيد على أن استمرار الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية يقوّض حل الدولتين بنحو خطير.

وأشارت السفيرة نسيبة إلى أنه بعد مرور عام من الاستفزازات والتوترات والعنف المتصاعد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي أدت إلى مزيد من التآكل في آفاق حل الدولتين، كان من الضروري للغاية أن يجدد مجلس الأمن الدولي التزامه برؤية فلسطين المستقلة، تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل في سلام، بحسب ما جاء في بيان لوزارة الخارجية الإماراتية.

ترحيب فلسطيني بمساعي الإمارات

قال المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أنور بن محمد قرقاش، إن الدبلوماسية الإماراتية قادت جهودًا دقيقة وتحركات بناءة ونشطة لصالح القضية الفلسطينية، أسفرت عن صدور البيان الرئاسي لمجلس الأمن وأضاف أن البيان هو الأول في مجلس الأمن لصالح الحق الفلسطيني منذ 9 سنوات.

ورحبت منظمة التحرير الفلسطينية ببيان مجلس الأمن الدولي، وقال أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة، حسين الشيخ، في بيان أمس الثلاثاء: “نرحب بالبيان الرئاسي لمجلس الأمن… ونشكر الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وبالأخص المجموعة العربية برئاسة دولة الإمارات.”

غضب إسرائيلي

عقّب وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، الثلاثاء، على القرار، الذي وصفه بـ”البيان الأحادي الجانب”، مضيفًا أنه يتجاهل “الإرهاب الفلسطيني وتحريض وتمويل السلطة للإرهابيين وعائلاتهم”. وقال كوهين إن البيان وصمة عار على الأمم المتحدة، التي اتهمها بالانحياز إلى فريق دون آخر، ومنح الضوء الأخضر بنحو غير مباشر لمنظمات “الإرهاب الفلسطينية”، وفق تعبيره.

وألقى مندوب تل أبيب في الأمم المتحدة، جلعاد أردان، كلمة هاجم فيها القرار، وقال :”أنتم تجلسون هنا وفقط تعبرون عن مخاوفكم من الرد الإسرائيلي على أنشطة الفلسطينيين، لكنكم لا تفهمون أن الفلسطينيين ينتهكون جميع الاتفاقيات القائمة والقوانين الدولية”.

بيان مجلس الأمن الدولي

بيان مجلس الأمن الدولي بشأن الأعمال الاستيطانية في فلسطين

إلقاء اللوم على الولايات المتحدة

انتقد ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بيان مجلس الأمن ووصفه بأنه “أحادي الجانب وينكر حق اليهود بالعيش في وطنهم التاريخي”، ويتجاهل العمليات التي ينفذها الفلسطينيون في القدس.

وأضاف الديوان أن البيان يتجاهل حقيقة أن السلطة الفلسطينية “تدعم الإرهاب وتدفع لعائلات إرهابيين”، وتختزل من معاداة السامية، التي قادت الى قتل ملايين اليهود، متابعاً أن هذا البيان ما كان يجب أن يصدر وما كان على الولايات المتحدة الانضمام إليه.

ممارسات إسرائيل تهدد المنطقة ككل

قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي بحركة فتح، الدكتور جهاد الحرازين، في تصريح لشبكة رؤية الإخبارية، إن بيان مجلس الأمن جاء معبرًا عن إجماع أعضائه الـ15 بشأن مجموعة من القضايا المهمة التي تشكل حالة الصراع والانفجار في فلسطين.

وأوضح أن الاعتداءات والجرائم اليومية، التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك شرعنة البؤر الاستيطانية ومواصلة الاستيطان، وإقرار مجموعة من التشريعات العنصرية، جميعها تهدد حل الدولتين، وتقضي على عملية السلام، بما يؤثر في استقرار المنطقة بأسرها.

إسرائيل تواجه اختبارًا حقيقيًّا

قال الحرازين الدولة الإمارات قادت العمل مع المجموعة العربية والمجموعات الدولية بالتنسيق مع فلسطين، لصدار قرار من مجلس الأمن بشأن الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، لكن في ظل تعنت بعض الدول لإفشال مشروع القرار، جرى الاتفاق بعد مشاورات مكثفة وعميقة على إصدار بيان رئاسي، ما شكل موقفًا دوليًا رافضًا لكل سياسات حكومة تل أبيب.

وشدد على أن هذا البيان الرئاسي يعد اختبارًا حقيقيًّا من مجلس الأمن لتحديد مدى التزام إسرائيل بالقانون الدولي وبالقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، بما يتوافق وقواعد القانون الدولي والأعراف والمواثيق الدولية كافة.

ربما يعجبك أيضا