رغم تفوق عملتها عالميًّا.. اقتصاد أفغانستان يواجه واقعًا مريرًا

ولاء عدلان
عملة أفغانستان

يعيش 85% من سكان أفغانستان تحت خط الفقر، وفق تقديرات الأمم المتحدة، وخلال العام الماضي بلغ عدد الفقراء 34 مليون مواطن.


تتجه عملة أفغانستان (أفغاني) خلال الربع الحالي من العام، إلى تسجيل أفضل أداء في سوق العملات عالميًّا بعد الارتفاع القوي الذي شهدته منذ بداية العام.

يخالف هذا الأداء الجيد للعملة الوطنية في أفغانستان واقع الاقتصاد المرير بعد عامين من سيطرة حركة طالبان على الحكم وعزل البلاد عن النظام المالي العالمي بفعل العقوبات الدولية.

العملة الأفضل أداءً

ارتفع أفغاني، وهو اسم العملة الوطنية لأفغانستان، خلال الربع الثالث من العام الحالي بنحو 9٪ متفوقًا على باقي العملات عالميًّا، ومنذ بداية العام صعد بـ14% على أساس سنوي، ما يجعله ثالث أفضل العملات أداء للعام بعد عملتي كولومبيا وسريلانكا، حسب تقرير لوكالة بلومبرج نشرته اليوم الثلاثاء 26 سبتمبر 2023.

قمة قائمة العملات الأفضل أداء ليست مكانًا معتادًا للعملة الأفغانية، إلا أن مبرر ذلك هو مجموعة من العوامل أهمها تدفق أموال المساعدات إلى البلاد وزيادة قيمة الصادرات، فضلا عن سلسلة من الإجراءات اتخذتها حكومة طالبان التي استولت على السلطة في أغسطس 2021، للحد من انهيار أفغاني، أبرز هذه الإجراءات حصر المعاملات التجارية داخل البلاد على استخدام العملة الوطنية فقط.

وحظرت حكومة طالبان أيضًا استخدام الدولار الأمريكي والروبية الباكستانية محليًّا، ووضعت قيودًا على سحب وتحويل العملات الأجنبية، وفي فبراير الماضي، على سلبيل المثال، فرضت حدودًا قصوى على تحويلات الدولار الأمريكي من وإلى أفغانستان، ليصبح تحويل الدولارات إلى الخارج برا يقتصر على 500 دولار فقط وجوًّا على 5 آلاف دولار.

اقرأ أيضًا| «طالبان» تطوق كابول.. وتهدد الاقتصاد الباكستاني بضربة مزدوجة

حركة عملة أفغانستان منذ سيطرة حركة طالبان على الحكم في 2021

حركة عملة أفغانستان منذ سيطرة حركة طالبان على الحكم في 2021

وضع غير دائم

توقعت رئيسة قسم المخاطر في الدول الأوروبية لدى وحدة BMI  التابعة لوكالة فيتش، أنويتا باسو في تصريح لـ”بلومبرج”، استقرار العملة الأفغانية عند مستوياتها الحالية حتى نهاية 2023، مدعومة بالقيود المشددة على معاملات الصرف الأجنبي والتحسن التدريجي في حركة التجارة الخارجية، لكنها قالت إن أداء “أفغاني” في النهاية مرهون بالاستقرار السياسي وقد تنهار في أي وقت مع تغير المشهد.

وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط ووسط وجنوب آسيا بمعهد نيولاينز في واشنطن، كامران بخاري لوكالة بلومبرج، إن عدم الاستقرار السياسي وكذلك الاقتصادي والاجتماعي عوامل تشكل رياح معاكسة لتحسن أداء عملة أفغانستان على المدى القصير.

وجه مضيء لواقع مرير

هذا التفوق الذي تظهره العملة الوطنية لا يعكس واقعًا اقتصاديًّا جيدًا، فالوضع على الأرض شديد السوء ونحو ثلثي الأسر تكافح لأجل تأمين احتياجاتها من السلع الأساسية، ووفقًا للأمم المتحدة 85% من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر، وبلغ عدد الفقراء في العام الماضي 34 مليون مواطن.

تراجع اقتصاد أفغانستان منذ سيطرة طالبان على الحكم بأكثر من 20%، وخلال العام الماضي انكمش بأكثر من 3%، ويرجح البنك الدولي أن يتمكن من النمو خلال الفترة 2023-2025 بنسبة تتراوح بين 2 إلى 3%، لكن الأمم المتحدة حذرت في إبريل الماضي من تداعيات انخفاض المساعدات الخارجية لأفغانستان.

وقالت الأمم المتحدة إن انخفاضًا بمقدار 30% للمساعدات من شأنه أن يخفض متوسط دخل الأفراد 40%، ويدفع الاقتصاد إلى دائرة الانكماش.

نمو المساعدات الأممية لأفغانستان منذ 2021

نمو المساعدات الأممية لأفغانستان منذ 2021

المساعدات الخارجية شريان مهم

حذرت الأمم المتحدة من أن يفقد الاقتصاد الأفغاني بعض المؤشرات الإيجابية التي يظهرا حاليا خلال 2024، وقالت إن مؤشرات مثل استقرار سعر الصرف وانخفاض التضخم ونمو مرجح بـ8% في الإيرادات المالية المحلية هذا العام، تعزى إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية على خزينة البلاد، إلا أن هذا ربما لا يستمر في ضوء تبعية المركزي الأفغاني لحركة طالبان التي لا تحظى باعتراف دولي.

وحسب الأمم المتحدة، أفغانستان في حاجة إلى 3.2 مليار دولار من المساعدات هذا العام، لم يصل منها سوى 1.1 مليار دولار حتى إبريل، ومن شأن هذه المساعدات حال وصولها كاملة أن تدعم نمو الاقتصاد بأكثر من 1%، خلال العام الماضي بلغ حجم المساعدات لأفغانستان نحو 3.7 مليارات دولار، وقدر برنامج الأمم المتحدة الأنمائي أنها كانت سببا رئيسا في منع انهيار الاقتصاد.

اقرأ أيضًا| ماذا يعني ضم أفغانستان إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية؟

 

ربما يعجبك أيضا