صلاح جاهين.. العبقري صاحب الألف موهبة 

رؤية
صلاح جاهين.. العبقري صاحب الألف موهبة 

كان جاهين يضع في قصائده مبلغ حكمته وهمه الشخصي والعام في آن واحد.. لكنه لم يترك مجالًا فنيًّا إلا ووضع بصمته فيه.


يعرف صلاح جاهين دومًا بالشاعر والرسام، غير أنه امتلك موهبة فنية متفجرّة جعلته صاحب الألف موهبة.

ولم يكتفِ جاهين بكونه شاعرًا ورسامًا للكاريكاتير فحسب، بل مارس كل أنواع الكتابة، من سيناريو أنجح الأفلام المصرية إلى أشهر الأغاني والأوبريتات التي حفظتها الذاكرة المصرية.

نشأته وبداياته الفنية

ولد صلاح جاهين في 25 ديسمبر عام 1930 بحي شبرا، وكان والده المستشار بهجت حلمي الذي تدرج في السلك القضائي، وبدأ وكيلًا للنيابة وانتهى رئيسًا لمحكمة استئناف المنصورة، وظهرت ميول جاهين الفنية منذ صغره، لذا اتجه لدراسة الفنون الجميلة، ولكنه تركها لدراسة الحقوق تأثرًا بوالده.

صلاح جاهين.. العبقري صاحب الألف موهبة 

صلاح جاهين.. العبقري صاحب الألف موهبة

إرث في شعر العامية

ظهرت موهبة جاهين في كتابة الشعر مبكرًا، فكانت أولى قصائده مرثية لشهداء مظاهرات الطلبة في المنصورة عام 1963، وفي بداياته كتب الشعر الكلاسيكي، ولكنه تأثر بعد بشاعر العامية الكبير، فؤاد حداد، فاتجه إلى العامية، تاركًا أثرًا كبيرًا في شعر العامية المصري.

اقرأ أيضًا: زواج عبدالحليم حافظ وسعاد حسني.. لغز بلا إجابة قاطعة

أحد كاريكاتيرات صلاح جاهين

أحد كاريكاتيرات صلاح جاهين

حس ساخر لصلاح جاهين

بجانب حساسيته الفنية، اتسم جاهين بحس ساخر، فظهرت موهبة أخرى له في سن العشرين هي رسم الكاريكاتير، وعمل في صحف ومجلات عديدة، كانت البداية في مجلة روز اليوسف، وبعدها اتجه إلى صباح الخير التي شارك في تأسيسها عام 1957.

وامتلك جاهين شخصيات كاريكاتورية أحبها الجمهور، مثل قيس وليلى، والفهامة، ودرش وغيرها من الشخصيات، وعمل جاهين رسام كاريكاتير في جريدة الأهرام.

قصائد جاهين

كان صلاح جاهين يضع في قصائده مبلغ حكمته وهمه الشخصي والعام في آن، لذا اشتهرت العديد من قصائده التي تجاوزت 161 قصيدة، على رأسها الرباعيات التي وضع فيها خلاصة فلسفته الحياتية، وبلغت الرباعيات من الشهرة أن غناها الفنان علي الحجار بألحان سيد مكاوي، وتجاوزت مبيعات إحدى طبعاتها الحكومية أكثر من 125 ألف نسخة.

اقرأ أيضًا: صور| الذكرى 23 لوفاة سندريلا الشاشة سعاد حسني

ومن بين قصائد جاهين الشهيرة أيضًا، قصيدة “على اسم مصر” التي كتبها عقب نكسة 5 يونيو 1967، والعجيب في الأمر أن جاهين استكمل القصيدة بعدها بنحو 4 سنوات، وقتها ألّم بالشاعر الكبير أزمة نفسية حادة، وبعد شفائه استكمل القصيدة التي وضع فيها عصارة حبه لمصر.

مشاركته في الأفلام

لم يترك جاهين مجالًا فنيًّا إلا وضع بصمته فيه، فشارك في عدة أفلام، منها “شهيد الحب الإلهي” و”اللص والكلاب” عام 1962، و”لا وقت للحب” عام 1963، و”المماليك” عام 1965، فضلًا عن إنتاجه أفلامًا خالدة في تاريخ السينما المصرية، مثل “عودة الابن الضال” للمخرج يوسف شاهين.

وكتب سيناريوهات بديعة لأفلام ظلت في الذاكرة المصرية مثل “خلي بالك من زوزو” الذي استمر عرضه في دور السينمات نحو 45 أسبوعًا في عام 1972.

صلاح جاهين مع الفنانة شادية

صلاح جاهين مع الفنانة شادية

أوبريت الليلة الكبيرة

كان لجاهين أثر في الموروث الشعبي المصري، ونجح في تخليد اسمه بين الناس عبر أوبريت العرائس “الليلة الكبيرة”، ففي عام 1959 نجح في جذب الجمهور المصري بفئتيه الكبار والصغار عبر الأوبريت الذي رسم لوحة كاملة عن المولد.

وصنع جاهين توليفة متكاملة من شخصيات بنت البلد والأراجوز ومنشد المواويل والشحاذ والراقصة وبائع الطراطير، وبسبب التعاون مع أشهر مبدعي مصر مثل سيد مكاوي في التلحين، والعرائس الشهيرة على يد ناجي شاكر، أصبح أوبريت الليلة الكبيرة من الأعمال المصرية الخالدة.

أوبريت الليلة الكبيرة

أوبريت الليلة الكبيرة

حياته الشخصية

المعروف عن حياة جاهين الشخصية أنه تزوج مرتين، الأولى من زميلته سوسن زكي التي كانت تعمل معه في دار الهلال في عام 1955، وأنجب طفلين، الابنة هي أمينة، والابن هو الشاعر المعروف بهاء جاهين، أما زواجه الثاني فكان من اللبنانية منى قطان التي تزوجها عام 1976، وأنجب ابنة واحدة هي الفنانة سامية جاهين.

صلاح جاهين مع زوجته سوسن زكي

صلاح جاهين مع زوجته سوسن زكي

ويوجد جانب آخر شخصي كان يتسم بالظلمة في حياة جاهين، حين مر الشاعر العبقري بفترات اكتئاب وعزلة لمرات عديدة، حتى إنه سافر للعلاج في موسكو أكثر من مرة.

وكان جاهين يحاول في كل مرة الخروج من حالات اكتئابه بالفن وكتابة الشعر، غير أنه على إثر أزمة نفسية حادة، رحل عن عمر لم يتجاوز 56 عامًا، واستيقظت الأمة المصرية في 21 إبريل من عام 1986 على خبر وفاة صاحب الألف موهبة.

ربما يعجبك أيضا