ذا هيل| تركيا تسلّح اللاجئين ضد أوروبا

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

شجّعت تركيا اللاجئين السوريين على الانتقال إلى أوروبا كجزء من سياسة تبدو وأنها تستخدم اللاجئين لانتزاع امتيازات ودعم من البلدان الأوروبية لدور أنقرة في سوريا. في أواخر شهر فبراير, فتحت تركيا الحدود أمام اللاجئين للذهاب إلى اليونان وبدأت في حثهم على الرحيل في غضون 72 ساعة. وخلال أيام, أُجبرت اليونان على التعامل مع أكثر من 10 آلاف لاجئ يحاولون العبور عن طريق البر والبحر.

وقّعت دول الاتحاد الأوروبي وتركيا اتفاقًا في مارس 2016 بعد أن سعى أكثر من مليون شخص للوصول إلى أوروبا عبر تركيا, حيث كان الكثير منهم يعبرون عبر اليونان وأوروبا الشرقية إلى ألمانيا. الاتفاق, الذي انتقدته جماعات حقوق الإنسان, شهد موافقة المفوضية الأوروبية على دفع مليارات الدولارات لتركيا من أجل إبقاء طالبي اللجوء داخل تركيا. هذا منح تركيا أيضًا طريقة جاهزة لفرض السياسات عن طريق استخدام التهديد بأزمة لاجئين جديدة للحصول على امتيازات من أوروبا.

وفي قلب المشكلة ظهر أن الدول الأوروبية, المحاصرة بسياسة شعبوية داخلية مناهضة للمهاجرين, أرادت من تركيا تخفيض تدفق الأشخاص. وبحلول 2019, أصبحت أنقرة محبطة بصورة متزايدة من إخفاقاتها في شمال سوريا. لقد استولت على مناطق من سوريا عبر غزو أكبر منطقة كردية, وهي عفرين في يناير 2018 بعد أن نقلت جنودها إلى جرابلس ومناطق من عفرين في 2016 و2017. وفي أزمة متنامية مع واشنطن, هاجمت تركيا أيضًا قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة في أكتوبر 2019، وعندما انتقدت الدول الأوروبية عمليات تركيا, هددت أنقرة بإرسال اللاجئين إلى أوروبا. 

هذا خلق حلقة مفرغة والتي تُمكّن استراتيجية تركيا في شمال سوريا عن طريق ربطها بالدول الأوروبية التي ليست لها رغبة في دعم دور أنقرة في سوريا، غير أن أنقرة لا تبدو وأنها تعرف ما هدفها النهائي في سوريا. لقد أرسلت في البداية قوات إلى سوريا لمحاربة ما وصفته بـ"الإرهابيين"، وأكدت أنقرة العام الماضي أن حزب العمال الكردستاني مرتبط بقوات سوريا الديمقراطية وأن الناتو ينبغي أن يدعم حربها على "الإرهاب" في سوريا. وفي أكتوبر ونوفمبر 2019, هددت تركيا عدة مرات بإرسال اللاجئين إلى أوروبا إذا انتقد الاتحاد الأوروبي هجومها على المناطق الكردية.

تواجه أنقرة أزمة جديدة منذ شهر يناير: النظام السوري المدعوم من روسيا هاجم المتمردين السوريين في إدلب، وهرب ما يُقدّر بـ900 ألف سوري من القتال, وأرسلت تركيا قوات إلى إدلب على أمل ردع هجمات الحكومة السورية. لكن بدلًا من هذا, قُتل الجنود الأتراك. وفي 27 فبراير, قررت تركيا تسليح قضية اللاجئين وفتح الحدود. وفي اليوم التالي, كان اللاجئون على مراكب متجهة إلى اليونان، وروّجت تركيا تغطية إعلامية لوضع اللاجئين, وعرضت خرائط للاجئين وشرحت لهم كيف يصلون إلى أوروبا, كطريقة للضغط على الاتحاد الأوروبي. 

مع هذا, لم تخبر أنقرة الدول الأوروبية بما تريده تحديدًا، وتقول إنها تريد صواريخ باتريوت الأمريكية لكنها تشتري منظومات الدفاع الجوي الروسية إس-400، في الوقت الذي تدعم فيه روسيا حملة الحكومة السورية.

لكن تسليح اللاجئين لم ينجح إلا في دفع البلدان الأوروبية لعقد اجتماع طارئ في بداية شهر مارس. وعلى الرغم من أن بعض الأصوات في أوروبا أعربت عن تعاطفها مع مأزق تركيا, نظرًا لأن تركيا تستضيف حوالي 4 ملايين لاجئ سوري, إلا أنها لا تحبذ التهديدات والابتزاز الذي يستغل الناس للحصول على الدعم.

إن المأساة التي تتكشف على حدود تركيا -اليونان هي واحدة حيث يُستخدم اللاجئون كبيادق في لعبة أكبر بين تركيا وروسيا والاتحاد الأوروبي والحكومة السورية. يمتلك اللاجئون الحق في طلب اللجوء في الدول الأوروبية أو تركيا, لكن السياسة الحالية تبدو وأنها تعتبرهم ليسوا ذوي قيمة. وهذا ناتج عن أن دول الاتحاد الأوروبي لا تمتلك سياسة مشتركة حول ما تفعله مع أزمة اللاجئين في المدى البعيد. 

إن إعطاء المال لتركيا إجراء مؤقت، ولا شك أن 4 ملايين لاجئ سوري و900 ألف شخص نازح في إدلب يمثلون مجتمعًا كبيرًا والذي لن يعود لوطنه عن قريب، كما يخلق تمكين تركيا من استخدام هؤلاء اللاجئين كتهديد ضد أوروبا أزمات من المُقدر لها أن تستمر. ويُعد استخدام أنقرة للاجئين ضد حلفاء الناتو أمرًا غبر مسبوق.

وفي 5 مارس, اتفقت أنقرة وموسكو على وقف إطلاق النار في إدلب, لكن وقف إطلاق النار لا يغير المشكلة الكلية: محاولة تركيا غير المسئولة للضغط على أوروبا عن طريق استخدام الأشخاص الذين هم ضحايا للحرب في سوريا.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا