ذا هيل| كيف يمكن إصلاح النظام الغذائي العالمي بعد انتهاء جائحة كورونا؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – بسام عباس

كشفت تداعيات جائحة كورونا، بدءًا من التهافت على شراء الموارد وتكديسها بدافع الهلع في أوروبا، مرورًا بحظر تصدير الأرز إلى آسيا، وصولًا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في أفريقيا، عن هشاشة نظامنا الغذائي العالمي.

يهدد الطلب المتزايد على السلع – بالإضافة إلى الاضطراب والغموض– بحدوث أزمة غذائية عالمية جديدة على خلفية تفشي الوباء؛ ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وخسائر في الموارد الغذائية ونقصها، فضلًا عن زيادة سوء التغذية وقضايا الصحة العالمية في الأشهر المقبلة.

ورغم ذلك، ونظرًا للضرورة الملحة الناجمة عن صدمة فيروس كورونا، فقد شهدنا أيضًا مدى السرعة التي يمكن بها تطبيق التدابير المبتكرة للحد من تأثير الفيروس على الأمن الغذائي.

ومن الأمثلة على ذلك، إنشاء "قنوات خضراء" في الصين لإعطاء الأولوية للمنتجات الطازجة ذات القيمة الغذائية، في حين تخلت جميع دول أوروبا عن قيود السفر المفروضة على العمال الموسميين الذين يسهمون في الإبقاء على إمدادات غذائية ثابتة. وفي الهند، جرى استثناء التجارة الإلكترونية والأعمال التجارية الزراعية من القيود لحماية المستهلكين وأسواق المواد الغذائية.

وهكذا تكشف جائحة فيروس كورونا أن لدينا السبل والوسائل لتحويل سلاسل الإمدادات الغذائية بسرعة كبيرة عندما تجبرنا الظروف. ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر هو أن الضغط على نظام الغذاء العالمي سيستمر حتى بعد انحسار الجائحة؛ وذلك نتيجة لتزايد عدد السكان مع الاحتياجات الناشئة في بيئة متغيرة.

ما الحل إذًا؟

إنه يكمن في إيجاد طرق لتكثيف إنتاج الغذاء الآمن ذي القيمة الغذائية بشكل مستدام على المدى الطويل. وهذا لا يضمن فقط أن يكون العالم قادرًا على تحمل الصدمات مثل تفشي المرض، ولكنه أيضًا يكون قادرًا على تلبية زيادة الطلب الهائلة دون المزيد من المساس بالموارد الطبيعية.

وبعبارة أخرى، يحتاج العالم إلى معالجة قضية الجوع العالمي من أجل تحقيق نوع التحول المنهجي، إذ لا يمكننا الاعتماد على التقدم التكنولوجي المنفصل أو الدعم السياسي الجزئي المؤقت.

وعوضًا عن ذلك، ينبغي علينا تطوير الآليات ذاتها التي يمكن من خلالها للنظام بأكمله أن يتطور ويتبنى ابتكارات جديدة، سواء كانت مؤسسية أو عملية أو فنية أو مالية أو سياسية.

وتتمثل الخطوة الأولى في فهم أنماط الاستثمار العالمي في الابتكار حتى الآن، بالإضافة إلى الابتكارات المتاحة بالفعل والعوائق التي تحول دون استيعابها.

وتسلط دراسة ستصدر قريبًا عن لجنة تكثيف الزراعة المستدامة – التي جرى تشكيلها حديثًا، والتي أعمل رئيسًا لها – الضوء على الاستثمار العام والخاص الأخير في الابتكار الزراعي، بالإضافة إلى تحديد كيفية هذا الاستثمار الذي من المرجح أن يعزز تكثيف الزراعة المستدامة.

وستعمل اللجنة بعد ذلك على تحديد الحوافز والمناهج اللازمة لتسريع التنمية على نطاق واسع واستيعاب الابتكارات. ووفقًا لبحث جديد، فإن التقدم نحو التكثيف المستدام متأخر عن الجدول الزمني المحدد لتحقيق أهدافنا العالمية بحلول عام 2050، وهو ما يجعل من الأهمية بمكان أن نجد طرقًا لإعادة الوضع إلى مساره الصحيح.

وأحد الأمثلة على هذه الحوافز، الالتزامات المسبقة للسوق (AMC)، والتي تسمح للحكومات أو الممولين بتأمين سوق للمنتجات الجديدة قبل تطويرها. فقد كانت هذه الالتزامات المسبقة استراتيجية ناجحة في دعم تطوير اللقاحات، وهي جهود علمية مكلفة مع عدم ضمان النجاح.

وأدى التزام مسبق تجريبي بقيمة 1.5 مليار دولار أمريكي للقاح المكورات الرئوية في الدول منخفضة الدخل إلى تطوير ثلاثة لقاحات، وتوفير التحصينات لأكثر من 150 مليون طفل وإنقاذ ما يقدر بنحو 700 ألف شخص.

ويمكن اعتماد مناهج جديدة مماثلة لتسريع تكثيف الزراعة المستدامة، وتحفيز تطوير التقنيات والابتكار التي تزيد الإنتاجية والكفاءة. من هنا، يمكننا إنشاء أفضل القنوات لتقديم الابتكارات والمساعدة في ضمان وصول الأدوات والخدمات المناسبة إلى الأشخاص المناسبين.

وعلى سبيل المثال، يمكن الاستفادة بشكل أفضل من التوسع في استخدام الهواتف المحمولة عبر أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لتقديم دعم فردي مخصص للمزارعين، بدلًا من استخدام خدمات الإرشاد التقليدية الشخصية.

إن السياسات التي تستمر في المساعدة على تشجيع الابتكار، بدلًا من كبحه، ستكون مهمة أيضًا. وهذا يشمل الحد من مخاطر العواقب غير المقصودة، مثل الدعم الواسع النطاق لمياه الري؛ ما يعني أن المزارعين ليس لديهم حافز كبير لاستخدام تقنيات توفير المياه.

لقد رأينا مدى السرعة التي يمكن أن تتغير بها السياسات عند وجود حاجة ماسة، ولذا من المهم أن نحافظ على كلٍّ من الأهمية الملحة وزخم التغيير عندما يتعلق الأمر بمعالجة قضية الجوع المستمر وأزمة المناخ.

لم تنجُ أي دولة من تأثير فيروس كورونا؛ فقد كشف عن مشاكل كامنة وعميقة في نظامنا الغذائي، والتي تتعلق بكل من البيئة وعدم المساواة. ومن جانبها، تعتزم لجنة التكثيف الزراعة المستدامة، التي تتألف من مفوضين من جميع دول جنوب العالم، جمع الأفكار اللازمة لتحريك أجندة الزراعة المبتكرة والمستدامة والمكثفة.

وبهذا، نقف لاستعادة التوازن الذي تشتد الحاجة إليه في أنظمتنا الغذائية ونظمنا البيئية وفي الوضع الإنساني في جميع أنحاء العالم.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا