ذا هيل | ترامب يجب أن يعود لما نجح فيه مع كوريا الشمالية والحرب الباردة

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

عاد الرئيس دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم يونج أون مجددًا إلى نقطة الصفر، مستخدمين نفس الإهانات الشخصية والتهديدات الوجودية التي بدأت اتصالاتهما الرسمية منذ عامين.

لقد اختفت الآن "الخطابات اللطيفة" والمودة المتبادلة المعلنة التي ميّزت العلاقة خلال تلك الفترة. من الجدير بنا تحري ما أدى إلى التحولات السياسية من العداء إلى التعاون الناشئ ومجددًا إلى العداء الصريح.

وراء خطاب "رجل الصواريخ" المبدئي كانت هناك حملة "ضغط أقصى" أمريكية والتي كان لها ثلاثة عناصر يعززون بعضهم البعض: عقوبات اقتصادية شاملة، وتحذيرات جادة بعمل عسكري إذا وسعت كوريا الشمالية تهديدها الأمني ضد أمريكا و/أو حلفائها، وإدانة مباشرة ومتحدية للنظام لسجل حقوق الإنسان الشنيع لبيونج يانج.

إن الهجوم السياسي ثلاثي الأبعاد لإدارة ترامب، مصحوبًا بالأسلوب الشخصي القوي للرئيس، قدّم لكوريا الشمالية احتمالًا موثوقًا، للمرة الأولى منذ الحرب الكورية، بأن قبضتها على السلطة كانت في خطر محدق.

أصبحت بيونج يانج فجأة مستقبلة لمبادرات ترامب السخية التي وعدت بمستقبل مؤمّن ونافع اقتصاديًّا إذا وافقت على إنهاء برامجها النووية وبرامج الصواريخ الباليستية. هدأ خطاب النظام بدرجة كبيرة وتسارعت وتيرة التحضيرات الخاصة بالقمة التاريخية بين ترامب وكيم في سنغافورة في يونيو 2018.

عند تلك المرحلة، الزعيم الصيني شي جين بينج، الذي لم يشغل نفسه مطلقًا بلقاء كيم خلال سنواته الخمس في السلطة، استدعى حليفه الكوري الشمالي لبكين من أجل جلسة استراتيجية. واتضح أن هذه هي نقطة التحول المحورية في المفاوضات النووية الأمريكية -الكورية الشمالية في عصر ترامب. بعد ذلك الاجتماع، أصبحت لهجة بيونج يانج أكثر شدة، حيث أحيت بعض خطابها السابق المُعادي لأمريكا.

وفي حين أن لا أحد في الغرب يعرف كيف سار الحوار، فمن المقبول على الأقل أن نخمن أن شي، الذي كانت لديه في ذلك الوقت عدة فرص مباشرة لتقييم شخصية ترامب وإرادته، شدد من مقاومة كيم بدرجة كبيرة. ومن المرجح أنه أرسل أربع رسائل مختلفة إلى كيم:

1) أن بكين ما زالت تسانده وستقدم طوق نجاة اقتصادي ضد العقوبات الأمريكية المهددة للنظام.
 2) أن ترامب كان يتحايل حول استخدام القوة ضد كوريا الشمالية أو تدمير النظام والإطاحة به.
 3) أن ترامب قد يكون منعزلًا بصورة كبيرة عن مساعديه المتشددين.
 4) أن مصالح الأمن القومي الصينية كانت مُقحمة بشدة في مصير كوريا الشمالية لدرجة أنه لا يمكن التوصل لاتفاق دون مشاركتها ورضاها.

كان اهتمام شي التملكي المفاجئ بنتيجة المحادثات الأمريكية مع جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بمثابة ابتعاد هائل عن عقود من النبذ الصيني لالتماسات واشنطن للمساعدة، وتأكيدها المتعجرف بأن القضية النووية كانت مشكلة ثنائية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.

في الواقع، ازدهرت الصين الشيوعية سياسيًّا ودبلوماسيًّا واستراتيجيًّا من جمود المفاوضات الذي استمر لعقود حول برامج كوريا الشمالية النووية والصاروخية المزدهرة. لقد لعبت بكارت "فليساعدنا الغرب في مسألة كوريا الشمالية" بنجاح مرارًا وتكرارًا عندما واجهت تحديات بسبب سوء أفعالها في التجارة، وانتشار الأسلحة، وحقوق الإنسان، وتايوان والعدوان في بحري الصين الجنوبي والشرقي.

إن الخلاصة المستفادة من زيارة كيم الإلزامية للصين من أجل جرعة من الواقع الجيوسياسي: الصين ليس لديها نية للسماح لبيونج يانج بمقايضة سياستها التأمينية الواقية ونفوذ بكين الذي لا يُقدّر بثمن على صُناع السياسة الغربيين.

ومع أن الديكتاتور الكوري الشمالي ربما يكون قد شعر بالترهيب من تهديدات ترامب وبالإغراء من عروضه، فإن صوت سيده الاقتصادي هو من انتصر: بكين تمتلك حق الرفض. لم يحدث أي تقدم بخصوص نزع السلاح النووي خلال لقاءات ترامب – كيم اللاحقة في هانوي وبانمنجوم أو في المحادثات منخفضة المستوى المطولة.
وفي الوقت نفسه، أجرت بيونج يانج 13 اختبارًا صاروخيًّا إضافيًّا وزادت من حدة خطابها، ووصلت إلى إنذار نهائي من كيم: ابدأوا في تخفيف العقوبات قبل بداية العام الجديد أو ستحصلون على "هدية كريسماس" غير مستحبة.

كيف ينبغي أن ترد إدارة ترامب على الوضع المتدهور؟ لقد وصف المسئولون الأمريكيون اختبارات الصواريخ المتصاعدة بأنها "مزعجة للغاية" وحذروا من أن استئنافها سيكون "ذا نتائج عكسية بشدة". وبعيدًا عن الخطاب الذي يحمل غضبًا أخلاقيًا، والذي سمعته بيونج يانج وبكين من قبل وتجاهلتاه، يحتاج صناع السياسة للبحث بشكل أعمق في صندوق الأدوات الأمريكي وإحضار حملة الضغط الأقصى مرة أخرى.

ينبغي أن تُفرض العقوبات على الكيانات أو الأفراد الكوريين الشماليين الذين لم يخضعوا لها بعد. والأهم من ذلك، حان وقت العقوبات الشاملة على الأشخاص والبنوك والمؤسسات الصينية التي تقوض علنًا العقوبات الحالية على بيونج يانج. ينبغي أن يوضح الرئيس لصديقه العابر شي أن هذه الانتهاكات لم تعد "مقبولة".

إن استخدام القوة التفاعلية أو الاستباقية ضد كوريا الشمالية يمكن مناقشته بالتأكيد كإجراء حيوي إذا قامت بالمزيد من الأفعال المهددة ضد الولايات المتحدة أو حلفائها، وينبغي الإعلان عن إجراء محادثات طارئة خطيرة مع اليابان وكوريا الجنوبية حول هذه المسألة الوجودية – وأن الصين لا يمكنها حماية كوريا الشمالية من العواقب إذا أصبح هذا الإجراء ضروريًّا.

لكن الإجراءات الحركية ليست ضرورية بعد لحل مشكلة كوريا الشمالية عن طريق عزل النظام الذي يُعد السبب الجذري. إن الأداة الغربية التي كانت مهمة في إسقاط الاتحاد السوفيتي سلميًا – وهي حرب المعلومات وتوظيف سلاح الحقيقة – متوفرة بسهولة.

وتشعر بيونج يانج بالرعب من احتمالية أن يعرف سكانها كيف يعيش جيرانهم في كوريا الجنوبية مقارنة بـ"الجنة" الكورية الشمالية التي منحهم إياها الزعيم البدين على الحصان الأبيض. أو كيف يتمتع أعضاء مختارون من نخبة كيم الحاكمة بمزاياهم الخاصة، أو كيف أن بقية العالم لا يشعر سوى بالازدراء والاشمئزاز من معاملة النظام غير الإنسانية للشعب، لا سيما أولئك المحتجزين في معسكرات اعتقال شبيهة بالمعسكرات النازية.

لقد تطرق الرئيس ترامب لتلك النقاط الحساسة في ثلاث رسائل مهمة حول فساد نظام كيم في خطب في الأمم المتحدة والجمعية الوطنية لكوريا الجنوبية وحالة الاتحاد. وينبغي إعادة إحياء تلك الرسائل وتعبئتها في أدوات إعلامية متطورة وبدائية، وتوصيلها إلى عقول وأيادي الشعب الكوري الشمالي المُضطهد منذ زمن. ومثلما أظهرت الحرب الباردة، قد يكون للأفعال الأخلاقية عواقب استراتيجية. لقد حان الوقت لكي يرحل كيم، أو يخضع لإرداة الشعب الكوري الشمالي في انتخابات نظامية وتنافسية، وتحت إشراف دولي.  

وفي النهاية، جورج واشنطن، الذي امتطى أيضًا حصانًا أبيض، رفض الفرصة بأن يصبح ملكًا مدى الحياة ووثق في الناس لكي يختاروا القائد. وبالتأكيد كيم الواثق والمحبوب سيفعل الشيء نفسه.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا