رغم تهديدات أمريكا.. أوروبا تتعاون مع هواوي بشأن تكنولوجيا الجيل الخامس

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

تشن الولايات المتحدة بقيادة ترامب حرباً تجارية على العملاق الصيني من ناحية رفع معدلات الجمارك أمام المستوردات الصينية، ومن ناحية أخرى خلق مزاعم بشأن تعاون خفي ما بين الجيش الصيني وشركة هواوي.

زعمت واشنطن أن شركة هواوي تابعة للجيش الصيني إذ إن رئيسها كان جندياً بالجيش الصيني، وتتخوف الأولى من اختراق أمنها المعلوماتي عبر احتمالية التعاون بين الحكومة الصينية وهواوي، ودعت حلفاءها الأوروبيين لمنع هواوي من النفوذ إلى أوروبا.

قدمت المفوضية الأوروبية خطتها لضمان إدخال آمن لتقنية الجيل الخامس على شبكات الاتصالات الأوروبية، وسط الشكوك التي تحوم حول شركة هواوي الصينية العملاقة، وكانت الولايات المتحدة قد اتهمت الشركة الصينية بأنها تشكل خطورة أمنية على شبكات الاتصالات الغربية بسبب روابطها المزعومة مع أجهزة المخابرات الصينية.

لكن بعض الدول الأوروبية تجري مفاوضات مع هواوي لاستخدام تقنيتها المتقدمة لتعزيز الشبكات اللاسلكية المستقبلية الفائقة السرعة. ولم تحضّ المفوضية حتى الآن الدول الأوروبية على اتباع خطى الولايات المتحدة وأستراليا واليابان في منع عقد صفقات مع هواوي. لكنها ستتخذ خطوات لتحديد مدى خطورة هذا الأمر وتشجيع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على تشارك المعلومات.

والخطة التي تم الكشف عنها خلال مؤتمر صحفي في برلمان الاتحاد الأوروبي في ستراسبورغ تدعو الدول الأعضاء إلى الإبلاغ عن أي تهديدات أمنية على البنية التحتية لشبكاتها الوطنية بحلول يونيو. بعد ذلك ستُمنح الوكالة الأوروبية للأمن السيبراني مهلة حتى  أكتوبر لتقديم تقرير يقيّم المخاطر على المستوى الأوروبي.ثم ستناقش الدول الأعضاء التدابير التي يتوجب اتخاذها، والتوصل إلى قرار قبل نهاية العام، ورحبت “هواوي” بحذر بالخطوة الأوروبية.

وتقنية الجيل الخامس لنقل البيانات بسرعة فائقة ستصبح الجهاز العصبي للاقتصاد الأوروبي في السنوات المقبلة في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة والنقل والمصارف والصحة.

وتتخوف بعض العواصم الغربية من احتمال أن تعطي شبكات هواوي بكين منفذا إلى أسرارها التجارية والعسكرية والعلمية والدبلوماسية.

وتنفي الصين بغضب هذا الاتهام، لكن الولايات المتحدة منعت تقنية الجيل الخامس الصينية في أراضيها وحضت حلفاءها للسير على خطاها أو مواجهة خسارة بعض الصلات مع المخابرات الأمريكية.
الاستقلالية الصينية والريادة العالمية

اتبعت “هواوي” استراتيجيات إدارية وقواعد تسويقية وتسعيرية ساعدتها على تحقيق نجاحات ملحوظة، ففي عام 2010، ظهر اسمها لأول مرة في قائمة أغنى 500 شركة في مجلة “فورتشن” الأمريكية، بعد أن حققت مبيعات بقيمة 21.8 مليار دولار وصافي نصيبها من الأرباح 2.67 مليار، ما أثار اهتمام وفضول العالم نحوها ولا سيما أنها قدمت أكثر من 44 ألف طلب براءة اختراع داخل الصين في عام 2013، وحوالي 19 ألف طلب خارج البلاد .

لكن اللحظة الفارقة كانت في عام 2016، حين سيطرت “هواوي” على 10% من إجمالي حجم السوق العالمي بعد أن نجحت في شحن حوالي 149.3 مليون هاتف ومعدات اتصال محققةً نمو بنسبة 30.2%، وانتشار في أكثر من 170 دولة، لتحتل المرتبة الثالثة عالميًا بعد شركتي سامسونج وآبل، ومن هنا أصبحت “هواوي” مصدرًا للقلق بالنسبة لأمريكا على الصعيد الأمني والاقتصادي.

تهديد المكانة الأمريكية

منذ البداية، قررت الصين أن تكون لاعبًا منافسًا ومُصِدرًا في السوق، لا أن تكون عميلًا ثانويًا ومستوردًا، ولذلك رأت أن السوق الأمريكي الوجهة الأنسب لتحقيق هذه الغاية، وتبعًا لذلك توجهت “هواوي” لعقد اتفاقات مع شركات مسؤولة عن بيع الأجهزة الإلكترونية في أمريكا مثل “إيه آند تي” و”فيرايزون” و”بيست باي”، وفي وقت لاحق تفاجئت “هواوي” بضربة قوية تمثلت بفسخ هذه العقود التجارية وفض أي عملية بيع لمنتجاتها في أمريكا.

يعود السبب في ذلك إلى اتهام الشركة بإنتاج معدات تهدد الأمن القومي الأمريكي، وذلك على خلفية تقارير لجنة الاستخبارات الوطنية التي عبرت عن مخاوفها الأمنية من أجهزة هواوي، وطالبت بتجنب التعاون مع شركات صينية أخرى أو أي جهات تعتمد في بنيتها التحتية على معدات من إنتاج شركات صينية، بذريعة أنها تتعاون مع الحكومة الصينية لتسريب بيانات المستخدمين.

في وقت لاحق، كشف تقرير استخباراتي أمريكي لأول مرة عن العلاقة التي تربط بين “هواوي” و بين جهاز الاستخبارات في بكين، ويقول: إن الشركة تلقت مؤخرًا ما يقرب من ربع مليار دولار من الحكومة الصينية خلال السنوات الثلاث الماضية، فضلا عن صلتها بالجيش الصيني ومحاولتها الحصول على الأسرار والاستخبارات الاقتصادية من شبكات الكمبيوتر الحكومية والخاصة في جميع أنحاء العالم.

وبالفعل مُنعت “هواوي” من دخول الولايات المتحدة منذ عام 2012، وليس ذلك فحسب، فقد ذكرت “وول ستريت جورنال” هذا العام أن “واشنطن تدرس زيادة المساعدات المالية لتطوير قطاع الاتصالات في الدول التي تتجنب الأجهزة الصينية الصنع”، مضيفةً أن “من بين ما يقلق الحكومة، استخدام أجهزة اتصال صينية في دول تستضيف قواعد عسكرية أمريكية مثل ألمانيا وإيطاليا واليابان”.

تدور رحى الحرب  بين الصين وأمريكا حول الزعامة التكنولوجيا ولاسيما عقب تصاعد النفوذ الصيني في مجال التكنولوجيا والاتصالات بوضع يقارب وضع شركة أمازون وأبل، وتخشى أمريكا من فقدان هكذا مكانة عالمية تحقق لها الزعامة الدولية في إطار التحول العالمي نحو مجالات النانو تكنولوجي و الذكاء الاصطناعي.

ربما يعجبك أيضا