ذا هيل| في شرق المتوسط.. حل نزاعات الحدود البحرية يزداد أهمية

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

يقع شرق المتوسط حاليًا فوق بحر حقيقي من الإمكانات. لقد حوّلت اكتشافات الطاقة على مدار العقد الماضي الآفاق الاقتصادية والجيوسياسية للمنطقة، ومع مقارنات بعض الخبراء بين الاحتياطيات المؤكدة التي تتراوح من بحر الشمال إلى العراق، يُنظر للمنطقة على أنها ستصبح "المنطقة الأهم في الفترة المقبلة". تجري حاليًا مشروعات واسعة النطاق واتفاقيات خاصة بالبنية التحتية والتي ستجلب الاستثمار الخارجي، والمكاسب المالية غير المتوقعة اللازمة، والتنمية السريعة.

على الصعيد السياسي، تأسست شراكات والتي تعزز التعاون الإقليمي الضروري. لقد حوّلت بروكسل والكونجرس أنظارهما إلى شرق المتوسط. وسعت وزارات خارجية من خارج المنطقة مثل وزارة الخارجية الفرنسية ووزارة الخارجية الأمريكية لرفع مستوى المشاركة في المنطقة. كل هذا يجلب الأمل في إمكانية تحقيق مستقبل مشرق ويتسم بالتعاون في شرق المتوسط.

غير أن بداية دبلوماسية الهيدروكربون في شرق المتوسط تصاحبها دبلوماسية مدافع مناظرة. إن الخطاب المثير للفتن والسياسة الخارجية المتوترة يهددان بإلغاء الفرص الموجودة في المتناول. تشهد المنطقة عسكرة متزايدة حيث تصاحب السفن الحربية سفن الحفر أثناء التنقيب، أو تُرسل من دول أخرى، وتتم صفقات شراء للسلاح ومناورات عسكرية مُقلقة. تهدد الخصومة بانتزاع التقدم الذي حُقق بصعوبة على صعيد التعاون وخلق حالة من الجمود ومنافسات بلا رابح.

ويقع في قلب هذه التوترات النزاع الدائر على الحدود البحرية الإقليمية. من ضمن الحدود البحرية الـ13 في شرق المتوسط، تبقى 11 منها غير محسومة أو متنازع عليها. إن التسوية الشاملة والمنصفة لهذه النزاعات لها أهمية مُلحة إذا أنجزت منطقة شرق المتوسط مشروعاتها بنجاح، وتجذب المزيد من الاستثمارات، وتُنشئ علاقات دائمة تربط بين دول الجوار. 

تحدث الخلافات على الحدود البحرية بسبب الفرص الاقتصادية داخل المياه. وبدلًا من استخدام المكاسب المحتملة كنقطة انطلاق لعلاقات أوثق، شعر جيران المنطقة بالضعف في مناطقهم الاقتصادية الخالصة أو بالإقصاء من المشاورة، وهذا لا يحدث بالضرورة بسبب عمل قسري من دولة أخرى. إن أكثر طريقة مُتفق عليها دوليًّا لتحديد الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة لدولة ما غير محددة في حد ذاتها، ودائمًا ما تكون ظرفية.

في الوقت نفسه، يستطيع أن يتخيل المرء الإنجازات الهائلة التي يمكن أن تتبع تسوية الحدود البحرية في شرق المتوسط. سوف يبني ترسيم الحدود على الجهود المحمودة للجهات الفاعلة داخل المنطقة وخارجها لاستخدام اكتشافات الهيدروكربون كنقطة انطلاق لتسوية الخلافات السياسية، والعمل معًا على اتفاقات تنفع جميع الأطراف المعنية. سوف تزيل التسوية العقبات أمام المكاسب المالية التي تحتاجها المنطقة بشدة. وسوف تُمكّن دول شرق المتوسط من تولي زمام بناء إطار عمل ملموس لتحقيق التنمية داخل المنطقة. 

ودون الروابط الأقوى التي يبنيها التعاون، تصبح دول شرق المتوسط أهدافًا سهلة للصدمات الخارجية، وذلك نظرًا لأزمة كوفيد-19 الحالية. إن ما يتبع الجائحة والمخاوف الصحية الشديدة المتعلقة بها هو توقعات اقتصادية كئيبة، والتي وفقًا لها تدخل الأسواق العالمية في كساد وتنخفض أسعار النفط لأدنى مستوياتها منذ 18 عامًا. وفي خضم هذا، اجتمع أعضاء كثر من المجتمع الدولي معًا لمنع انتشار الفيروس، وتقديم المساعدة الطبية. يمكن أن تتعلم دول شرق المتوسط درسها من هذه القيادة النموذجية؛ لقد آن الأوان لإيقاف السلوك الأحمق في شرق المتوسط، قبل أن يتسبب الاستثمار المتوقف أو الأسعار المتراجعة في تعطيل الأسواق.

ما أفضل طريقة لتحقيق فهم الحاجة في المنطقة والإمكانات التي تنتظر التسوية المضبوطة لترسيم الحدود المنصف؟ يطرح خبير الطاقة رودي بارودي اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار كسبيل لتحقيق هذا في أحد أعماله الإبداعية كخبير، والذي سيُنشر قريبًا عبر "شبكة القيادة العابرة للأطلسي" وتُوزع من خلال مؤسسة بروكنجز.

عن طريق استخدام صور القمر الصناعي الدقيقة الصادرة عن برنامج الحدود البحرية الذي تستخدمه الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، يقدم بارودي هذه الحُجة: يمكن أن تصبح اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار أداة فعالة في الوصول إلى اليقين القانوني والاتفاق المتبادل على الصراعات الحدودية في شرق المتوسط، عندما يتبعها نهج ملتزم بالقواعد، يشمل جميع الجهات الفاعلة المعنية، ويرجع إلى قضايا الحدود البحرية التي حُسمت بنجاح.

وأيًّا كان هذا الحل، يجب أن يكون خبراء القانون الدولي المستقلين المختصين بالحدود البحرية مشاركين عبر منصة مستقلة، ويُفضّل أن تكون قائمة في الولايات المتحدة لبحث أفضل الطرق لربط طرق ترسيم المناطق الخلافية من أجل تحقيق نتائج منصفة والتي لم تعالجها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشكل كامل، عن طريق إتاحة القرارات القضائية بناء على أفضل الطرق المتاحة.

إن الإقصاء واتخاذ قرارات فردية والعدوان سيُبقي على الوضع الحالي، إن لم يزده حدة. كما أن توصيف شرق المتوسط يجب أن يتجاوز النزاع والصراع ليشمل الفرص التي تنتظره. تبدأ عدة جهات فاعلة بالفعل في القيام بدورها ويجب أن يُحتفى بها لفعل ذلك. إن التوصل لاتفاقيات شاملة حول استكشاف الطاقة يحمل إمكانات هائلة للمنطقة.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا