الأسطول الجوي الأمريكي «يحتضر».. والمال وحده لا يكفي للتحديث

بسام عباس

20 عامًا من الحرب المستمرة استنزفت الأسطول الجوي الأمريكي والمسؤولون تجاهلوا احتياجات التحديث الحرجة.. فكيف يمكن تدارك الكارثة؟


بعد تاريخ حافل في الخدمة الجوية أصبحت مقاتلة “فالكون إف 16” الأمريكية، التي مثلت العمود الفقري للقوة الجوية للحلفاء في أوروبا لجيل كامل، تواجه صعوبات جمة مؤخرًا.

وبحسب موقع “ديفنس نيوز” في تقريره المنشور، أمس الأول الاثنين 22 سبتمبر 2022، فإن مقاتلات الجيل الرابع قديمة جدًّا، فمتوسط ​​عمر المقاتلة أكثر من 30 عامًا، وبدأ بعضها الطيران في أوائل الثمانينيات، وكذلك فإن الطائرات نفسها بحاجة إلى تجديد وتحديث.

تحديث أسطول الطائرات ضرورة ملحة

بينما تحاول القوات الجوية الأمريكية بث حياة جديدة في بعض طائرات “إف 16” على أمل أن تستمر في الطيران حتى عام 2040، يرى نائب رئيس هيئة الأركان لخطط وبرامج القوات الجوية، الجنرال ريتشارد مور، أن البديل أمر لا مفر منه، ولكن ما يجعل هذه المعادلة صعبة أن المقاتلات البديلة، خصوصًا طائرات “إف 35 إيه”، لا تصل بالسرعة الكافية.

ولفت مور إلى أن جيش الصين المتقدم يمثل “تهديد سرعة” ينبغي على سلاح الجو مواجهته، ومن ثم فإن الحاجة إلى تحديث الأسطول الأمريكي المقاتل أصبحت ملحة.

وقال كبار مسؤولي القوات الجوية، منذ فترة طويلة، إن الخدمة يجب أن تشتري ما لا يقل عن 72 مقاتلة كل عام. وعلق مور بأن تمويل مثل هذه المشتريات يساعد الخدمة على تحديث وخفض متوسط ​​عمر الأسطول، خصوصًا أن متوسط ​​عمر الطائرات المقاتلة في الخدمة، اليوم، يبلغ نحو 28 عامًا.

تقاعد هياكل الطائرات القديمة

مع اقتراب القوات الجوية من الذكرى السنوية 75 لتأسيسها، ومرور ما يقرب من نصف هذه المدة على وجود طائرة “إف 16” كعامل نصر قوي، حذر مور من أنها قريبًا ستخرج من الخدمة، وأن الولايات المتحدة ينبغي أن تكون جادة بشأن تمويل مشتريات المقاتلات لمواجهة هذا المستقبل.

وأوضح مدير إدارة الاستحواذ والمشتريات التابعة لسلاح الجو الأمريكي، أندرو هانتر، خلال مائدة مستديرة في أوهايو، الشهر الماضي، أن الخدمة لن تكون قادرة على التحديث على نحو صحيح، إذا لم يوافق الكونجرس على تقاعد هياكل الطائرات القديمة، لافتًا إلى أن “المال وحده لا يحل مشكلتنا.. توجد قيود رئيسة على الأشخاص والبنية التحتية أيضًا”.

التخطيط للمستقبل

الجنرال ريتشارد مور أوضح أن مكتبه يبني خطة موارد تحدد مسارًا نحو أولويات التحديث، وأضاف أن وضع هذه الخطة عملية من مرحلتين، الأولى تتطلب تصور ما سيصبح عليه سلاح الجو بعد 30 عامًا، ما يعني، على المدى القريب، إطلاق برنامج دفاعي لمدة 5 سنوات، والذي يقدم مقترحات الميزانية التي تُعرض على الكونجرس.

وبعد ذلك يأتي يتولى المكتب التخطيط بعيد المدى، بدءًا من السنة المالية 2029، واستشراف السنوات 25 المقبلة، للنظر في القدرات التي ستحتاجها القوات الجوية الأمريكية بحلول عام 2054.

مستقبل سلاح الجو في أوروبا والمحيط الهادئ

في ظل الحرب الروسية الأوكرانية التي قلبت بيئة الدفاع الأوروبية، وإطلاق الصين صواريخ بالقرب من تايوان، بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، أصبح سلاح الجو الأمريكي يتعرض لضغوط لتحديد مستقبل قوته في أوروبا والمحيط الهادئ.

وفي أوروبا، يخطط سلاح الجو لامتلاك سربين دائمين من طراز “إف 35 إيه” مع الجناح المقاتل 48، في قاعدة القوات الجوية الملكية في ليكينهيث بإنجلترا، وفي غضون بضع سنوات، تتوقع القوات الجوية أن يكون لديها 54 مقاتلة من طراز “إف 35” متمركزة في ليكينهيث.

الركيزة الأساسية للمقاتلات الأمريكية في أوروبا

أشار مور إلى إنه مع دخول المزيد من طائرات “إف 35 أيه” إلى سلاح الجو، فإن هذا النوع سيكون بمثابة “الركيزة الأساسية” لأسطول المقاتلات الأمريكية في أوروبا، مضيفًا أن قابلية التشغيل البيني للمتغير مع طائرات “إف 35” الأخرى التي ينقلها الحلفاء والشركاء في المنطقة، مثل المملكة المتحدة وإيطاليا، تزيد من قوتها.

ومع ذلك، قال مور إن الصورة طويلة المدى لهذا الأسطول في أوروبا غير واضحة المعالم، ولكنها ستعتمد على عدة عوامل، أهمها الظروف الأمنية في أوروبا في السنوات المقبلة، وعدد المقاتلات الجديدة التي يمكن للقوات الجوية شراءها.

نقص حاد في التمويل

وفي تقرير نشر يوم الاثنين 12 سبتمبر 2017، انتقد معهد ميتشل لأبحاث الفضاء في الولايات المتحدة أسطول سلاح الجو الأمريكي بسبب ما يعانيه من “نقص حاد وضمور مزمن” في التمويل، مشيرًا إلى أنه لن يكون جاهزًا للقتال ضد الصين.

وذكر التقرير أن قرابة 20 عامًا من الحرب المستمرة في الشرق الأوسط، استنزفت الأسطول الجوي الأمريكي وأهلكته، وفي الوقت نفسه، تجاهل المسؤولون احتياجات التحديث الحرجة لفترة طويلة، بحيث أصبحت قدرة القوات الجوية على القتال والانتصار في الحروب في خطر داهم.

وكشف التقرير أن أسطول المقاتلات أقل قدرة على خوض حرب مما تشير إليه الأرقام الإجمالية المنشورة، ما يعني أن القوة الجوية لديها قرابة 1200 مقاتلة يمكنها القتال، ولكن بحساب الطائرات غير القادرة على تنفيذ المهمات، ينخفض ​​العدد إلى أقل من ألف مقاتلة، وأوصي تقرير معهد ميتشل بأن تزيد القوات الجوية من مشترياتها من طائرات “إف 35 أيه” إلى 60 أو 80 مقاتلة سنويًّا.

ربما يعجبك أيضا