ظاهرة البطالة في الأردن.. “ورقة موقف” حول الواقع والتوقعات والمقترحات ‎

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق   

عمّان – مع استمرار تداعيات كورونا وعودة الإجراءات المشددة في الأردن لمواجهة انتشار الفيروس اعتبارا من الخميس ولمدة أسبوعين، رجح المنتدى الاقتصادي الأردني، أن تتجاوز نسبة البطالة في البلاد 25% حتى نهاية العام 2020.  

وفي “ورقة موقف” أصدرها المنتدى بعنوان: “البطالة في الأردن: واقع وتوقعات ومقترحات”، توصل فيها إلى أن معدلات البطالة في المملكة سجلت المستوى الأعلى لها تاريخياً خلال العام الحالي 2020، سواءً بمعدلات البطالة بين الذكور أم بين الإناث، أو بين المحافظات وبمختلف التخصصات، معتبرا أنها معدلات مرتفعة بمختلف المعايير. 

واعتبر المنتدى أن ارتفاع معدل البطالة مشكلة اقتصادية مستعصية ذات آثار اجتماعية وخيمة، كونها تمس حياة شريحة واسعة من المواطنين والأسر الأردنية المنتشرة في مختلف مناطق ومحافظات المملكة. 

ونبّه المنتدى للأخطار والآثار الاقتصادية والاجتماعية الوخيمة المحتملة جراء الارتفاع المتزايد لمنحنى معدلات البطالة، ولاسيما إذا ما استمرت تجاهل هذه الظاهرة. 

وشدد على أهمية وضع سياسات اقتصادية واستثمارية وحلول وآليات مناسبة لتسطيح منحنى معدلات البطالة المتسارع في الارتفاع. 

وقسم المنتدى نقاشه في هذه الورقة إلى محورين أساسيين: يبحث الأول واقع وتوقعات البطالة في الأردن، والثاني يقدم بعض المقترحات والحلول للحد من تفاقم مشكلة البطالة في المملكة. 

واقع وتوقعات البطالة في الأردن 

في المحور الأول، أشار المنتدى إلى أن مستويات البطالة واصلت ارتفاعها للسنة السادسة على التوالي وصولاً إلى 23 بالمئة في الربع الثاني من العام الحالي، مرجحا أن تتجاوز نسبتها 25 بالمئة في نهاية العام، كنتيجة لتداعيات جائحة كورونا. 

وزاد أن الجائحة تسببت بتعثر الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة، ما جعل تلك الشركات تستغني عن عمالها وموظفيها على الرغم من التدخلات والإجراءات الحكومية المتخذة أثناء فترة الإغلاق. 

وأضاف المنتدى في دراسته البحثية التي اطلعت “رؤية” على نسخة منها، أن الأزمة الاقتصادية والتباطؤ الاقتصادي وضعف استقطاب الاستثمارات الأجنبية والمحلية أسهم بتفاقم مشكلة البطالة مضافا إليها الظروف السياسية والأمنية التي يعيشها الإقليم والتي زادت من تدفق اللاجئين إلى المملكة. 

وقال المنتدى إن من الأسباب أيضا دخول الآلاف من خريجي المدارس والمعاهد المهنية والأكاديمية والجامعات الأردنية سنويا إلى سوق العمل ومن مختلف التخصصات، واحتمالية عودة عشرات الآلاف من الأردنيين العاملين في الخليج وغيره من الدول نتيجة تداعيات جائحة كورونا. 

وفيما يتعلق بأسباب تزايد معدلات البطالة، رأى المنتدى أنه يمكن حصر أسباب ارتفاع معدلات البطالة بوجود اختلالات هيكلية مزمنة في حالتي العرض والطلب في سوق العمل الأردني. 

وقال “يبلغ عدد فرص العمل التي يستحدثها الاقتصاد الأردني حوالي 30 إلى 40 ألف فرصة عمل مقابل ما يقارب دخول 100 ألف باحث عن العمل سنويا”. 

وأشار إلى تفاوت مستويات التنمية بين المحافظات، وتركز التنمية في ثلاث مدن رئيسية: عمان وإربد والزرقاء، جنبا إلى جنب مع انحياز الاستثمارات الأجنبية لتشغيل العمالة غير الأردنية. 

وفي الأسباب لفهم الواقع، لفت المنتدى إلى ازدياد ظاهرة العمالة الوافدة المخالفة والمنافسة للعمالة الأردنية نظرا لقبولها بأجور أقل. 

