صحيفة أمريكية: بوتين يريد إشعال حرب في البلقان.. كيف سيرد الغرب؟

وول ستريت جورنال: روسيا تحاول فتح جبهة جديدة في البلقان

آية سيد
بوتين يريد إشعال حرب في البلقان.. كيف يرد الغرب؟

في ظل الخسائر التي تتكبدها القوات الروسية في أوكرانيا، موسكو لديها الكثير لتكسبه من إثارة المشكلات في مناطق أخرى من القارة، ودول غرب البلقان مرشحًا مثاليًا لخطط روسيا.


بينما تتجه الأنظار إلى الحرب في أوكرانيا، يتشكل صراعًا آخر في أوروبا، مقال لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، سلط الضوء على محاولات روسيا فتح جبهة جديدة في البلقان، تعتمد على صربيا لتأجيج العنف والاضطراب في المنطقة.

أشار الباحثان بمنظمة الدفاع عن الديمقراطيات، إيفانا سترادنر ومارك مونتجومري، في مقال نشر الاثنين 18 مارس 2024 إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كان صريحًا في التعبير عن رغبته في إضعاف حلف شمال الأطلسي (الناتو) واستعادة الحدود التاريخية لروسيا.

طموحات الكرملين

لكن في ظل الخسائر الروسية في أوكرانيا، موسكو لديها الكثير لتكسبه من إثارة المشكلات في مناطق أخرى من القارة. والأزمة الإقليمية المناسبة ستمنح الكرملين فرصة لكسب النفوذ الإقليمي عبر صفقات السلاح والوساطة، في حين ستشتت الانتباه عن أوكرانيا وتمنح روسيا نفوذًا على القادة الغربيين.

رأى الباحثان أن دول غرب البلقان مرشح مثالي لخطط روسيا، لأن كوسوفو والبوسنة والهرسك ليسوا أعضاءً في الناتو. ومثلما تسعى موسكو للهيمنة على ما تسميه “العالم الروسي”، تدعو صربيا إلى توحيد “العالم الصربي”، وفي 1998، دفعت هذه الفكرة صربيا إلى غزو كوسوفو، الصراع الذي انتهى بالتدخل العسكري للناتو في مارس 1999.

بوتين يريد إشعال حرب في البلقان.. كيف يرد الغرب؟

رئيس صربيا، ألكسندر فوتشيتش، ورئيس روسيا، فلاديمير بوتين

ورغم أن الآلاف من جنود الناتو يبقون في كوسوفو كقوات حفظ سلام، فإن التوترات مرتفعة، وفي 2008، أعلنت كوسوفو من جانب واحد استقلالها عن صربيا وحظت باعتراف الكثير من الدول الغربية، ومن ضمنها الولايات المتحدة. لكن صربيا لا تعترف بسيادة كوسوفو.

ضغوط صربية

على مدار العام الماضي، وبدعم روسي، ضغط الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، على كوسوفو، وفي مايو الماضي، وضعت صربيا قواتها في حالة تأهب قتالي بعد اشتباك بين مثيري شغب صرب وقوات حفظ السلام الدولية، الذي أسفر عن إصابة 90 جنديًا في الناتو.

وحسب الباحثين، كانت هذه خطوة شبيهة بنهج الكرملين، المتمثل في استخدام التوترات العرقية كذريعة للتحرك العسكري. وفي سبتمبر الماضي، استعان فوتشيتش بخطوة أخرى من قواعد لعب بوتين، عندما هاجم 30 صربيًا مسلحًا دورية شرطة في كوسوفو، متسببين في مقتل 4 أشخاص.

وزعمت كوسوفو أن صربيا سلحتهم وأنهم على صلة بفوتشيتش، لكن الرئيس الصربي نفى أن بلاده سلحت المهاجمين. واستخدمت صربيا الحادثة كذريعة لحشد القوات على حدودها مع كوسوفو، ما أثار المخاوف بشأن اندلاع صراع وانتشاره إلى مقدونيا الشمالية، العضو في الناتو.

تصاعد التوترات

رغم أن صربيا سحبت قواتها على الحدود بعد أيام، لفت الباحثان إلى أنه من الواضح أن بلجراد وموسكو تجهزان حملة ثانية من العنف والأعمال الاستفزازية في 2024. وتنفذ روسيا حملات تأثير تروّج لرسائل موالية للحرب في صربيا، وترسل أسلحة. وترسل الصين أيضًا السلاح لصربيا.

التوترات الحدودية بين صربيا وكوسوفو

التوترات الحدودية بين صربيا وكوسوفو

وتعهدت صربيا بزيادة إنفاقها العسكري هذا العام، وتواصل استضافة “مركز إنساني روسي” بالقرب من قاعدة الناتو الرئيسة في كوسوفو، الذي يقول المسؤولون الغربيون إنه يخدم كمركز تجسس روسي. ويبدو أن الصرب يبحثون عن ذريعة للتحرك، ففي فبراير الماضي، قالت بلجراد إن حظر كوسوفو للدينار الصربي يرتقي إلى تطهير عرقي.

تجدد العنف

أشار الباحثان في مقالهما إلى أن هذه ليست برميل البارود الوحيد في المنطقة. فالبوسنة والهرسك تترنحان على حافة الانهيار. وفي أواخر العام الماضي، هدد زعيم صرب البوسنة، ميلوراد دوديك، وهو حليف لروسيا، هدد بأن إقليم “جمهورية صرب البوسنة” شبه المستقل، سينفصل عن البلاد.

وفي الأشهر المقبلة، قد يجدد هذا إشعال العنف العرقي الذي قتل أكثر من 100 ألف خلال حرب البوسنة والهرسك في 1992-1995. وفي التقرير الصادر في 5 فبراير الماضي، قال مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكي إنه يتوقع ارتفاع خطر العنف العرقي في غرب البلقان في 2024.

وفي أواخر العام الماضي، حذر أمين عام الناتو، ينس ستولتنبرج، أن روسيا لديها خطط لزعزعة استقرار البلقان، وهو نفس الشاغل الذي أعرب عنه وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، في يناير الماضي.

ماذا يفعل الغرب؟

يجب على الدول الغربية أن تمنع حدوث المزيد من الاضطراب في البلقان. ووفق الباحثين، ينبغي أن يعيد الناتو تركيز موارده العسكرية والدبلوماسية هناك ويعزز التزاماته العسكرية في كوسوفو. ويتعين أن يتعهد ائتلاف من أعضاء الناتو الراغبين الآن بتقديم المساعدات العسكرية إذا اتخذت صربيا أو روسيا خطوات عدائية في البلقان.

وفي الوقت ذاته، ينبغي أن تواصل الولايات المتحدة فرض عقوبات على المسؤولين الذين يقوضون الأمن في غرب البلقان، ويتعين أن ينضم الاتحاد الأوروبي لهذا المسعى. وينبغي على الناتو نشر فرق مكافحة الحرب الهجينة لمكافحة حملات الدعاية الروسية والصربية بقدرات أمن سيبراني محسنة.

ربما يعجبك أيضا