طائر تويتر خارج القفص.. ماذا يريد ماسك منه؟

علاء بريك

يبرر ماسك شراءه لتويتر برغبته في تعزيز حرية التعبير والحوار، لكن سيطرة شخص واحد على وسيلة التواصل هذه أليست تهدد حرية التعبير؟


أنجز الملياردير الأمريكي، إيلون ماسك، بعد عدة أشهر من الأخذ والرد، صفقة استحواذه على منصة “تويتر” بقيمة 44 مليار دولار أمريكي.

ولم ينته الجدل بإنهاء الصفقة، بل امتد إلى ما بعدها، فكان أول قرارات ماسك فصل 4 من كبار المسؤولين في الشركة، وغرَّد، عبر الموقع، قائلًا: “الطائر صار حرًّا”، في إشارة إلى شعار شركة تويتر.

الصفقة 54.20

عرض ماسك، في إبريل الماضي، ما بدا في حينه عرضًا مازحًا لشراء تويتر بسعر 54.20 دولار أمريكي للسهم الواحد، ولكن ما بدا آنذاك بين المزاح والجد انقلب بعدها إلى نزاع قضائي، بعد موافقة إدارة تويتر على العرض، لا سيما أن السعر المعروض يفوق سعر سهم تويتر.

وبعد الموافقة على العرض بدأ ماسك في أوائل يوليو الماضي، التراجع بحجة ارتكاب الشركة انتهاكات متعددة لاتفاقية الشراء، وبالمقابل ردت شركة تويتر برفع دعوى قضائية تلزمه بإكمال الصفقة، بعدها رد ماسك برفع دعوى قضائية ضد الشركة، لتنتهي هذه المعركة القانونية منتصف أكتوبر الحالي، بإنها الصفقة.

طموحات ماسكية

يحمل ماسك رؤى أبوكالبسية عن العالم، ويبني على أساسها طموحات عالية تدور حول إنقاذ البشرية، سواء إنقاذها من تدهور الكوكب أو خطابات الكراهية أو الذكاء الاصطناعي، وهذه العقلية ليست بالضرورة عملية، ويتبين من حواره مع جاك ما في المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي عام 2019.

وفي الصفقة الحالية، تظهر هذه العقلية جلية عند شرحه دوافعه للاستحواذ على المنصة الاجتماعية، حين يقول إن البشرية بحاجة، في المستقبل، إلى وجود ساحة إلكترونية مفتوحة، تسمح بمناقشة صحية وسلمية، ولا بد من إنقاذ وسائل التواصل من الاستقطاب بين اليمين واليسار وتنقيتها من خطاب الكراهية والفرقة.

التعطش للشهرة

في العقد الأخير، زاد حضور ماسك في المشهد العام بفعل تعطشه للشهرة، وصاغ لنفسه شخصية عامة تحلّق حولها عدد من المؤمنين بأفكاره ورؤيته، ويتشاركون العقلية الأبوكالبسية نفسها، وكانت دعاوى ماسك وقدرته المالية تميزانه، في نظر هؤلاء، لكونه قادرًا على أخذ المجازفة، وطرح حلول تبدو راديكالية، ولا تكاد تمر فترة لا يستحوذ فيها ماسك على اهتمام الإعلام.

وأما على الصعيد العملي، فكانت هذه الحلول في الغالب مكلفة وغير عملية وليس لها تأثير يذكر، وقد أورد إدوارد نيديرمير في كتابه “سخيف: القصة غير المنمقة لسيارات تيسلا” مثالًا على هدر الموارد المالية والمادية في أول سيارة كهربائية صممتها شركة ماسك “تيسلا رودستر”، بالمقابل لا تحظى هذه العثرات بالتغطية الإعلامية من جيشه الإعلامي.

رؤية خطيرة

وصف الاقتصادي الأمريكي ووزير العمل السابق، روبرت رايخ، في مادة نشرتها صحيفة الجارديان في 12 إبريل 2022، بأن سيطرة ماسك على تويتر أمر خطير، وقال إن الملياردير الأمريكي قد حظره على تويتر، حين انتقد رايخ في تعريدة عبر حسابه الشخصي، ممارسات ماسك بحق عمال مصانعه.

ومن هذه الحادثة، يرى رايخ أن ماسك الذي لم يتحمل مجرد انتقاد محق، كيف سيكون له أن يدعي دعم حرية التعبير، ويضيف أن ما يريده ماسك من كل التصرفات إنما زيادة سلطته وسطوته وإبراز نفسه والظهور بمظهر فاعل المعجزات، بالإضافة إلى ذلك، يحمل ماسك رؤية ليبرتارية إلى الإنترنت، ترتكز على عدم فرض أي قيود على استخدامه.

التعطش للسلطة

بحسب رايخ، لم يؤمن ماسك بأن السلطة مقرونة بالمسؤولية، ويستشهد على هذا، بأن ماسك لم يحسب حسابًا لعواقب تصريحاته وتغريداته، فقد سبق أن هدد صحفيين، وبالإضافة إلى ذلك، استخدم تويتر ليؤثر في الأسواق، وبالتحديد سوق العملات المشفرة التي استثمر فيها.

وعلاوة على كل هذا، يرى المليارديرات من أمثال ماسك، أنهم فوق القانون، ولا يبدو أن العقوبات الحكومية أو الدعاوى القضائية، قد تعني لهم أي شيء أكثر من كونها مجرد “فركة أذن”، بسبب ما يملكونه من ثروة وسلطة وقدرة على التأثير في الرأي العام وتوجيهه، وماسك اليوم لا يريد تحقيق حلم الإنترنت الحر وحرية التعبير، بل ما يريده هو أن يكون فوق المساءلة.

ربما يعجبك أيضا