أما بخصوص حالة العرض، فأشار المنتدى إلى عدم استقطاب استثمارات ذات كثافة عمالية، وغياب الحوافز لتشغيل الأردنيين، وعدم مواءمة مخرجات التعليم والتدريب المهني لاحتياجات سوق العمل. 

إضافة إلى ذلك، عدم رغبة أصحاب العمل أحياناً في توظيف العمالة الأردنية نظراً لانخفاض إنتاجيتهم وارتفاع أجورهم مقارنة مع العمالة الأجنبية، وعدم تقبلها للعمل في بعض المجالات نظراً لظروف العمل. 

قانون “أوكن” والبطالة في الأردن 

ولفت المنتدى في ورقته إلى إمكانية دراسة تطبيق قانون “أوكن” الذي يصف التأثير الكمي للتغير في معدل البطالة على معدل نمو الناتج الإجمالي، وذلك لتقدير نسبة النمو المطلوبة في الاقتصاد لتخفيض معدلات البطالة لمستويات البطالة الطبيعية – والتي تقدر عادة بنسبة 4 بالمئة تقريبا. 

وأوضح انه وفقا لقانون أوكن، إذا ارتفعت البطالة بنقطة مئوية واحدة يتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الحقيقي بنقطتين مئويتين. 

بمعنى آخر إذا ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنقطة مئوية واحدة تنخفض معدلات البطالة بنصف نقطة مئوية ما يعني أنه لتخفيض معدل البطالة الحالية في الأردن من 19.3%الى 4% نحتاج أن ينمو الاقتصاد بنسبة 30%، وهنا تكمن صعوبة تخفيض معدلات البطالة في المديين القصير والمتوسط. 

وشدد المنتدى على أهمية مراعاة أن هناك بعض الدراسات الأكاديمية التي درست العلاقة بين النمو ونسبة البطالة والتي وجدت ان هناك عدم تطابق كامل مع هذا القانون في الحالة الأردنية. 

مقترحات للحد من تفاقم مشكلة البطالة 

وفيما يتعلق بالمحور الثاني، المتعلق بـ”مقترحات للحد من تفاقم مشكلة البطالة”، قال المنتدى الاقتصادي في ورقته إن إعادة مشروع خدمة العلم بالقالب الجديد لا بد أن يضيف مبادئ ومهارات جديدة إلى سوق العمل. 

ورأى المنتدى أنه ليس هناك أي بديل لحل مشكلة البطالة المتزايدة إلا من خلال جهود حقيقية لتعزيز الاستثمارات القائمة ثم استقطاب استثمارات جديدة. 

 ودعا إلى أن تكون إحدى سياسات الدولة العليا هي تبني جميع أجهزتها مبدأ مكافحة البطالة وخلق فرص عمل جديدة والحفاظ على القائم، ليصبح هذا المبدأ هو روح أي قانون أو نظام أو قرار من أي نوع. 

وأكد المنتدى أهمية أن يصبح اعتماد معدلات البطالة وإعداد فرص العمل المستحدثة هو المعيار الرئيسي لمقياس نجاح الحكومات. 

ونادى باعتبار تسويق الأردن كوجهه استثمارية بالمستوى والأساليب الحديثة التي تستحقها البلاد هو بمثابة التزام يجب ترجمته على أرض الواقع، وهيئة الاستثمار هي الجهة المسؤولة عن هذا الجانب. 

واعتبر المنتدى أن الفاصل بين الدول التي تتمتع بالاقتصادات المتقدمة والدول الأخرى التي تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة هي الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص، والوصول إلى تفاهم بأن مصلحة القطاعين تتحقق بنجاح كليهما. 

ودعا إلى استغلال تأثيرات كورونا على الاقتصاد العالمي ومن أهمها التغيرات على سلاسل التوريد والتزويد العالمية والبحث عن مواطن بديلة لهذه السلاسل، ما يستدعي أن يكون للأردن سبق في الحصول على فرصة ضمن هذه المواطن البديلة. 

ودعا إلى إدخال مفهوم جديد للتدريب المهني أثناء العمل الذي يفتح المجال لخريجي الثانوية العامة. 

ومن ضمن المقترحات، العمل على مشروعات استصلاح وتأهيل الأراضي ومصادر المياه كالأنهار وبرامج التشجير الوطنية، ومشروعات الخدمات الاجتماعية والأعمال التطوعية. 

ربما يعجبك أيضا