زيارة «آكار» لطرابلس.. الحقد التركي يشعل النار في غصن الزيتون

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

في وقت يحاول فيه الليبيون لمّ الشمل والاجتماع على كلمة واحدة بمساعي عربية على رأسها الجارة مصر، تسعى تركيا لتعكير صفو الأمور وإقحام أنفها في أي تسوية سياسية محتملة قد تشهدها «بلد المختار» بين حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي.

وترفض “أنقرة” الاستسلام لأي بادرة سلام وتدفع بكل قوة بالإرهابيين والميلشيات لإحداث مزيد من الاضطرابات، يزيد الأمر وضوحًا عن الأهداف التركية الخبيثة، ما أعلنه الجيش الليبي، أنه رصد حشود لجماعات إرهابية ومرتزقة في عموم شرق مصراتة، وذلك حسب ما أفادت فضائية “العربية”.

وفى موقف يؤكد التدخل التركي غير المشروع في الأراضي الليبية، والنوايا الخبيثة من أجل تفتيت ليبيا للسيطرة على الثروات النفطية، ظهر وزير الدفاع في حكومة أردوغان خلوصي آكار من طرابلس ليهدد قائد الجيش الليبي الوطني المشير خليفة حفتر وأبناء الجيش، زاعمًا أنهم يمثلون أهدافًا مشروعة للقوات التركية الموجودة داخل حدود ليبيا.

فيما أشار الجيش الليبي، إلى أن ميلشيات مسلحة رفعت درجة استعدادها للهجوم على سرت والجفرة، وذكر الجيش الليبي، أن تحركات الميلشيات تعد انتهاكًا صريحًا لاتفاق وقف النار.

وقف إطلاق النار

وقال المتحدث الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة الليبية اللواء أحمد المسماري، إنه في الوقت الذي تؤكد فيه القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية التزامها بوقف إطلاق النار وتنفيذ مخرجات اللجنة العسكرية “5+5” واستجابة لمتطلبات المجتمع الدولي ومساعي الخيرين من الليبيين، يكون هناك خروقات تضر بمساعي التهدئة.

وأضاف المسماري: رصدنا تحشيد كبير للمليشيات الإجرامية والتكفيرية المدججة بالأسلحة التركية المتطورة وآلاف المرتزقة والمقاتلين الأجانب في منطقة الهيشة والقداحية وزمزم وعموم شرق مصراتة، ورفع درجة الاستعداد لديهم وتهديدهم بالهجوم على مناطق الجيش الليبي في سرت والجفرة وتهديد الشرق بالكامل.

يأتي ذلك بعد ما رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالنجاح الكبير الذي تحقق في تنفيذ عملية تبادل محتجزين من الطرفين بإشراف اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، والتي تمت بجهودٍ ومساعٍ حميدة قام بها المشايخ والأعيان والحكماء.

زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى طرابلس وتصريحاته في حق الجيش الليبي والمشير خليفة حفتر جاءت للتغطية على حالة الاقتتال بين الحين والآخر التي تحدث بين ميلشيات الوفاق المدعومة من حكومة أنقرة ليزيد المشهد الليبي تشابكًا.

أهداف خبيثة

وكشفت مصادر مطلعة بحسب موقع العربية نت، أن من بين أهداف زيارة خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي للعاصمة الليبية، تقييم جهود الأجهزة التركية في إنهاء الخلافات والانقسامات بين الفصائل العسكرية والميلشيات المنضوية ضمن القوى الموالية لحكومة الوفاق، والوجود العسكري التركي، وتعبئة جميع القوى في المنطقة لمواجهة هجوم محتمل قد يشنه خليفة حفتر ضد التوغل التركي في غرب ليبيا.

وذكرت المصادر أن وزير الدفاع التركي، واجه في طرابلس الغرب صعوبات جمة بسبب الخلافات بين الميلشيات المؤيدة لحكومة الوفاق، و”طلب من الموالين للغزو التركي التركيز على الخطر القادم من الشرق بعد تهديدات خليفة حفتر، وعدم الانجرار لاقتتال في طرابلس”.

ميلشيات الوفاق

وقالت مصادر قريبة من الساحة الأصولية، إن “ميلشيات الوفاق كانت على وشك التناحر وفق تقديرات للاستخبارات التركية، ما أثار قلقًا لدى المسؤولين الأتراك بشأن مصير وجودهم في ليبيا والمخاطر التي قد يشكلها عليه أي اقتتال أهلي في منطقة يريدون أن تكون حاضنة اجتماعية له”.

وتفاقمت الخلافات خلال الفترة الأخيرة بين كتائب الدروع التي تتركز معظم قياداتها ومعسكراتها في مدينة الزاوية، وميلشيات طرابلس، كما أثار قرار لرئيس المجلس الرئاسي يمنح قوة الردع صلاحيات أمنية واسعة، مشاكل وصراعًا على النفوذ بين عناصر الميلشيات التابعة لوزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا، ومقاتلي ميلشيات الردع التي يتزعمها القيادي عبدالرؤوف كاره.

زيارة مرفوضة

ويثير حراك عسكري وسياسي واجتماعي لسكان طرابلس ضد هيمنة ميلشيات مصراتة على شوارع ومواقع حيوية ومؤسسات الدولة في العاصمة قلق تركيا، ويجري الحديث عن تحضيرات لعملية عسكرية تنوي ميلشيات طرابلس شنها لطرد جميع المسلحين القادمين من مصراتة من مدينتهم، وأن تكرس نتائج هذه العملية رغبة سكان المدينة الأصليين في أن تسند المهام الأمنية والعسكرية لكتائب طرابلس فقط.

ومن غير المستبعد في رأي مراقبين أن يتحالف مقاتلو الزنتان هذه المرة مع كتائب طرابلس ضد غريمهم السابق في مصراتة، والذي قاد المعركة التي أفقدتهم السيطرة على مواقع استراتيجية، من بينها مطار طرابلس فتحي باشاغا وحليفه صلاح بادي.

رد ليبي

وعطفًا على زيارة وزير الدفاع التركي إلى ليبيا، قال العميد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي في القوات المسلحة الليبية، إن الجيش الوطني الليبي سيرد على تركيا بشكل مناسب وغير متوقع، جاء ذلك ردًا على تصريحات وزير الدفاع التركي الأخيرة والتي توعد فيها قوات الجيش الليبي.

وأضاف المحجوب، في تصريحات نقلتها قناة العربية، أن مصر شريك حقيقي في الأمن القومى الليبي، مشيرًا إلى أن المصريون يدعمون مخرجات مؤتمر برلين والقوات المسلحة الليبية.

تحدي الشرعية الدولية

وفي سياق متصل، سلطت صحف عربية واسعة الانتشار الضوء على التحركات التركية الرامية إلى مزيد من الاضطراب والقلاقل في ليبيا، وأكدت صحيفتا الخليج والوطن الإماراتيتان، أن الرئيس التركي رجب أردوغان حول تركيا إلى دولة تنتهك القرارات الدولية، وتعتدي على سيادة الدول المجاورة، وتشن حروبًا بواسطة مرتزقتها.

وذكرت صحيفة الخليج في افتتاحيتها اليوم الإثنين تحت عنوان “زيارة ملغومة” أن زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي آكار وقادة جيشه إلى ليبيا ليست للسياحة، بل لتسعير المواجهة العسكرية، بعد إعلان قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، أنه لا خيار أمام القوات التركية سوى مغادرة ليبيا سلمًا أو حربًا، وكأن آكار جاء إلى طرابلس ليحرض أركان «حكومة الوفاق» الذين التقاهم على رفض أي تسوية لا تكون تركيا شريكة فيها.

وأشارت إلى أن زيارة آكار ترافقت مع صدور قرار عن مجلس الأمن يدعو كل المرتزقة والمقاتلين الأجانب إلى الانسحاب من ليبيا بما ينسجم واتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه الأطراف الليبية في 23 أكتوبر الماضي، والتزامات المشاركين في مؤتمر برلين في يناير الماضي، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وقد صدر البيان بإجماع أعضاء المجلس، ورغم ذلك فإن تركيا تدير ظهرها لهذا القرار، ولغيره من القرارات المماثلة.

أطماع تركيا

من جانبها، أوضحت صحيفة الوطن تحت عنوان: “نظام أردوغان قوة احتلال” أن النظام التركي يعلن المضي في ترسيخ احتلاله لليبيا ضاربًا بعرض الحائط المواقف الدولية الداعمة لاستعادة استقرار البلد وإنهاء أزماته ومعاناته، وبلغ الاستهتار والجنون التركي الذي بات معتادًا إلى درجة أن يدعي وزير دفاع نظام أردوغان الذي وصل إلى العاصمة الليبية طرابلس بأن قوات الجيش النظامي الليبي؛ وهي القوات الشرعية ستكون أهدافًا للمليشيات التركية.

وأضافت أن العالم لن يقبل أن تعود أطماع تاريخية إلى الواجهة مجددًا، كما لا يمكن للمجتمع الدولي أن يسمح بأي تمدد أو خروج لجماعة “الإخوان” الإرهابية من أوكارها بعد كل ما بدر منها وباتت مدرجة على أغلب القوائم السوداء، والنظام التركي الذي يتاجر بكل شيء لن يكون قادرًا على مواصلة ما يقوم به إلى ما لا نهاية.

ربما يعجبك أيضا