«سي إن إن»: بيلاروسيا قد تصبح مصدر هجمات روسية على أوكرانيا

آية سيد
بيلاروسيا

إن ما يُقلق كييف هو احتمالية أن تصبح حدودها الشمالية المشتركة مع بيلاروسيا، البالغ طولها ألف كيلومتر، بوابة للقوات الروسية للمرة الثانية هذا العام.


أعلن رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، الأسبوع الماضي أن بلاده بصدد تشكيل قوة إقليمية مشتركة مع روسيا، وإجراء تدريبات.

وانتاب القلق الأوكرانيين بعدما  أعلن مدير التعاون الدولي العسكري بوزارة الدفاع البيلاروسية، فاليري ريفينكو، وصول أول دفعة من الجنود الروس يوم السبت الماضي، على أن يصل عددهم إلى نحو 9 آلاف جندي.

لماذا تقلق كييف؟

نشرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، اليوم الثلاثاء 18 أكتوبر 2022، تحليلًا للصحفي تيم ليستر، ذكر فيه أن ما يُقلق كييف هو احتمالية أن تصبح حدودها الشمالية المشتركة مع بيلاروسيا، البالغ طولها ألف كيلومتر، بوابة للقوات الروسية للمرة الثانية هذا العام.

ولفت الكاتب إلى أن الجيش الأوكراني يشن هجمات في الشرق والجنوب ويصد القوات الروسية في مناطق من دونيتسك وزابوروجيا. وبعد 7 أشهر من بداية، يعاني الجيش الأوكراني استنزافًا مثل عدوه. ولهذا، فإن تحريك القوات للدفاع عن الجناح الشمالي سينهك القوات التي تقاتل بالفعل على جبهات متعددة.

الهدف من تشكيل القوة

تقول بيلاروسيا إن القوة المشتركة “دفاعية”، وإن تلك الأنشطة تهدف إلى ردع الاستعدادات الأوكرانية لمهاجمة البلاد، وفق ليستر. وقال وزير الدفاع البيلاروسي، فيكتور خيرنين، إن كل الأنشطة الجارية في الوقت الحالي “تهدف إلى توفير رد كافٍ على الأنشطة بالقرب من حدود بيلاروسيا”.

وقال لوكاشينكو الأسبوع الماضي إن حكومته تلقت “تحذيرات بشأن شن ضربات ضد بيلاروسيا من الأراضي الأوكرانية”، وصرح وزير خارجيته بوجود “عملية لمكافحة الإرهاب، وسط تقارير عن استفزازت وشيكة من دول مجاورة”.

نفي أوكراني

من جهتها، نفت أوكرانيا هذه الادعاءات بشدة. وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية إنها ترفض رفضًا قاطعًا هذه التلميحات من جانب نظام بيلاروسيا، بحسب الكاتب. وأضافت: “لا يمكننا استبعاد أن يكون هذا جزءًا من استفزاز من جانب الاتحاد الروسي”.

وفي السياق ذاته، قال الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، في اجتماع لقادة مجموعة الـ7 الأسبوع الماضي، إن الأمم المتحدة ينبغي أن ترسل قوات حفظ سلام إلى الحدود. وتابع: “روسيا تحاول جر بيلاروسيا إلى هذه الحرب بنحو مباشر”.

تحركات عسكرية

أشار ليستر إلى وجود تحركات أكبر للعتاد العسكري على خطوط السكك الحديدية لبيلاروسيا، بحسب ما تُظهر مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي. ويعتقد المحللون أنه من المحتمل أن يكون معظم هذا العتاد مملوك لروسيا ويجري استرداده من المخازن في بيلاروسيا لتعويض خسائر القوات الروسية في الفترة الأخيرة.

والاحتمال الأقل ترجيحًا هو أن هذا النشاط يشير إلى أن بيلاروسيا تستعد لدخول المعركة. لكن وفق المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، لم تر الولايات المتحدة مؤشرات على أن القوات البيلاروسية “تستعد لدخول الحرب”.

حجم قوة الجيش البيلاروسي

لفت الكاتب إلى أن لوكاشينكو، رغم خطاباته الرنانة، لم يرسل قواته للمشاركة في “العملية العسكرية الخاصة” الروسية، ويعتقد معظم المحللين أنه حتى لو فعل، فلن يُحدث ذلك فرقًا. وفي هذا الشأن، رأى المحلل الدفاعي المستقل، كونراد موزيكا، أن الجيش البيلاروسي “ضعيف نسبيًّا”.

وكتب موزيكا على “تويتر”: “القوات المسلحة البيلاروسية قوة تعبوية إلى حد كبير. وتبلغ قوتها البشرية حوالي 50-60% من القوة المطلوبة وقت السلم”، مضيفًا أنه للوصول إلى القوة الكاملة، تحتاج إلى تعبئة 20 ألف رجل على الأقل. لكن لوكاشينكو شدد الأسبوع الماضي على أن بلاده لا تخطط لأي تعبئة عسكرية.

التدريبات العسكرية

على عكس جيش روسيا، نادرًا ما يجري جيش بيلاروسيا تدريبات فوق مستوى الكتيبة، وفق ليستر. لكن العام الحالي شهد ارتفاعًا في مستوى التدريبات، وكان آخرها الأسبوع الماضي. وفي هذا الإطار، قال الضابط المسؤول عن القوات المشتركة الأوكرانية، سيرهي ناييف: “هذا استعراض آخر لجاهزيتهم، وزيادة مصطنعة للتوتر”.

وفي ما يتعلق بالتدريبات، تصور المحلل الدفاعي، موزيكا، 3 سيناريوهات: أن التدريبات مصممة للاستعداد لهجوم من دول الناتو، أو أنها تهدف إلى ربط القوات الأوكرانية على طول الحدود، أو أنها استعدادات لشن هجوم على أوكرانيا.

الصواريخ الروسية

استبعد ليستر السيناريوهين الأول والثالث، ورجح السيناريو الثاني لأن انشغال الأوكرانيين بحدودهم الشمالية يعمل في مصلحة موسكو، خاصةً بسبب قربها من كييف. وفي هذا الصدد، قال ناييف إن بيلاروسيا مهمة بالفعل للصواريخ الروسية.

وبحسب التقديرات الأوكرانية، توجد 4 منظومات صواريخ باليستية هناك و12 منظومة إس-400 أرض جو، وبعض المسيرات إيرانية الصنع التي وصلت الأسبوع الماضي من الشمال. ووفق وزارة الدفاع البيلاروسية، بدأ المزيد من الطائرات المقاتلة الروسية في الوصول إلى بيلاروسيا.

إمكانية الهجوم من الشمال

على الرغم من  التعبئة العسكرية الجزئية، رأى معهد دراسات الحرب الأمريكي أن الجيش الروسي غير قادر، في الوقت الراهن، على تشكيل كتيبة أخرى لمهاجمة أوكرانيا من الشمال.

وقال المعهد: “تواصل القوات الروسية استنزاف قدراتها القتالية، وتضغط على نفسها في محاولات الاستيلاء على قرى صغيرة في دونباس”، مضيفًا أنها لا تمتلك القوات الميكانيكية ذات الفاعلية القتالية لاستكمال التوغل البيلاروسي في شمال أوكرانيا.

ضغط متزايد على بيلاروسيا

طوال الحرب الروسية الأوكرانية، دعم لوكاشينكو روسيا، دون إلزام قواته بالمشاركة. وقال الأسبوع الماضي: “نحن نشارك، لكننا لا نقتل أحدًا. ولن نرسل جيشنا إلى أي مكان”. إلا أن ليستر رأى أن مساحة لوكاشينكو للمناورة تتضاءل، وأن الاحتجاجات الجماهيرية عقب إعادة انتخابه في 2020 جعلته أكثر اعتمادًا على موسكو.

وبينما تزداد حاجة الكرملين إلى تحقيق بعض “النجاحات” في أوكرانيا، قد تجد بيلاروسيا نفسها تحت ضغط متزايد للتعاون، وفق ليستر. لكن في الوقت نفسه، سيرغب لوكاشينكو في تجنب خطر تعرض قواته التي لم تُختبر إلى الهجوم في أوكرانيا، لأنه سيتعرض لمزيد من الاضطراب الداخلي حال تشتت أو ضعف قواته الأمنية.

ربما يعجبك أيضا