المفاوضات متاحة.. هل تعفو أمريكا عن إيران وفنزويلا بسبب أزمة الطاقة؟

آية سيد

تحاول الولايات المتحدة والدول الغربية البحث عن بدائل لتقليل الاعتماد على الطاقة الروسية, وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى اللجوء لخصم أيديولوجي قديم.


مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير الماضي، فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها مجموعة من العقوبات غير المسبوقة على روسيا.

رغم أن العقوبات تهدف إلى خنق اقتصاد روسيا وعزلها عن المجتمع الدولي، إلا أنها لم تستهدف قطاع الطاقة الروسي حتى الآن لأن الكثير من الدول الغربية تعتمد على النفط والغاز الروسي، لكن في ظل استمرار الحرب الروسية تبحث الولايات المتحدة وحلفاؤها عن بدائل للطاقة الروسية.

البديل المحتمل

في أول محادثات ثنائية رفيعة المستوى منذ سنوات، بحث مسئولون أمريكيون وفنزويليون إمكانية تخفيف عقوبات النفط على فنزويلا لكنهم لم يحققوا تقدمًا يُذكر، بحسب ما نقلت وكالة رويترز عن 5  مصادر مطلعة على الأمر، في 7 مارس الجاري، وجاءت المحادثات في ظل سعى واشنطن لفصل روسيا عن واحد من أهم حلفائها.

وأفاد أحد المصادر، بأن كلا الجانبين استخدما الاجتماع لتقديم “الحد الأقصى” من المطالب، ما يعكس التوترات القائمة منذ فترة طويلة بين القوة الغربية الرئيسية وأحد أكبر أعدائها الأيديولوجيين.

ماذا تريد الولايات المتحدة؟

قال أحد المصادر في واشنطن، إن المسئولين الأمريكيين اعتبروا الاجتماع فرصة لمعرفة ما إذا كانت فنزويلا، مستعدة لإبعاد نفسها عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإيجاد إمدادات نفط بديلة لسد الفجوة إذا قاطعت صناعة النفط الروسية، خصوصًا أنه يمكن لفنزويلا رفع صادرات الخام إذا خففت واشنطن العقوبات.

وبحسب ما أفادت ثلاثة مصادر مطلعة لـ”رويترز”، سعت واشنطن في الاجتماع إلى الحصول على ضمانات بإجراء انتخابات رئاسية حرة وإصلاحات واسعة في صناعة النفط الفنزويلية لتسهيل الإنتاج والصادرات أمام الشركات الأجنبية وإدانة علنية من الحكومة للحرب الروسية التي دافع عنها الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

هل تستطيع فنزويلا تعويض النفط الروسي؟

وفقًا لتقرير في صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أمس (الاثنين)، فإن قطاع النفط الفنزويلي غير مهيأ للبدء في ضخ المزيد من الخام وتخفيض أسعار النفط الآخذة في الارتفاع في ظل حرب أوكرانيا.

وبين التقرير أن سنوات من سوء الإدارة والفساد وتأميم مشروعات النفط أدت إلى انهيار صناعة النفط الفنزويلية في 2020 عندما انخفض الإنتاج إلى عُشر ما كان عليه، وتضاعف الإنتاج الآن ليصل إلى 800 ألف برميل في اليوم، لكنه أقل من 1% من الـ100 مليون برميل الذين تنتجهم عشرات الدول حول العالم يوميًا، وكانت فنزويلا تنتج 3.2 مليون برميل في اليوم في التسعينيات.

تخفيف العقوبات عن إيران

في سياق منفصل، تعقد الولايات المتحدة محادثات مع إيران لإحياء الاتفاق النووي مقابل تخفيف العقوبات، وقالت طهران,،في 7 مارس الحالي، إنها تعتقد أنه يمكن التوصل لاتفاق بسرعة، وفق تقرير لموقع كوارتز الأمريكي في اليوم نفسه.

ذكر التقرير أن الولايات المتحدة في 2021 استوردت 672 ألف برميل في اليوم من النفط الروسي ما يعادل 8% من إجمالي وارداتها، ووفقًا لمدير أبحاث الطاقة في جولدمان ساكس, داميان كورفالين، يمكن أن تساعد إيران في تعويض هذا الإمداد، وأخبر مجلة ذي إيكونوميست الإنجليزية أن رفع العقوبات يحمل إمكانية تعزيز الصادرات بنحو نصف مليون برميل في اليوم في غضون ستة أشهر، وضعف الرقم في غضون عام.

البحث عن بدائل

أورد تقرير لصحيفة بلومبيرج الأمريكية، في 16 فبراير 2022، أن اثنتين من كبرى مصافي التكرير في ساحل الخليج الأمريكي تسعيان إلى تنويع مشترياتهما من زيت الوقود الذي يُستخدم كمادة أولية لإنتاج البنزين والديزل، بحسب أشخاص مطلعين على الأمر.

وذكر التقرير أن مصفتي تكرير في تكساس تتواصلان مع موردين في المكسيك والبرازيل لمعرفة التوفر على المدى الطويل والأسعار، وباعت البرازيل شحنة إلى ساحل الخليج الأمريكي في فبراير الماضي ولديها شحنة أخرى ستصل في مارس.

هل تتأثر الدول الآسيوية؟

أفاد تقرير لوكالة ستاندرد آند بورز الأمريكية، في 2 مارس 2022، أن مصافي التكرير الآسيوية لن تتأثر كثيرًا بالصراع الروسي الأوكراني والعقوبات المالية الأمريكية على موسكو لأن النفط الروسي يشكل جزءًا ضئيلًا من المواد الأولية التي تستوردها الدول الآسيوية، خصوصًا أنه يشكل 1%-6% فقط من واردات الخام الآسيوية باستثناء الصين، مع وجود الكثير من البدائل المتاحة.

وبين أن مصافي التكرير الكبرى في المنطقة أشارت إلى وضع خطط طوارئ تُدرج العديد من درجات الخام القادمة من الولايات المتحدة والشرق الأوسط وغرب إفريقيا وجنوب شرق آسيا كبدائل محتملة للخام الروسي، وأن مصافي التكرير الهندية والكورية الجنوبية واليابانية لا تشعر بقلق مفرط بشأن النقص المحتمل في مشتريات النفط الخام الروسي لأنها تمتلك احتياطيات تجارية وحكومية وافرة للاستفادة منها.

الدول الأوروبية تبحث عن بدائل

ذكر تقرير صادر عن وود ماكنزي، وهي مجموعة عالمية لأبحاث واستشارات الطاقة، في 28 فبراير 2022، أن الولايات المتحدة يمكنها أن تمد الدول الأوروبية بالغاز بدلًا من روسيا، وأن الولايات المتحدة تمتلك موارد الغاز والبنية التحتية وقدرات البناء اللازمة لتحقيق زيادة كبيرة في صادرات الغاز الطبيعي المسال بسرعة نسبية، إلا أنها ستحتاج لبضعة سنوات للمساهمة في تقليل الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي.

وقدمت الوكالة الدولية للطاقة، في 3 مارس الحالي، خطة من 10 نقاط للاتحاد الأوروبي من أجل تقليل الاعتماد على الإمدادات الروسية بأكثر من الثلث خلال عام، تضمنت “عدم توقيع عقود غاز جديدة مع روسيا، واستبدال الإمدادات الروسية بغاز من مصادر بديلة، وإدخال الحد الأدنى من التزامات تخزين الغاز، وتسريع المشروعات الجديدة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح”.

وشملت “رفع توليد الكهرباء من الطاقة الحيوية والطاقة النووية، وتطبيق إجراءات ضريبية قصيرة الأجل على الأرباح المفاجئة لحماية مستهلكي الكهرباء المعرضين لارتفاع الأسعار، وتسريع استبدال غلايات الغاز بمضخات حرارية، وتسريع تحسينات كفاءة الطاقة في المباني والصناعات، وتشجيع المستهلكين على الخفض المؤقت لمنظم الحرارة بمقدار درجة مئوية، وتكثيف الجهود لتنويع مصادر مرونة نظام الطاقة ونزع الكربون منها”.

ربما يعجبك أيضا