ذا هيل| فيروس كورونا.. الوجه الحقيقي لإيران

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

لا يُعرف عن الأنظمة القمعية الاستبدادية المرونة أو الاستجابة، كما أن معرفة أن توصيل الأخبار السيئة للقائد ربما يتسبب في قتلك أو اعتقالك؛ تعيق الحوار المفتوح أو التفكير الإبداعي.

وما من شك أنه عندما انحل الاتحاد السوفيتي واختفت الشيوعية الروسية كان هناك موظفون في مكاتب تلك الدولة الفاشلة يكتبون خططًا خماسية لصناعة الصلب وشعارات جديدة لحركة الروّاد الصغار.

وإيران ليست مختلفة..

في الشهر الماضي، وبعد مواجهة مظاهرات شعبية والتعرض للإذلال باعترافهم القسري على إسقاطهم لطائرة ممتلئة بمدنيين أبرياء، عاد الملالي الحاكمون لطهران إلى خطة اللعب الكلاسيكية للتكتيكات الاستبدادية. لقد استبعدوا ثلث أعضاء البرلمان من الترشح لإعادة الانتخاب؛ لأنهم ظهروا وكأن لديهم عادة التفكير باستقلالية، ثم استبعدوا 7 آلاف مرشح محتمل على الأقل؛ لأنهم بدوا "غير جديرين بالثقة".

لقد أجروا ما ارتقى إلى كونه انتخابات صورية وعيّنوا مجلسًا تشريعيًّا جديدًا مليئًا بالمتشددين، وممثلين عن الحرس الثوري. إن حقيقة أن 42% فقط من البلاد تحمّلوا عناء التصويت لم تشغل آيات الله الإيرانيين على الإطلاق.

غير أن الأمور تبدو مختلفة الآن؛ فالحيل القديمة ربما لن تنجح حاليًا.

لقد فشل الإنسان حتى الآن في إنهاء 40 عامًا من الطغيان الداخلي الثيوقراطي والإرهاب الدولي لإيران، بيد أن الطبيعة الأم قد تنجح في ذلك.

إن فيروس كورونا الذي يجتاح العالم يمزق إيران تمزيقًا، والعصابة التي تحكم تلك الأمة تبدو عاجزة حتى عن إبطاء انتشاره، وقد اعترفت طهران بوجود 145 حالة وفاة ناتجة عن المرض. تقول قوى المعارضة إنه يوجد ما يقرب من 1800 حالة وفاة، في حين وصف عضو البرلمان "غلام علي جعفر زاده" أرقام الحكومة بأنها "نكتة"، وأضاف أنه لا يهم ما قالته الحكومة، فمن المستحيل إخفاء المدافن!

وربما يكون من المستحيل الحصول على الأرقام الدقيقة؛ لأنه في الكثير من المناطق الريفية يموت الناس ويُدفنون دون زيارة طبيب أو تشخيص حالتهم من الأساس.

هذا، وتنتشر تقارير عن مشافي سيئة التجهيز ممتلئة بمرضى مصابين وتفتقر للأقنعة، والكحول والجل المضاد للبكتيريا، وأورد الكثير من الإيرانيين عن صرفهم من المرافق الطبية التي لم يعد بها أسرّة متاحة، فيما أعلن مجلس مدينة طهران مؤخرًا أنه واجه عجزًا شديدًا في المطهرات التي تُستخدم في تطهير المترو وسيارات الأجرة والحافلات. وقال المجلس أيضًا إن نقص الأقنعة والقفازات لسائقي الحافلات وسيارات الأجرة كان حادًا.

لقد ضرب الفيروس المسئولين الإيرانيين بقوة، فقد تأكد أن 23 عضوًا برلمانيًا على الأقل أصيبوا بالمرض، وهذا الرقم يمثل 10% من برلمان الأمة، وجاءت اختبارات نائب وزير الصحة ونائب الرئيس إيجابية منذ أسبوع، وجرى تأكيد أن مسئولًا رفيعًا آخر، وهو رئيس خدمات الطوارئ في البلاد، مصاب بالفيروس.

وأعلنت دولة الملالي أنها تستعد لعشرات الآلاف من حالات الإصابة بالفيروس. وبدافع الحاجة الشديدة لإحراز أي تقدم، لجأت إيران إلى إجراءات استثنائية؛ فقد أمرت الجيش بمساعدة مسئولي الصحة، ووجهت قوة مكونة من 300 ألف بالبدء في المهمة التي تبدو مستحيلة بالمرور على المنازل لفحص كل سكان البلد. الخبر الجيد لآلاف السجناء السياسيين هو أن الحكومة أعلنت أنها ستُفرج عن 54 ألف سجين، في محاولة لمنع تفشي الفيروس في تلك المنشآت المكتظة.

وربما يكون هذا غير كافٍ وفات أوانه. كانت الحكومة الإيرانية مدركة منذ عدة أسابيع أن لديها مشكلة، لكن بسبب جنون العظمة وإصرارها على إظهار الصورة الكاذبة بأنها لا تُقهر، فعلت ما تفعله دومًا. كذبت، وتستّرت، وتجنبت اتخاذ أي إجراء ربما يشير إلى أنها ليست معصومة من الخطأ.

استمرت الرحلات الجوية من وإلى الصين دون انقطاع، وسُمح لحجاج الأضرحة الشيعية بالتحرك بحرية، كما لو أن تقواهم ستحميهم من المرض. وتظل مدينة قم المقدسة، مركز الفيروس في إيران، مزدحمة بالمتعبدين. إنهم مكتظون في أوضاع غير صحية، حيث يسعلون ويعطسون ويتبادلون الجراثيم عن طريق التمسح بالأضرحة على أمل أن تُجنّبهم الوباء!

لقد خلق الحزب الشيوعي الصيني جحيمه بفيروس كورونا، وتحرك ببطء، وبقي متردًا في إخبار الحقيقة الكاملة. ومع هذا، وفي تلك المرحلة، عملت الحكومة الصينية على نطاق ضخم لمحاولة السيطرة على الجائحة.

ولا شك أن طهران تظل مخادعة مثل بكين، لكنها تبدو وكأنها لا تملك شيئًا يضاهي قدرة بكين على اتخاذ إجراء حقيقي، وبينما يشق الفيروس طريقه بين السكان، تبقى الثيوقراطية الإيرانية ضعيفة وعاجزة، يعيقها مزيج فتاك من الجهل والغطرسة. إن سوء الإدارة والتعصب والإرهاب مزيج قاتل.

كان اعتراف طهران بإسقاطها لطائرة ركاب لحظة حرجة أخرى في تاريخ الأمة، لقد فضحت النظام على حقيقته – ليس فقط من جهة قمعه؛ بل أيضًا كونه غير كفء بشكل صارخ.

إن كل حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا في إيران ترسل نفس الرسالة مرارًا وتكرارًا:

هذا نظام لا يعامل شعبه بوحشية فحسب؛ بل يفشل أيضًا في تقديم الخدمات الأساسية والحماية التي يجب أن توفرها أي دولة.

في الانتخابات الأخيرة، كان فقراء إيران هم الأقل مشاركة، وهؤلاء الأفراد الذين يدعي النظام أنه يمثّلهم كانوا غير مهتمين بانتخابات صورية أخرى. نفس أولئك الأشخاص، الجمع الأكبر من المجتمع الإيراني، هم من يموتون ويُدفنون في مقابر محفورة على عجالة دون أن يُعرضوا على طبيب.

بيد أن هذه الجائحة المروّعة ربما تجلب معها بصيصٌ من الأمل.

وعن طريق إظهار الوجه الحقيقي لإيران، ربما يؤدي فيروس كورونا في النهاية إلى انتفاضة الشعب الإيراني وإنهاء كابوسهم الذي استمر لأربعين عامًا.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا