روبرت فيسك: ماذا لو التقى ترامب بـ”صدام حسين”؟

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان
 
قبل خمسة عشر عامًا، وقع غزو العراق، لقد كانت جريمة حرب بكل المقاييس، دمرت دولة عربية ثرية وقتلت أبناءها بمئات الآلاف لا بل بالملايين، لا أحد يبوح بحقيقة ما حدث عام 2003 ولماذا حدث؟ الغرب تكاتل على العراق وصنع سجلا جديدا للكذب.

يقول الكاتب البريطاني روبرت فيسك -في مقال نشرته اليوم صحيفة “الإندبندنت”- من المؤكد أن دونالد ترامب فقط كان يمكن أن يحمينا من هذه المأساة، نظراً لقدرته المذهلة على الجنون، كان من الممكن أن يقابل صدام، فقط صدام بطموحاته النفطية والنووية، كان يمكن أن يجذب انتباه ترامب، فبتأكيد مظاهر الترف ولوحات الصواريخ والسيوف التي كانت تزين قصور صدام والعروض العسكرية في بغداد ما قبل 2003، كانت كافية لإثارة اهتمام المجانيين الحاليين في البيت الأبيض، يمكنا القول: إن كيم جونج أون هو “صدام ترامب”.

ويعقد الكاتب مقارنة بين سياسة ترامب حيال زعيم كوريا الشمالية وسياسة بوش حيال صدام قائلا: تم تهديد صدام قبل 15 عاما بـ”الصدمة والرعب”، وهو الأمر نفسه الذي فعله ترامب عندما هدد كيم بـ”النار والغضب”، بوش وصف صدام بـ”الرجل المجنون” ، أليس هذا قريب الشبه بما قاله ترامب عن كيم “روكت مان” أو “رجل الصواريخ”، لم يتمكن بوش وبلير من تفادي جرائمهما ضد الإنسانية بغزوهما للعراق، ولم يجلسا مع “هتلر نهر دجلة”.. ربما فعلها ترامب لو كان في البيت الأبيض وقتها.
 

ويضيف، لكننا جميعا نعرف ما حدث في ذلك العصر -ما قبل صداع ترامب- ذبح الأبرياء، واشتعلت نيران الحرب الأهلية والطائفية والإعدامات والتعذيب في أبو غريب، علينا أن نتذكر اليوم -ولنضع ترامب جانبا للحظة واحدة- كيف أدى غزو العراق والمقاومة الجماهيرية لعدواننا الغربي إلى تأسيس نوع جديد من المتطرفين، تم تربيته في السجون ومعسكرات التعذيب، ومع انهيار العراق وتركه ليتعفن في مستنقع الإفلاس والفساد، ظهرت “داعش” بقوة مكتسبة زخما من الانقسام “السني – الشيعي”، إذا كان صدام هو هتلر عصره، فمن الطبيعي أن تقرر هيئة الأركان المشتركة الأمريكية أن داعش هي التهديد الأكثر ترويعا في التاريخ.

ويتابع الكاتب البريطاني: في الغرب، من السهل تقطيع أحداث الشرق الأوسط إلى دورات إخبارية سهلة الاستهلاك، لا علاقة لها ببعضها البعض، أخبار فيها القليل من الرعب، لكنها سرعان ما تتلاشى من ذاكرة المشاهد الغربي بفعل بعد المسافات والجهل بالآخر ونقص التعاطف.. هنا في بريطانيا لم تمر سنوات عديدة منذ أن قرر حزب العمال البريطاني أن الوقت قد حان للخروج من العراق، كما لو أن هذه المجزرة الجماعية كات مجرد انفصال محلي أو نزاع عائلي، بالنسبة للشرق الأوسط، هذه الأحداث الدامية باتت كمسلسل، حدث دموي هنا يؤدي إلى نتيجة دموية هناك، يفصلهما في العادة تهديدات أوهجمات صاروخية أو إرهاب عابر للحدود.

يجدد فيسك التأكيد على أن ظهور “داعش” جاء نتيجة لحرب العراق، موضحا كيف تمكن هذا التنظيم من عبور الحدود العراقية والدخول بوحشية على خط الحرب الأهلية في سوريا، وتحديدا في الرقة والموصل، قائلا: هذا هو ما جلبناه لشعوب الشرق الأوسط.. أسلحتنا إلى الحكومة العراقية والمعارضة في سوريا انتهى بها المطاف في أيدي داعش ومع تهاون النظام السوري، وصلت روسيا بقوتها العسكرية الخاصة لتجلب مزيدا من الدمار.. الحرب على الإرهاب التي بدأت في 11 سبتمبر تحولت إلى حرب على أفغانستان ثم إلى حرب ضد صدام ثم تطورت لحرب ضد “داعش” والآن يجرى تدمير الأكراد على يد جيش السلطان أردوغان – حلفائنا في الناتو تذكروا-، علينا أن ننسى الحديث عن العدالة والكرامة والتعليم.. لم نكن مهتمين بهذه الطموحات اليائسة والمبررة لشعوب الشرق الأوسط.
 

ويستدرك حروبنا على مدى السنوات الـ15 الماضية كانت عملاقا للغاية بحيث لم تترك أي مكان للفلسطينيين المساكين في ظل أطول احتلال عسكري في التاريخ الحديث، ومكلفة للغاية، نحن ندمر الموصل كما دمرنا بغداد ، الروس يساعدون على تدمير حلب والغوطة، ثم ندمر الرقة، لنبكي بالتناوب على المدنيين في حلب والغوطة ونحول وجوهنا البراقة من موتى الموصل والرقة، وجميعا نعرف الأسباب.. إذا استطعنا تدمير هذه الأرض القديمة في بلاد ما بين النهرين، فليس غريبا أن نعلن بكل سهولة القدس عاصمة لإسرائيل، وأن تخبر تيريزا ماي العالم بأن بريطانيا لا تزال تشعر “بالفخر” بوعد بلفور.

ويختتم الكاتب البريطاني مقاله قائلا: إذا كان ترامب بإمكانه أن يقرر من يملك القدس ويجهز نفسه للحديث مع كيم، فهو كان سيتصرف بذات النهج لو كانت رئاسته غير الأخلاقية موجودة في العام 2003 ، كان سيطير إلى بغداد، للقاء “هتلر نهر دجلة”، وهذا لو حدث لكان ترامب أنقذ الشرق الأوسط، فلا غزو للعراق ولا حمام دم شرق أوسطي كان سيحدث؟  فكر في الأمر، يمكنا أن نقول إن ترامب الرجل الذي جاء إلى السلطة بعد فوات الأوان!.

  فكرة الكاتب عن “اللقاء المستحيل” بين ترامب وصدام، ليست من فراغ فهناك تشابه كبير بين الشخصين، لم يقف عند الحد المعروف من السمات الشخصية المتعلقة بجنون العظمة واستعراض القوة، بل وصل إلى حد التطابق في الذوق المعماري لقصورهما، فمنذ عامين نشرت “ديلي ميل” تقريرا يظهر أوجه التشابة بين قصور ترامب وصدام، موضحة أن غرف متعددة داخل عدد من ممتلكات صدام وترامب، هي بالتصميم ذاته، نظرا لشغفهما بالتصاميم الفخمة والأغراض التي يكسوها الذهب وكل مظاهر البذخ والترف.. فهل لو عادت عقارب الساعة للوراء هل كان من الممكن أن نشاهد ترامب على مأدبة غداء مع صدام داخل قصره في بغداد
 

 

ربما يعجبك أيضا