ضربات متبادلة بين إيران وباكستان.. لماذا التصعيد الآن؟

وسط توترات الشرق الأوسط.. إيران وباكستان تتبادلان الضربات

آية سيد
ضربات متبادلة بين إيران وباكستان.. لماذا التصعيد الآن؟

تُظهر الضربات الباكستانية على الأراضي الإيرانية أن إسلام آباد قررت أن يتجاوز ردها التداعيات الدبلوماسية. فهل تشهد المنطقة المزيد من التصعيد؟


وسط التوترات التي يشهدها الشرق الأوسط، شنت باكستان وإيران ضربات متبادلة على أراضيهما، في تصعيد غير مسبوق بين الجارتين.

وتتشارك الدولتان حدودًا مضطربة تمتد لـ900 كيلومتر، حيث يقع إقليم بلوشستان على الجانب الباكستاني، ومحافظة سيستان وبلوشستان على الجانب الإيراني. ورغم أن الدولتين تحاربان الانفصاليين البلوش في المنطقة الحدودية، لم تعتاد أي منهما مهاجمة المسلحين في أراضي الأخرى.

ماذا حدث؟

حسب تقرير لشبكة “سي إن إن” الأمريكية، اليوم الخميس 18 يناير 2024، بدأت الأحداث أمس الأول الثلاثاء عندما شنت إيران ضربات على إقليم بلوشستان الباكستاني، ما أسفر عن مقتل طفلين وإصابة آخرين. وزعمت إيران أنها “استهدفت فقط الإرهابيين الإيرانيين على أراضي باكستان”، ولم تستهدف مواطنيين باكستانيين.

ووفق وكالة تسنيم الإيرانية، استهدفت الضربات معقل جماعة “جيش العدل”، وهي جماعة انفصالية تعمل على جانبي الحدود الباكستانية الإيرانية وأعلنت مسؤوليتها في السابق عن هجمات ضد أهداف إيرانية، وهدفها النهائي هو استقلال محافظة سيستان وبلوشستان عن إيران.

ضربات متبادلة بين إيران وباكستان.. لماذا التصعيد الآن؟

خريطة للمنطقة الحدودية بين إيران وباكستان

لكن الهجوم أثار غضب إسلام آباد، التي اعتبرته “انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والعلاقات الثنائية بين باكستان وإيران”. وردت بعدها بيومين بما وصفته بـ”سلسلة من الضربات العسكرية عالية التنسيق والدقة” على عدة مخابئ للانفصاليين في سيستان وبلوشستان. وأعلنت السلطات الإيرانية مقتل 3 نساء و4 أطفال جراء الضربات.

لماذا التصعيد الآن؟

لفتت “سي إن إن” إلى أن الاشتباكات المميتة على طول الحدود الباكستانية الإيرانية ليست بالشيء الجديد. لكن الأمر غير العادي هذه المرة هو استعداد كل جانب لضرب أهداف عبر تلك الحدود دون إخطار الجانب الآخر. وكل هذا يحدث على خلفية العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي انتشرت تداعياته في المنطقة.

ويقول الخبراء إن الصراع الإقليمي الأوسع ربما شجع إيران على أن تكون استباقية في ملاحقة الأهداف خارج حدودها، خاصة في الوقت الذي تحاول الولايات المتحدة الموازنة بين خفض تصعيد الأعمال العدائية واستعراض قوتها العسكرية لردع طهران.

تحركات إيرانية

قبل يوم من الضربات في باكستان، أطلقت إيران صواريخ باليستية على العراق وسوريا، بدعوى استهداف قاعدة تجسس إسرائيلية و”جماعات إرهابية مناهضة لإيران”، وفق ما نقلت الشبكة الأمريكية.

وفي الوقت ذاته، يستمر القتال العنيف بين إسرائيل وحزب الله المدعوم إيرانيًا على طول الحدود مع لبنان، وتحارب الولايات المتحدة جماعة الحوثي المدعومة إيرانيًا، التي تهاجم السفن في البحر الأحمر انتقامًا من العدوان الإسرائيلي على غزة.

السعي للهيمنة

قال الزميل بمؤسسة كارنيجي للسلام، كريم سجادبور: “إذا لم تشجب إيران ووكلاءها بقوة، فإن الاستمرار في تلك الأنشطة لن يكلفهم شيئًا”، مضيفًا أن موقف إيران المهيمن في الشرق الأوسط، مقارنة بالدول التي يمزقها الصراع مثل سوريا واليمن، يعني أنها تستفيد من الاضطراب الإقليمي و”ملء فراغات السلطة”.

وفي السياق ذاته، قال الجنرال الأمريكي المتقاعد، والقائد الأعلى السابق لحلف الناتو، ويسلي كلارك، إن الأعمال العدائية المختلفة تعكس “سعي إيران لترسيخ دورها كقائد في المنطقة”.

وأضاف، في تصريحات لـ”سي إن إن”، أنه في الوقت الذي تتواجد الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة، وتشن إسرائيل حملة على حماس، “تشعر إيران بالحاجة إلى الرد وفرض نفسها”.

تداعيات دبلوماسية

ضربات متبادلة بين إيران وباكستان.. لماذا التصعيد الآن؟

الشرطة الباكستانية تتفقد موقع الضربات الإيرانية في إقليم بلوشستان

أشارت الشبكة الأمريكية إلى أن الضربات الإيرانية أثارت خلافًا دبلوماسيًا، إذ استدعت باكستان سفيرها من طهران وعلّقت الزيارات رفيعة المستوى مع جارتها. وبعد الضربات الباكستانية، طالبت إيران، اليوم الخميس، بـ”تفسير فوري” من جارتها.

وفي سياق متصل، علّقت بعض الدول المجاورة على ما يحدث، وقالت الهند إنها “لا تتساهل مطلقًا مع الإرهاب” وإن الهجوم “شأن يخص إيران وباكستان”. فيما حثت الصين الدولتين على ممارسة ضبط النفس وتجنب تصعيد التوترات.

ومن جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، أمس الأربعاء، إن واشنطن تعمل لمنع اندلاع صراع شامل في الشرق الأوسط.

ماذا بعد؟

تُظهر الضربات الباكستانية على الأراضي الإيرانية أن إسلام آباد قررت أن يتجاوز ردها التداعيات الدبلوماسية. إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كانت إيران أو باكستان ترغبان في الانزلاق إلى أعمال عدائية شاملة بسبب الجماعات الانفصالية التي يعتبرونها عدوًا.

ووفق “سي إن إن”، أصدر الجانبان بيانات بعد ضرباتهما، تشير إلى الرغبة في عدم التصعيد. ووصفت وزارة الخارجية الباكستانية إيران بأنها “دولة شقيقة”، مشددة على “الحاجة إلى إيجاد حلول مشتركة”. وكذلك وصف وزير الخارجية الإيراني باكستان بأنها “دولة صديقة”، وقال إن الضربات الإيرانية كانت متناسبة وموجهة للمسلحين فقط.

ربما يعجبك أيضا