ذا هيل| سباق التسلح الأمريكي الروسي سيضر بالاستقرار الاستراتيجي

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – بسام عباس

مع موت معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، والاختبار الأخير لصاروخ كروز أرضي متوسط المدى الذي أجراه البنتاجون، وانتهاء صلاحية معاهدة ستارت الجديدة التي تلوح في الأفق، يمكن للمرء أن يتسامح مع إحساسه المسبق باندلاع الحرب الباردة.

إن الولايات المتحدة وروسيا – أكبر قوتين نوويتين في العالم – على أعتاب سباق تسلح في القرن الحادي والعشرين، والذي سيضر – بلا شك – بالاستقرار الاستراتيجي، ومع ذلك، فإنهما يجدان عقبة أخرى أمام تحقيق الاستقرار في العلاقات الأمريكية الروسية المتوترة والمتسمة بالحدة.

ويتحدث المسئولون الأمريكيون والروس في الوقت الحالي عن بعضهم البعض، ويلقون ادّعاءات حول من هو المسئول الأول عن جعل العالم مكانًا أكثر خطورة. وفي الوقت نفسه، يعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “بالرد وفقًا لذلك” على تدشين واشنطن لأنظمة إطلاق جديدة، فيما تعهّد مسئولو الدفاع الأمريكيون بتطوير واختبار ونشر صواريخ كروز بعيدة المدى وصواريخ باليستية كرد فعل على انتهاك موسكو لمعاهدة القوى النووية المتوسطة المدى.

كما سيرد الكرملين على أية زيادة في قدرات الصواريخ الأمريكية بزيادة مماثلة، وإذكاء لهيب المنافسة في نفس نوع السباق الذي ثبت لنا أنه شديد الخطورة في الماضي.

لقد توصل الرئيس “رونالد ريجان” ورئيس الوزراء السوفيتي “ميخائيل جورباتشوف” في النهاية إلى نتيجة منطقية مفادها أنه لم يكن هناك فائزون في سباق التسلح، وأنه لا يمكن تحمل هدر الموارد في تطوير صواريخ أكثر تقدمًا؛ لذا ينبغي على الرئيسين “دونالد ترامب” و”فلاديمير بوتين” تعلُّم الدرس من سلفيهما، والعمل بشكل تعاوني لمنع تفاقم الوضع.

العنصر الأول لتلك الإجراءات هو معالجة الأزمة المحتملة الناتجة عن موت معاهدة القوى النووية متوسطة المدى؛ حيث إن توجيه أصابع الاتهام بالتسبب في الحرب من أجل الصورة العامة لا يخدم أي غرض سوى زيادة تسييس جهد يهدف إلى عكس العلاقة.

وبدلاً من الانخراط في حرب كلامية، ينبغي على ترامب وبوتين إيفاد مفاوضيهم على الفور وتمكينهم من بدء مناقشة شاملة حول الحدود والقيود على أنظمة الصواريخ الأرضية والمتوسطة وطويلة المدى التي تغطيها معاهدة القوى النووية، وفي حين أن المعاهد قد ماتت ودُفنت، يمكن أن تبدأ واشنطن وموسكو العمل على إبرام مذكرة تفاهم غير رسمية يحظر بموجبها نشر الصواريخ المشمولة بالمعاهدة.

ورغم أنه من الممكن خرق هذا التفاهم في أي وقت، غير أن هذا الإجراء المؤقت سيجمّد التوازن الاستراتيجي الحالي على وضعه القائم الآن، على أقل تقدير، ويعطي الجانبين فرصة استكشاف ترتيبات بديلة لحظر الأسلحة تضع في الاعتبار بشكل أفضل عالمًا به منصات جديدة للأسلحة الاستراتيجية وغير الاستراتيجية.

إن الهدف أقل من التوصل إلى اتفاق فوري، بل هو أكثر من ذلك، إذْ يسعى لإتاحة مزيد من الوقت، وإعادة تقييم الوضع، والسماح بانتشار رؤوس أكثر برودة قبل تكديس صواريخ باهظة الثمن لا داعي لها.

ثانيًا: يجب على الرئيس ترامب التوقف عن إضاعة الوقت الثمين، وإدراك أن تجديد اتفاقية ستارت الجديدة في مصلحة الأمن القومي الأمريكي.

وتنص اتفاقية ستارت الجديدة، على الحد من عدد الرؤوس الحربية النووية المنشورة على المنصات البرية والبحرية والجوية المنتشرة إلى 1550، كما تنص أيضًا على تبادل المعلومات والبيانات الدقيقة حول عدد ونوع وموقع الرؤوس النووية التي جرى نشرها في موسكو وسلسلة من عمليات التفتيش كل عام، حيث إن التجربة تساعد في الواقع على التحقق من الامتثال الروسي (ووفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية فإن روسيا تمتثل للمعاهدة بالفعل).

ومن دون تطبيق اتفاقية ستارت الجديدة، تختفي كل هذه المعلومات؛ ما يؤدي للسماح لموسكو بنشر المزيد من الرؤوس الحربية وزيادة تحفيز المسئولين الأمريكيين لوضع قرارات استراتيجية مستقبلية على افتراضات أسوأ الحالات. إن السماح بإنهاء صلاحية آخر آلية مشتركة لمراقبة الأسلحة بين بلدين يمتلكان 12600 سلاح نووي هو أمر سخيف بقدر ما هو خطير.

ويمكن لواشنطن وموسكو أيضًا اللجوء لحوار متشدد وصعب المراس، ولكنه ضروري بشأن القضايا المختلف عليها (والتي يوجد الكثير منها)؛ من أجل المساعدة على ضمان عدم تأثير المنافسة في أحد المجالات بالسلب على التعاون في المجالات الأخرى محل الاهتمام المشترك.

كان السفير الأمريكي “جون هنتسمان”، الذي سيغادر منصبه قريبًا، على صواب عندما لاحظ أنه مهما كانت العلاقات الأمريكية الروسية المستعصية على مدار السنوات الخمس الماضية، فإن العلاقات الثنائية شديدة الأهمية في مواجهة سوء الإدارة أو السماح بتجاوزها إلى عداوة دائمة.

هذا، ويتطلب الحكم الرشيد للدول البحث عن فرص للتعاون بشأن المصالح المشتركة في كل شيء، بدءًا من مكافحة الإرهاب والحد من التسلح إلى التجارة وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول بعضها البعض. وفي كثير من الأحيان، فإن هذا يعني ابتلاع كبريائك والتحدث مباشرة مع المنافسين والخصوم. وإذا كان المسئولون الأمريكيون والروس قد فعلوا ذلك في ذروة الحرب الباردة، فإنهم يمكنهم القيام بذلك اليوم أيضًا.

وبالنسبة لأصحاب المناصب والمُشرّعين والنقاد من ذوي الحل السريع، فإن من الأسهل سياسيًّا التحدث بخشونة مع الروس، وفرض عقوبات على الاقتصاد الروسي، والتخلي عن الدبلوماسية البراجماتية عندما تنشأ خلافات. وفي بعض الحالات، قد تكون العصي مناسبة، لكن سياسة العزلة الدبلوماسية الشاملة للولايات المتحدة كثيرًا ما تضر أكثر مما تنفع، لا سيما عندما يكون البلد المستهدف قوة عظمى في النظام الدولي.

وأخيرًا إذا كان الرئيسان ترامب وبوتين يرغبان في تثبيت العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، فيتعين عليهما التشمير عن ساعديهما والبدء في العمل.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا