ذا هيل | الاتحاد الأوروبي يحتاج لتسمية حزب الله بأكمله جماعة إرهابية

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

كان الانفجاران اللذان مزّقا بيروت يوم 4 أغسطس هما آخر كارثة حلت بلبنان، البلد المحاصر بأزمة مالية ضخمة وجائحة فيروس كورونا. قتل الانفجاران 160 شخصًا على الأقل، وجرحا الآلاف وتركا الكثيرين بلا مأوى، فيما ألقى المسئولون اللبنانيون اللوم على مخبأ يحتوي على 2750 طنًّا من نترات الأمونيوم، التي خُزنت بطريقة غير مناسبة لسنوات في مستودع بمرفأ المدينة.

كانت هذه المادة الكيميائية هي المفضلة لحزب الله في تنفيذ الهجمات، على الرغم من أن الوكيل الإيراني أنكر تخزينها في المرفأ الذي يسيطر عليه. وفي حين أنه من غير الواضح حاليًا من امتلك نترات الأمونيوم الضالعة وراء الانفجارات، خزّن حزب الله واستخدم نفس المادة بالخارج، بينما أفلت من إدراج الاتحاد الأوروبي له كتنظيم إرهابي.

في 2012 على سبيل المثال، جرى تفجير حافلة تقل سائحين إسرائيليين في بورجاس، بلغاريا؛ ما نتج عنه مقتل ستة أشخاص وإصابة العشرات. ربطت السلطات البلغارية، والأمريكية والإسرائيلية الهجوم بحزب الله، وحددت وكالات إنفاذ القانون أن "نترات الأمونيوم كانت مكونًا نشطًا في المتفجرات"، بحسب شكوى لوزارة العدل الأمريكية.

لم يكن تفجير بورجاس حادثًا منفصلًا؛ فقبلها بثمانية عشر عامًا، قاد انتحاري شاحنة محملة بنترات الأمونيوم والمازوت إلى مركز جالية يهودية في بوينس آيريس، وقتل 85 شخصًا وجرح المئات، واتهم المدعون الأرجنتينيون حزب الله بتنفيذ المجزرة بتوجيه من إيران.

في الواقع، تمتلك إيران سجلًا موسعًا من توجيه وكيلها حزب الله بتنفيذ هجمات على الأراضي الأجنبية. في نفس العام الذي وقعت فيه مذبحة بورجاس، اتُّهمت إيران بالتآمر ضد أهداف أمريكية وإسرائيلية وغربية في أذربيجان؛ وترتيب تفجيرات ضد دبلوماسيين إسرائيليين في الهند وجورجيا. جرى الكشف أيضًا عن مخططات في تايلاند وكينيا وقبرص، حيث جرى القبض على عميل لحزب الله بسبب دوره في محاولة لمهاجمة سائحين إسرائيليين. وقال العميل للشرطة: "كنت فقط أجمع معلومات عن اليهود. هذا هو ما يفعله تنظيمي، في كل مكان في العالم".

في 2013، أدرج الاتحاد الأوروبي أخيرًا الجناح العسكري لحزب الله كتنظيم إرهابي. هذا مهّد الطريق للدول الأعضاء ليجمدوا الأموال المرتبطة بالجناح العسكري لحزب الله ولتعاون أكبر في مجال إنفاذ القانون، غير أن الحظر لم يُطبق على الجناح السياسي للوكيل الإيراني، وهو ما مكّنه من مواصلة العمل في الاتحاد الأوروبي بفاعلية وأضعف تأثير إدراجه ضمن التنظيمات الإرهابية. ومع الأسف، تمييز التسمية الإرهابية بين جناحين غير منطقي، لأن كل عمليات حزب الله تخضع لتنسيق وتوجيه نخبه السياسية. وفي الحقيقة، حتى قيادة حزب الله رفضت هذا التمييز وسخرت منه.

في الوقت نفسه، واصل حزب الله ورعاته الإيرانيون التخطيط لهجمات إرهابية في أوروبا. في 2015، قُبض على عملاء مرتبطين بحزب الله وهم يخزنون أكثر من ثلاثة أطنان من نترات الأمونيوم في بريطانيا، و8.5 طن من نفس المادة في قبرص. في 2018، اتهمت فرنسا إيران بالسعي لتفجير حشد لجماعة معارضة في باريس، وفي شهر يونيو، حكمت محكمة دنماركية على رجل على خلفية مخطط إيراني لقتل ناشط معارضة إيراني في الدنمارك، وفي شهر يوليو، ظهرت تقارير عن أن إسرائيل أحبطت هجمات إيرانية على بعثاتها الدبلوماسية في أوروبا.

يحافظ حزب الله على نطاق نفوذه إلى حد كبير من خلال دعم إيران، الذي – بحسب التقديرات الأمريكية في عام 2018 – يصل إلى 700 مليون دولار سنويًّا. ومع هذا يحافظ أيضًا على جهاز مستقل لجمع الأموال، حيث يشارك في غسيل الأموال، والإتجار في المخدرات، والعمليات الإجرامية الأخرى في أنحاء أوروبا، ويستغل الشركات ومجموعات الواجهة الخيرية لتوصيل الموارد إلى عملياته الإرهابية.

وفي شهر أبريل من هذا العام، حظرت ألمانيا بشكل منفرد حزب الله بأكمله، بعد أن تلقت معلومات عن مخبأ لنترات الأمونيوم في جنوب البلاد، كما أدرجت ليتوانيا الحزب كجماعة إرهابية هذا الشهر. تتواءم هذه المواقف مع تلك التي تبنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وإسرائيل والأرجنتين والجامعة العربية وآخرون، غير أن معظم دول الاتحاد الأوروبي تواصل الاعتماد على تسمية الاتحاد غير الكافية، والتي تمنح أنشطة حزب الله لجمع الأموال متنفسًا كبيرًا.

وكما ذكر اليوروبول (وهو وكالة إنفاذ القانون الأوروبية) في تقرير حديث، تواجه التحقيقات الخاصة بحزب الله "مصاعب في إثبات أن الأموال المجمعة تصل إلى الجناح العسكري للتنظيم". إن مواءمة التصنيف الإرهابي لحزب الله مع حقيقة عملياته ستُمكن سلطات إنفاذ القانون الأوروبية من استهداف الجماعة ومواردها داخل الاتحاد الأوروبي بصورة شاملة.

ولا شك أن التسمية الكاملة ستساعد أيضًا في نزع الشرعية عن الحزب في وقت استقالت فيه الحكومة اللبنانية، ويتظاهر المواطنون الغاضبون ضد النخبة الحاكمة، ومن الملاحظ أن بعض هؤلاء المحتجين يوجهون غضبهم ضد حزب الله، ويشنقون دمى قادته. إن اللبنانيين غاضبون على نحو مبرر من مخالفات الطبقة الحاكمة التي هيأت الظروف لهذه المأساة بعد تدمير الاقتصاد اللبناني، لكن توجد أدلة أيضًا على أنهم ضاقوا ذرعًا باستغلال حزب الله الطفيلي لبلادهم، ولا ريب أن تصعيد نزع شرعية حزب الله بات أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى لدعم تحرك اللبنانيين لتحرير بلادهم من إيران ووكلائها.

هناك حاجة للإصلاحات العميقة إذا كان لبنان لديه أي أمل في استعادة الحوكمة الطبيعية. ومع الأسف، حزب الله، الذي يستغل النظام السياسي الضعيف في لبنان للعمل دون شفافية أو مساءلة، يمثّل حاجزًا كبيرًا أمام هذا الإصلاح وآمال الشعب اللبناني. وعن طريق إدراج أبرز وكيل لطهران على القائمة السوداء بصورة شاملة، سوف يشير الاتحاد الأوروبي بشكل حاسم إلى أن حزب الله ليس فاعلًا شرعيًّا، وأنه يهدد بشكل مباشر الاستقرار داخل لبنان وخارجه، ويجب مواجهته إذا كان لبيروت أمل في التعافي الحقيقي.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا