ذا هيل| هل تستعيد الإدارة الأمريكية المقبلة الدبلوماسية في الشرق الأوسط؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

إن تقييم الضرر العالمي الذي سبّبته السياسة الخارجية لإدارة ترامب أشبه بمحاولة قياس التدمير الذي يُسببه إعصار مستعر: يظل من غير الواضح ما سيبقى قائمًا في أعقابه. في واقع الأمر، كانت جائحة كورونا هي المرة الأولى التي تتخلى فيها الولايات المتحدة عن دورها القيادي خلال أزمة عالمية منذ الحرب العالمية الثانية.

لكن الإدارة الأمريكية القادمة لديها فرصة لإعادة الولايات المتحدة إلى دورها القيادي الدولي من خلال طفرة دبلوماسية – والتي تضع صوت الشعب الأمريكي في مقدمة المشاركة العالمية الأمريكية.

إن غياب القيادة الدبلوماسية الأمريكية على مدار السنوات الثلاث الماضية كان له تأثير ضار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لقد تسبب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 في تضييق الخيارات السياسية لأمريكا وجلب أمريكا إلى حافة الحرب. وغياب القيادة الدبلوماسية الأمريكية المركزة في صراعات رئيسية مثل سوريا واليمن وليبيا سارع من تجزئة الدول وخلق دوامة تجذب روسيا ودول أخرى من المنطقة. لقد سمح غياب المشاركة الدبلوماسية الجادة في القضية الفلسطينية – الإسرائيلية لسنوات بتراكم التوترات مرة أخرى، وهو ما يعرّض الحدود السلمية بين إسرائيل والأردن للخطر.  

إن أمريكا ليست السبب الرئيسي للفوضى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولا توجد رغبة لدى الولايات المتحدة أو المنطقة في المزيد من التدخلات العسكرية المنفصلة عن الاستراتيجية. تواجه أمريكا تحديات كبرى في الداخل والتي لا يمكن تأجيلها وسوف تصبح الموارد اللازمة للدبلوماسية والتنمية محدودة، لكنها لا تزال جزءًا أساسيًّا من قيادتنا.

لكن أمريكا تحتاج لخطة أفضل من تلك التي كانت تعمل بها لعقود. إن انتقاد المسار الحالي وإصدار شعارات مبهمة تدعو لـ”حنكة سياسية مسئولة،” أو “قوة ذكية” أو “إنهاء الحروب اللانهائية” لن يفعل شيئًا يُذكر للتوصل إلى إجماع سياسي في الداخل على نهج جديد. تفتقد هذه الشعارات لمكونين حيويين: إعادة بناء مؤسسات أمريكا من أجل المشاركة العالمية وتقديم استراتيجية إقليمية شاملة تضع الدبلوماسية أولًا.

ينطوي المكون الأول على إعادة بناء قدرات الهيئات المدنية، وعلى رأسها وزارة الخارجية الأمريكية والهيئات الرئيسية الأخرى المشاركة في المساعدات الخارجية والمشاركة الاقتصادية العالمية. إنه يتطلب من الإدارة الأمريكية القادمة والكونجرس أن يقدما استثمارًا للأجيال في الحنكة السياسية بالنطاق والنظام الذي تم أثناء الحرب الباردة. ولنكون واضحين، هذا التحدي سيستغرق سنوات لمعالجته؛ فإهمال هذه الهيئات يمتد لعقود سابقة.

أحد الإجراءات الفورية التي يمكن للإدارة الأمريكية القادمة اتخاذها هو ملء المناصب الرئيسية التي تتعامل مع المنطقة. لقد استغرق الأمر من إدارة ترامب عامين لشغل منصب مساعد الوزير لشئون الشرق الأدنى بمعيّن وافق عليه مجلس الشيوخ ومنصب السفير في مصر والسعودية والإمارات. وبالإضافة إلى هذا، مرت ثلاث سنوات منذ أن كان هناك سفير أمريكي في الأردن أو قطر.

ومن أجل مواجهة التحديات المؤسسية طويلة المدى، ينبغي أن تزيد الإدارة القادمة حصة السلك الدبلوماسي. بنهاية العام الماضي، كان عدد موظفي السلك الدبلوماسي في وزارة الخارجية مثلما كان عليه منذ 70 عامًا، أقل من 8 آلاف. هذا على الرغم من التغيرات الجيوسياسية الكبيرة التي حدثت على مدار تلك العقود، من إنهاء الاستعمار إلى سقوط جدار برلين والحروب المتعددة في الشرق الأوسط، إلى جائحة فيروس كورونا.

الخطوة الثانية هي الوصول إلى المنصب باستراتيجية شاملة للتعامل بطريقة شاملة مع تحديات المنطقة ووضع الدبلوماسية أولًا. وبالتطلع إلى العقد القادم، ينبغي أن تبتعد الولايات المتحدة عن الإدارة التفاعلية للأزمات وتتجه إلى استراتيجية تُكثّف المشاركة الدبلوماسية والاقتصادية المدعومة بالاستخدام الدقيق والموجه للأدوات العسكرية والأمنية. ينبغي أن تدعم هذه الأدوات الجهود الدبلوماسية الأمريكية لإنهاء الصراعات ومساعدة الدول في مواجهة الضغوط الهائلة للتغيير.

ماذا يعني وضع الدبلوماسية أولًا في المشاركة الأمريكية من الناحية العملية؟ أولًا، ينبغي أن تضع الإدارة القادمة الدبلوماسيين الأمريكيين في أدوار بارزة تدعمها المجموعة الكاملة لأدوات السياسة الخارجية الأمريكية من أجل مواجهة الصراعات المتأججة في أماكن مثل سوريا واليمن وليبيا، وكذلك أيضًا الخلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي. وتستلزم أيضًا الإدارة الفعالة لتحديين رئيسيين آخرين – التوترات بين إيران وجيرانها والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي – اللذين يطغيان على النهج الاستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة. يتعين على الإدارة القادمة اتّباع استراتيجية براجماتية تسعى لإنتاج تقدم ثابت وتكتيكي بدلًا من تحقيق صفقات كبرى أو اتفاقيات قرن.

كل هذا يمثّل مهمة يصعب تحقيقها وأجندة للولايات المتحدة – لكنها واحدة تتعلم من دروس العقدين الماضيين وتسعى لتعزيز طريقة مختلفة للمشاركة والتي تساعد الدول على مساعدة نفسها. وعن طريق العمل بإتجاه نهج مختلف جذريًا في المنطقة في وقت يُعاد فيه تشكيل العالم بسبب أزمة فيروس كورونا، يمكن لأمريكا أن تطوي الصفحة على العقود القليلة الماضية من الاستراتيجية المرتبكة والنتائج المختلطة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتخلق مسارًا جديدًا للتقدم في المنطقة.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا