ضابط استخبارات أمريكي سابق: غزو إسرائيل لغزة سيفشل

العمليات البرية السابقة كبّدت إسرائيل تكلفة باهظة ولم توفر لها الأمن

آية سيد
القصف الفلسطيني

حتى لو نجحت إسرائيل في تدمير حماس، فإن الظروف التي خلقت الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ستظل كما هي.


نشرت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية تحليلًا يرجح أن غزو إسرائيل البري المرتقب لقطاع غزة لن يحقق أهدافه.

ورأى ضابط الاستخبارات الأمريكي السابق والزميل غير المقيم بمركز الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون الأمريكية ومعهد كوينسي الأمريكي، بول بيلار، أنه حتى لو نجحت إسرائيل في تدمير حماس، فإن الظروف التي خلقت الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ستظل كما هي.

تاريخ عنيف

في التحليل، المنشور أمس الثلاثاء 24 أكتوبر 2023، استعان بيلار بالحكمة القديمة التي تقول إن “تعريف الجنون هو فعل الشيء نفسه مرارًا وتكرارًا مع توقع نتيجة مختلفة في كل مرة”، مشيرًا إلى أن هذه المقولة وثيقة الصلة بتاريخ إسرائيل العنيف في قطاع غزة.

وقال بيلار إن حصار إسرائيل الخانق لغزة تخللته عمليات غزو بري وقصف جوي، أبرزها في 2008-2009 و2014. وتلك العمليات البرية كبّدت إسرائيل تكلفة باهظة، وكبّدت الفلسطينيين في قطاع غزة تكلفة أكبر. ومع ذلك، لم توفر الأمن والسلام لأي شخص، ولا حتى لإسرائيل.

هل هذه المرة مختلفة؟

كانت العمليات العسكرية الإسرائيلية السابقة ردًا على أشياء لا تُقارن، من حيث التأثير المادي والنفسي، بالهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر الجاري.

ضابط استخبارات أمريكي سابق: غزو إسرائيل لغزة سيفشل

هجوم حماس على إسرائيل، المعروف بـ”عملية طوفان الأقصى”

ولذلك، قد يظن البعض أن هذه المرة ستكون مختلفة، بدافع الغضب الشديد، للدرجة التي تجعل الغزو البري الجديد لغزة “تدميرًا للمرج”، وليس مجرد “جزًا للعشب”، حسب التعبير الذي تستخدمه إسرائيل.

لكن، حسب بيلار، لا يوجد سبب لتوقع أن تكون النتيجة الأساسية مختلفة، لأنه كلما كان الغزو الإسرائيلي الجديد أكثر تدميرًا، تسبب بمزيد من الغضب والاستياء، وأشعل المزيد من العنف المناهض لإسرائيل في المستقبل.

زيادة المعاناة

لفت المحلل الأمريكي إلى الغياب الواضح لأي خطة لجلب النظام والحوكمة الجيدة إلى قطاع غزة، حتى لو كان من الممكن القضاء على حماس.

وأضاف أن الغزو البري سيُضاعف معاناة الفلسطينيين الأبرياء، التي يمكن قياسها، من ضمن أمور أخرى، بموت الآلاف جراء القصف الجوي الإسرائيلي، وهي حصيلة أعلى بكثير من تلك التي ألحقتها حماس بإسرائيل.

تساؤلات غائبة

وفق بيلار، فإن الحديث عن “تدمير” حماس، سواء بغزو بري إسرائيلي لقطاع غزة أو بدونه، يتجاهل الأسئلة المهمة بشأن الأشياء الضرورية لتحقيق أمن أفضل للإسرائيليين والشعوب الأخرى في تلك المنطقة من الشرق الأوسط.

عملية «طوفان الأقصى»

عملية «طوفان الأقصى»

وعلى الرغم من أن حماس لديها مسؤولية أخلاقية ويجب إدانتها على هجوم 7 أكتوبر، بغض النظر عما حدث قبله، فإن حماس الموجودة اليوم هي جزء من، ونتيجة لـ، صراع أكبر مستمر منذ عقود، جلب الكثير من المعاناة للجانبين، لكن معاناة الفلسطينيين كانت أكبر بكثير.

ولذلك فإن فكرة تصوير حماس على أنها “شر قديم” تتجاهل بقية ذلك الصراع الأوسع، ويشمل ذلك تاريخ حماس وسياسات إسرائيل والجهات الفاعلة الأخرى تجاهها، حسب المحلل الأمريكي.

فكرة لا تموت

أشار بيلار، ضابط الاستخبارات السابق الذي كان مسؤولًا عن الشرق الأدنى وجنوب آسيا، إلى أنه من غير المؤكد إلى حد كبير ما إذا كان الغزو البري المتحرر من القيود، الذي يتخلله قتال وحشي في أزقة وأنفاق غزة، يستطيع تدمير حماس كمنظمة.

لكن من المؤكد أنه لن يدمرها كفكرة للمقاومة المسلحة ضد الاحتلال، والفصل العنصري في الضفة الغربية، وحصار قطاع غزة، وحرمان الفلسطينيين من حق تقرير المصير. وفي ظل استمرار هذه الأوضاع، حتى لو جرى تدمير حماس، ستحل محلها جماعة أخرى، بنفس مستوى العنف، أو ربما أسوأ.

واختتم المحلل الأمريكي تحليله بقوله إن إسرائيل أيضًا لديها مسؤولية أخلاقية، وينبغي أن تُحاكم على المعاناة التي تُسببها للأبرياء في قطاع غزة، سواء من الجو أو على الأرض، وسواء من الذخيرة أو الحصار، بغض النظر عما حدث قبل ذلك.

ربما يعجبك أيضا