ذئبان أبيض وأزرق يتربصان بالفلسطينيين.. والاحتلال سيقتلع العين الحقوقية

محمود

رؤية – محمد عبد الكريم

القدس المحتلة – كشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية عن مراقبة الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين عبر نظام تعرّف على الوجوه من خلال شبكة الكاميرات وهواتف ذكية بحوزة الجنود. وقالت الصحيفة إن جيش العدو طوّر خلال العامين الأخيرين تطبيقاً هاتفياً يمكّن الجنود من تشخيص وجوه الفلسطينيين لمعرفة ما إذا كان يجب اعتقالهم.

وتعرف هذا التقنية بتسمية «ذئب أزرق»، ويستخدمها جيش العدو في حملات الاعتقال في الضفة الغربية المحتلة، حيث تبيّن أن الجنود يتنافسون في ما بينهم حول من التقط صوراً أكثر للفلسطينيين، مقابل جوائز.

ونقلت الصحيفة عن جندي إسرائيلي قوله إن الجيش كلّف وحدات، العام الماضي، بتصوير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين بواسطة هاتف عسكري قديم، وتلقّوا جوائز مقابل ذلك. وفي شهادة أخرى قال جنديان سابقان إنه «تم إجراء مسابقة في وحدات الجيش المعنية على التقاط صور لفلسطينيين في الضفة الغربية، ما شكّل قاعدة بيانات كبيرة يستند التطبيق الهاتفي إليها».

ويومض تطبيق الهاتف بألوان مختلفة لتنبيه الجنود إذا كان الشخص سيُعتقل أو يتم إخلاء سبيله. ويحتفظ التطبيق بصور آلاف الفلسطينيين، بينهم أطفال ومسنّون. ووصف جندي تسرّح من الخدمة العسكرية، التطبيق، بأنه «فيسبوك للفلسطينيين».

بدورها، قالت مجنّدة مسرّحة من وحدة استخباراتية «لم أكن لأشعر بارتياح لو كانوا يستخدمون هذا الأمر في مجمّع تجاري قرب بيتي في إسرائيل. الأفراد يقلقون من بصمة إصبعهم، لكن هذا مخيف أضعاف ذلك».

يشار إلى أن تحقيق الصحيفة استند أيضاً إلى شهادات جنود جمعتها حركة «نكسر الصمت»،

بالإضافة إلى تطبيق «ذئب أزرق»، يتم استخدام كاميرات تعرف على الوجه المزروعة في المدينة، لتكون بحوزة الجنود في الحواجز العسكرية في الخليل صور تمكنهم من التعرف على الفلسطينيين الذين يمرون من خلالها.

كذلك تستخدم إسرائيل نظاماً واسعاً من الكاميرات في دائرة مغلقة، وتزوّد توثيقاً فورياً لسكان المدينة. وقال جندي مسرّح إنه قادر على تعقّب المواطنين في بيوتهم.

ويستخدم جيش العدو تطبيقاً آخر، تطلق عليه تسمية «ذئب أبيض»، يستخدم من أجل التعرف على فلسطينيين قبل دخولهم إلى العمل في أراضي فلسطين المحتلة لعام 1948.

بيغاسوس يعشش في هواتف الفلسطينيين

وكشف خبراء حماية أمنية من هجمات السايبر، عن أن برنامج التجسس الهجومي «بيغاسوس»، الذي طوّرته شركة «إن إس أو» الإسرائيلية، وُجد على هواتف ستة فلسطينيين من نشطاء حقوق الإنسان، وأن ثلاثة من هؤلاء يعملون في المؤسسات المدنية الفلسطينية التي أعلنت إسرائيل في وقتٍ سابق وضعها على «لائحة الإرهاب».

وبحسب تقرير لمعهد «ساتيزن لاب»، في جامعة تورنتو، فإن هذه هي المرّة الأولى التي يتبيّن فيها أن إسرائيل استخدمت «بيغاسوس» للتجسس على نشطاء فلسطينيين، بعدما تبيّن أن دولاً وكيانات استخدمت البرنامج الإسرائيلي منذ عام 2015 للتجسس على نشطاء حقوق الإنسان.

وبحسب مصادر فإن التجسس طاول عدداً من موظفي وزارة الخارجية الفلسطينية الذين لم تُكشف هوياتهم بعد، لكن من المرجح أن يكونوا موظفين على علاقة وثيقة بملف المحكمة الجنائية، كما طاول ناشطين في منظمات مجتمع مدني فلسطينية وموظفين في السلطة الفلسطينية.

وفي التفاصيل، كشفت مؤسسة “الحق” عن أنها اكتشفت يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول، أن أحد موظفيها، وهو الباحث الميداني في القدس غسان حلايقة، قد تم اختراق جهازه من قبل برنامج “بيغاسوس”، ما دفع مؤسسة “الحق” إلى التواصل مع بقية المؤسسات المستهدفة من الاحتلال، وفحص بعض الهواتف الذكية لموظفيها، وتحديداً “آيفون”، ليتضح أن جهاز مدير مؤسسة “بيسان” للأبحاث، أبي العابودي، والذي يحمل الجنسية الأميركية، قد تعرّض أيضاً للاختراق، والمحامي المدافع عن حقوق الإنسان صلاح الحموري، والذي يحمل الجنسية الفرنسية، قد تم اختراق هاتفه فعلياً”.

وتفيد المعلومات بأنه تم إخضاع أجهزة “آيفون” التابعة لبعض الموظفين للفحص، فيما تعذّر فحص هواتف “أندرويد” وغيرها.

الاحتلال يسعى لتصفية المنظمات الحقوقية

أكدت وكالات الأمم المتحدة ورابطة وكالات التنمية الدولية، وقوفها إلى جانب منظمات المجتمع المدني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي صنفتها إسرائيل مؤخرا على أنها “منظمات إرهابية”.

ووصف بيان للأمم المتحدة القرار الإسرائيلي بأنه “تآكل إضافي للفضاء المدني والإنساني”، مشددا على أنه “يقيد بشكل كبير عمل المنظمات الست التي عملت مع المجتمع الدولي، بما في ذلك مع الأمم المتحدة، لعقود من الزمن، لتقديم الخدمات الأساسية لعدد لا يحصى من الفلسطينيين”.

وجاء في البيان أن “قرار قائد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية في 7 نوفمبر بالإعلان بموجب أوامر عسكرية أن ست منظمات غير حكومية فلسطينية هي منظمات غير مرخصة في الضفة الغربية- ما يجعل عملها غير قانوني، يعمق قلق وكالات الأمم المتحدة ورابطة وكالات التنمية الدولية أيدا (AIDA)، العاملة في الأرض الفلسطينية المحتلة”.

من جانبها، أوضحت المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة، لين هاستينغز: “هذه المزاعم تؤخذ على محمل الجد.. حتى الآن، لم تتلق أي من وكالات الأمم المتحدة أو منظمات أيدا AIDA وثائق مكتوبة يمكن أن تكون بمثابة أساس لهذه الادعاءات”.

وأكملت: “سنواصل التواصل مع جميع الشركاء المعنيين للحصول على مزيد من المعلومات”.

وكان قد تم تصنيف ست منظمات غير حكومية فلسطينية، هي مؤسسة “الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان”، و”مؤسسة الحق”، و”الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين”، و”اتحاد لجان العمل الزراعي”، ومركز “بيسان للبحث والانماء”، و”اتحاد لجان المرأة الفلسطينية”، كمنظمات إرهابية بموجب أمر وقعه وزير الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، في 22 أكتوبر، وقد صادق الجيش على هذا القرار يوم الأحد الماضي (7 نوفمبر).

بعد أيام من تصنيف جيش الاحتلال 6 مؤسسات فلسطينية «كمنظمات إرهابية» وقع ما يسمى قائد «لواء المركز» في جيش الاحتلال والمسؤول عن منطقة الضفة المحتلة أمراً بحظر هذه المؤسسات الأهلية ويلاحقها عسكرياً.

ويسمح الأمر الجديد الذي وقعه جيش الاحتلال باعتقال أي من أعضاء هذه المنظمات الستة ومن يتعاون معها وكذلك مصادر معداتها وإغلاق مقارها والأموال التي توجد في أرصدتها.

وفي وقت سابق، قالت صحيفة «هآرتس» العبرية إن القرار الذي أصدره غانتس، الشهر الماضي، لم يتم إخراجه عن القانون، وليس بمقدور دولة الاحتلال الآن محاكمة أي من العاملين فيها أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية في الضفة، مضيفة أن أمراً بحظر المنظمات سيصدر قريباً، وهو ما حدث أمس بالفعل.

ويتهم الاحتلال المؤسسات بارتباطها بـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، وأنها تُغطي هذا الارتباط بغطاء منظمات المجتمع المدني دولياً، وتحصل على مبالغ مالية كبيرة من دول أوروبية ومنظمات دولية لصرف معاشات لعائلات المعتقلين الفلسطينيين الأمنيين وعائلات شهداء فلسطينيين، ولنشطاء الجبهة الشعبية، ولتعزيز دورهم في مدينة القدس خاصة، على حد قول البيان.

وأخيراً، فشلت دولة الاحتلال في تبرير قرارها بوصم المنظمات الفلسطينية بالإرهاب أمام الولايات المتحدة والدول الأوروبية نظراً «لضعف الأدلة الواردة فيه»، بحسب وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية، إذ إن التقرير الذي أرسلته دولة الاحتلال إلى تلك الدول بوصفه يحمل «أدلة تبرر تصنيف إسرائيل 6 منظمات مجتمع مدني فلسطينية جماعات إرهابية»، يعتمد بشكل شبه كامل على استجواب محاسبين اثنين كانا يعملان سابقاً لدى اتحاد اللجان الصحية الذي حظرته إسرائيل في كانون الثاني 2020، إذ إن هذين الشخصين تم فصلهما عام 2019 بتهمة اختلاس الأموال، وتم اعتقالهما في وقت لاحق من قبل الاحتلال.

وفي ذات الإطار عقد أمس مجلس الأمن الدولي، اجتماعاً مغلقاً، لمناقشة آخر التطورات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك تصنيف سلطات الاحتلال ست منظمات مدنية ومنظمات حقوق إنسان فلسطينية بـ«الإرهاب»، وأعلن مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور أن حراكاً مستمراً على صعيد المنظمات الدَّولية لمطالبة مجلس الأمن والجمعية العامة بتحمُّلِ المسؤولية تجاه تنفيذ قراراتها، بخاصة القرار 2334 الخاص بالاستيطان، فيما ستصوت اللجنة الرابعة في الجمعية العامة على مشاريع القرارات المدرجة أمامها، من بينها قرار خاص بالاستيطان سيطرح للتصويت عليه اليوم الثلاثاء.

والمنظمات التي يشملها القرار هي: مؤسسة الحق التي تتمتع بالصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي الاجتماعي في الأمم المتحدة، وعضوية الشبكة اليورومتوسطية لحقوق الإنسان، وعضوية المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، وعضوية التحالف الدولي للموئل، وهي فرع لجنة الحقوقيين الدوليين في جنيف.

ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، وهي عضو في الشبكة العالمية لمناهضة التعذيب، وعضو في الائتلاف من أجل الدفاع عن الحقوق والحريات، وعضو في الائتلاف الدولي لمناهضة سياسة العزل، وغيرها من ائتلافات محلية وإقليمية ودولية.

والثالثة هي الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، التي تعتبر أحد فروع الائتلاف الدولي للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، والتي تتمتع بصفة استشارية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (UNESCO) والمجلس الأوروبي.

والرابعة هي اتحاد العمل الزراعي، وهو مؤسسة زراعية أهلية غير حكومية، تأسست عام 1986 بمبادرة من مجموعة من المهندسين الزراعيين، وتعتبر واحدة من كبرى مؤسسات التنمية الزراعية في فلسطين، والتي تعتمد على عمل المتطوعين بالكامل. والمؤسسة الخامسة هي اتحاد لجان المرأة الفلسطيني، وهو منظمة نسوية أهلية تأسست في عام 1980، وتعمل على الارتقاء بوضع المرأة الفلسطينية وتمكينها.

وآخر هذه المؤسسات هي مركز بيسان للبحوث والإنماء، وهو مؤسسة أهلية غير هادفة للربح تعمل منذ عام 1989 من أجل تعزيز صمود الشعب الفلسطيني والمساهمة في بناء مجتمع فلسطيني تقدمي.

ربما يعجبك أيضا