علاقات يمنية – لبنانية متوترة وعقوبات أمريكية.. فتش عن “حزب الله”؟

حسام السبكي

حسام السبكي

تسببت ميليشيا “حزب الله” اللبناني، المدعومة من إيران، في “وقيعة” إن جاز التعبير، أو “توتر دبلوماسي” في العلاقات بين لبنان واليمن، بسبب تدخلاته السافرة دعمًا لميليشيا الحوثي الانقلابية في اليمن، والعمل على زعزعة استقراره، خدمةً للمشروع التوسعي الإيراني الصفوي في المنطقة.

فصول التوتر بدأت مع رسالة شديدة اللهجة من وزير الخارجية اليمني “خالد اليماني”، قبل نحو أسبوعين، إلى نظيره اللبناني “جبران باسيل”، بسبب التورط المتزايد لحزب الله اللبناني في شؤون اليمن، من خلال دعم ميليشيا الحوثي الانقلابية بالخبراء والتسليح والتدريب على فنون القتال المختلفة، وهو ما كشفته تقارير بشأن الوضع السياسي والعسكري في اليمن، قبل انقلاب الحوثيين في سبتمبر 2014 وبعده.

اليوم، جاء رد الخارجية اللبنانية صريحًا، والتي عبرت عن رفضها التدخل في شؤون دول الجوار، فضلًا عن علاقة الإخوة والعروبة التي تجمع “بيروت وصنعاء”، وأكدت الخارجية اللبنانية رفضها واستنكارها التام لتدخل “حزب الله” في شؤون اليمن، محذرة من مصير تؤول بموجبه “الميليشيا الإرهابية” إلى الندم.

من جانبه رفض الحزب، مبدأ “التأكيد أو النفي” للمعلومات التي تتحدث عن تورطه في دعم “المتمردين” في اليمن، ساخرًا – كعادته – من الأنباء التي تتحدث عن سقوط قتلى وأسرى من الحزب في ضربات للتحالف العربي وقوات الشرعية مؤخرًا.

وبتدخل “ميليشيات إيران” اللبنانية في اليمن، فإنها لم تورط لبنان في أزمة عربية فحسب، بل وصل صداها إلى الصعيد الدولي، فالدبلوماسية اليمنية لم تكتف بالرسالة الموجهة إلى لبنان، بل صعدت الأمر إلى أروقة مجلس الأمن، واليوم جاء رد آخر من الإدارة الأمريكية، التي أعلنت تمديد العقوبات المفروضة على لبنان منذ 2007، بفعل الدعم الإيراني المتواصل لـ”حزب الله”، وتأثيراته الخطيرة على استقرار المنطقة، وفي القلب منها بالطبع الحليفة “إسرائيل”.

احتجاج يمني شديد اللهجة
قبل نحو أسبوعين، قدمت الخارجية اليمنية احتجاجًا شديد اللهجة إلى نظيرتها اللبنانية، على خلفية تورّطِ الحزب المتزايد في دعمِ الحوثيين، ودعت الحكومة اللبنانية “إلى كبحِ جماح الميليشيات الموالية لإيران وسلوكها العدواني، تماشياً مع سياسة النأي بالنفس”.

وأكد “خالد اليماني” على “حقّ بلاده في طرح هذه المسألة في المحافل العربية والدولية”، مبدياً استياءَه من تصريحات الأمين العام للحزب “حسن نصرالله” مؤخرًا، معتبرًا إياها تمثل تحريضًا على قتال قوات الشرعية، وتعد تدخلًا سافرًا في شؤون اليمن”.

لم يتوقف التصعيد الدبلوماسي اليمني عند هذا الحد، فقد أعلنَ السفير اليمني لدى الأمم المتحدة “أحمد عوض بن مبارك”، عقب رسالة وزير الخارجية اليمني، أنّ حكومة بلاده أحاطت مجلس الأمن برسالة الخارجية اليمنية الموجّهة إلى باسيل، مشيرًا في حديث متلفز: “لدينا منذ فترة مبكرة كثير من الأدلّة، وكنّا نتحدّث دائماً حول أنشطة “حزب الله” في اليمن، حتى قبل احتلال الحوثيين للعاصمة، كانت هناك عناصر من “حزب الله” محتجَزة في اليمن لقيامها بالإخلال بالأمن الداخلي وبالعمل على فرض أجندة “حزب الله” وإيران داخل اليمن.

 وبمجرّد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء تمّ إطلاق سراحهم”، وتحدّث عن “حزمة من الأنشطة والأدلّة المتواترة التي أصبحت في يدِ الحكومة اليمنية وآخرُها الخطاب المستفز الذي ألقاه حسن نصرالله منذ أيام، وتحدّث خلاله علناً عن نشاط “حزب الله” في اليمن ودعمِه للانقلاب الحوثي”.

واعتبَر “بن مبارك” “أنّ تورّط الحزب في اليمن يتعارض مع أحد أهمّ مبادئ السياسة الداخلية اللبنانية، وهو مبدأ “النأي بالنفس”، الذي على ما يبدو يشكّل أساساً للتوافق الداخلي في لبنان، لذلك كانت الرسالة الموجّهة من وزير الخارجية تؤكّد هذه المسألة”، موضحًا “أنّ الرسالة تمّ توثيقها في أروقة مجلس الأمن وتمّ تسليمها رسمياً لكلّ أعضاء مجلس الأمن”.

لبنان.. النأي بالنفس مجددًا!
وفي أول رد رسمي من لبنان، على التصعيد الدبلوماسي اليمني، عادوت الحكومة اللبنانية على لسان وزير الخارجية “جبران باسيل”، التأكيد على مبدأ “النأي بالنفس”.

فقد أكد وزير الخارجية اللبناني “جبران باسيل” أن بلاده لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتنأى عن النزاعات والحروب بما يتوافق مع مصلحة لبنان، وأن موقف حكومة بلاده من الأزمة اليمنية لا يتطابق بالضرورة مع مواقف جميع القوى السياسية في لبنان.

ووفقا لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أفاد مصدر بوزارة الخارجية اللبنانية بأن مضمون الرسالة يشير إلى خروج فصيل لبناني -في إشارة إلى “حزب الله”- عن سياسة الحكومة المتبعة في لبنان للنأي عن الصراعات في المنطقة وانزلق في أعمال تضر بمصلحة لبنان.

وقال المصدر:  “إن إصرار حزب الله على القيام بدور تخريبي وإضراره بأمن اليمن واستقراره يجعله شريكا أساسيا في سفك الدم اليمني وأن الحكومة اليمنية لديها من الوسائل والإمكانات ما يمكنها من الدفاع عن شعبها وحماية مصلحة البلاد العليا وأن الحزب بتماديه وإمعانه بالتدخل في الشأن اليمني سيفتح على نفسه (باباً يؤول به إلى الندم)”.

وأكد أن اليمن يجمعه بلبنان علاقات أخوية صادقة وسيستمر العمل على توثيقها وتمتينها خدمة لمصالح الدولتين والشعبين الشقيقين، ولن يؤثر موقف “حزب الله” ونظرته القاصرة في تلك العلاقات متمنيا للبنان الأمن والاستقرار.

حزب الله.. سخرية وتهرب
كعادته، وكشأن كافة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، في التقليل من خسائرها ونفي انكسارها في مواجهة الجيوش الوطنية، قررت ميليشيا “حزب الله” الإرهابية اتخاذ موقف ساخر من التوتر القائم حاليًا بسبب سياساته المارقة بين لبنان واليمن.

فقبل نحو شهرٍ من الآن، نفى “حسن نصر الله” زعيم الحزب، مقتل أو أسر أي من مقاتليه في اليمن على يد التحالف العربي أو القوات اليمنية الحكومية.

وقال نصر الله، في كلمته، “سواء كنا موجودين أو لا، فإني أنفي بشكل قاطع، سقوط شهداء وأسرى لحزب الله في اليمن”، وحملت كلمته إشادات بميليشيا القتل والتخريب “الحوثية” بالقول: “أنا خجول أنني لست مع المقاتلين هناك، وأقول يا ليتني كنت معكم”، محرضًا إياهم على مواصلة احتلال الأراضي اليمنية، وداعمًا بشكل مباشر لانقلابهم على الشرعية هناك.

كان التحالف العربي، قد أعلن قبل أكثر من شهر عن مقتل 8 من عناصر “حزب الله” بمحافظة صعدة الغربية، فيما تحدثت القوات الحكومية عن أسر 7 من خبرائه العسكريين في المنطقة ذاتها.

عقوبات أمريكية

وعلى غرار التوتر الدبلوماسي بين اليمن ولبنان، تسبب “حزب الله” الإرهابي، في تجدد العقوبات الأمريكية على لبنان، والتي بدأت منذ عام 2007، والتي تشير إلى نهج متشدد تسلكه الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة “دونالد ترامب”، تجاه إيران وحلفائها في الشرق الأوسط.

فقد أعلن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، اليوم السبت، تمديد العقوبات المفروضة على لبنان منذ عام 2007 عاماً آخر.

وأوضح البيت الأبيض، في بيان له، أن “ترامب اتّخذ القرار بسبب مواصلة إيران توريد الأسلحة إلى حزب الله اللبناني”.

وأشار ترامب، في رسالة إلى “الكونجرس الأمريكي”، إلى أن إيران تمدّ حلفاءها في لبنان بـ “أسلحة متطوّرة بشكل متزايد”.

تطورات ميدانية
وحول الوضع الميداني في اليمن، قـُتل عدد من عناصر ميليشيات الحوثي الموالية لإيران وجُرح آخرون في غارات شنتها طائرات التحالف العربي استهدفت تجمعات المتمردين في محافظات الحديدة وصعدة والجوف وحجة وعمران.

واستهدفت بعض الغارات مواقع المتمردين في منطقة المنقم بمديرية الدريهمي جنوب مدينة الحديدة.

كما شنت طائرات التحالف غارات على تحصينات لميليشيات الحوثي في زبيد والخط الساحلي للحي التجاري بالحديدة.

وفي العاصمة صنعاء، قصفت طائرات التحالف العربي مواقع المتمردين في قاعدة الديلمي الجوية العسكرية.

إلى ذلك، قُتل مدنيٌ وأصيب آخرون بجروح، في قصف مدفعي لميليشيات الحوثي استهدف الأحياء السكنية في مدينة حيس جنوبي الحديدة.

وأفادت مصادر ميدانية أن المتمردين كثّفوا قصف المدينة من مواقعهم في الجرّاحي وجبل راس.

ربما يعجبك أيضا