رفع أسعار الفائدة.. هل يواجه اقتصاد أوروبا متاعب جديدة؟

آية سيد
رفع أسعار الفائدة.. هل يواجه اقتصاد أوروبا متاعب جديدة؟

يفضل البنك المركزي الأوروبي "الهبوط العنيف"، الذي يتسم بالمعاناة الاقتصادية، على الفشل في الحد من ارتفاع الأسعار.


يبدو البنك المركزي الأوروبي مستعدًا لرفع سعر الفائدة الأساسي من 4.25% إلى 4.5%، وفقًا لمجلة “ذي إيكونوميست”.

وحسب تقرير للمجلة البريطانية، في عدد الأسبوع الحالي، فإن الخيار الأفضل لصناع السياسة الأوروبيين هو الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة، بعدما عانى اقتصاد أوروبا من تناقضات خلال هذا الصيف.

مخاوف من الركود التضخمي

أوضحت المجلة أن هذه التناقضات تمثلت في أن التضخم ظل مرتفعًا، وارتفعت الأسعار 5.3% في أغسطس مقارنة بالعام السابق. ويقلق المسؤولون بنحو متزايد بسبب توقعات النمو الضبابية. ويشير الانخفاض الأخير في مؤشر مديري المشتريات إلى أن الاتحاد الأوروبي يواجه ركودًا.

وقبل اجتماع البنك المركزي الأوروبي في 14 سبتمبر الحالي، سيقلق صناع السياسة بشأن الظهور المحتمل للركود التضخمي، الذي يحدث عندما يقترن النمو المنخفض بالتضخم الراسخ.

وأعادت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، التأكيد على التزامها بخفض التضخم وتحديد أسعار الفائدة عند “مستويات تقييدية كافية، طالما لزم الأمر، لإعادة التضخم إلى هدف الـ2% في المدى المتوسط”.

تضخم عنيد

أوضحت “ذي إيكونوميست” أن هذا يعني أن البنك المركزي الأوروبي يفضل “الهبوط العنيف”، الذي يتسم بالمعاناة الاقتصادية، على الفشل في الحد من ارتفاع الأسعار. لكن المشكلة هي أن البنك يخاطر بـ”تحطم الطائرة”. ولفتت المجلة إلى أن التضخم في منطقة اليورو عنيد مثل التضخم في أمريكا.

وفي أوروبا، أدى ارتفاع تكاليف الطاقة إلى ارتفاع الأسعار، في حين كان ارتفاع الأسعار مدفوعًا أكثر بالطلب في أمريكا. لكن في كلتا المنطقتين، اتبع التضخم مسارًا متشابهًا، مع تأخر أوروبا قليلًا.

ويصبح السؤال الآن، حسب “ذي إيكونوميست”، ما إذا كان التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء المتقلبة، سيهبط، لأنه حتى الآن، يظل مرتفعًا بنحو عنيد.

اقرأ أيضًا| تقرير: الغلاء يدفع سكان أوروبا لشد الأحزمة «حرفيًّا»

غياب التفاؤل

أشارت “ذي إيكونوميست” إلى أن التشاؤم ينتشر في أنحاء أوروبا، في ظل ضعف الاقتصاد العالمي. كما أن الدعم الحكومي للأسر ينفد، وأسعار الطاقة بالتجزئة تبقى أعلى مما كانت عليه قبل أزمة العام الماضي، والدخل الحقيقي لم يتعافى بعد.

وحسب استطلاع مؤشر مديري المشتريات، انكمش النشاط في قطاع الخدمات في أغسطس المنقضي، وأصبح القطاع في أضعف مستوياته منذ عامين ونصف. وبدأت أسعار الفائدة المرتفعة أيضًا التأثير في الاقتصاد الأوروبي.

إعسار الشركات

لفتت المجلة البريطانية إلى أن التداعيات تصل إلى قطاع الإنشاءات، الذي يُعد حساسًا لأسعار الفائدة. ووفق بنك جولدمان ساكس، يؤدي الإقراض المصرفي الأكثر بخلًا إلى تراجع بنسبة 0.4% في نمو الناتج المحلي الإجمالي كل ربع عام.

وارتفعت حالات إعسار الشركات بأكثر من 8% في الربع الثاني من العام، مقارنة بالربع الأول، ووصلت إلى أعلى مستوياتها منذ 2015. وفي هذا الشأن، يتوقع المحلل بشركة أوكسفورد إيكونوميكس للاستشارات، أوليفر راكاو، أن يرتفع تأثير السياسة النقدية الأكثر تشددًا في النصف الثاني من العام.

عاملان مختلفان

رأت “ذي إيكونوميست” أن “الهبوط العنيف” مضمون، لكن عودة التضخم إلى هدف 2% لا تزال بعيدة إلى حد ما. وأشارت إلى وجود عاملين يسحبان الأسعار في اتجاهات مختلفة.

الأول هو الوضع في سوق العمل. فالبطالة تظل عند أدنى مستوياتها، جزئيًّا بسبب تمسك المديرين بالعمال الذين أصبحوا شحيحين في القارة العجوز. ولذلك ترتفع الأجور، وإن كان بنحو غير كافي لتعويض التضخم.

والعامل الثاني الذي يخفض التضخم، هو ضعف الطلب على البضائع والخدمات. وإذا وجدت الشركات انخفاضًا في الطلب، من الممكن أن يتراجع التضخم في الوقت الذي يظل نمو الأجور مرتفعًا، ما يقلل الأرباح.

اقرأ أيضًا| أوروبا بين مطرقة التضخم وسندان التغير المناخي.. ما الحل؟

أيهما سيربح؟

في الوقت الحالي، رجحت المجلة أن الإجابة هي الطلب الضعيف، بما أنه انتشر إلى قطاع الخدمات أيضًا. وهذا يشير إلى أن التضخم في منطقة اليورو قد يهبط في وقت قصير نسبيًّا. لكن يبدو أن البنك المركزي الأوروبي غير مقتنع.

وحسب “ذي إيكونوميست”، يبدو أن البنك المركزي الأوروبي يستعد لرفع سعر الفائدة الرئيس إلى 4.5% من 4.25%. لكن المجلة رأت أن صناع السياسة سيحسنون صنعًا إذا أبقوا على أسعار الفائدة ثابتة، بحيث يمكنهم تقييم خطر “التحطم”.

ربما يعجبك أيضا