على خطى ترامب.. بولسونارو يتحدى كورونا في البرازيل

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

في الوقت الذي يحاول فيه العالم يائسًا مواجهة وباء كورونا، قامت حكومة بولسونارو بإخفاء أعداد الوفيات، بزعم أن الأرقام المعلنة خيالية وغير صحيحة، في وقت يُرجح فيه المجتمع البرازيلي أن أعداد الإصابات والوفيات المعلنة أقل بكثير من الواقع، الأمر الذي دفع البرازيليون للتظاهر ضد سياسة الرئيس الذي أصبح يسير على خطى نظيره الأمريكي دونالد ترامب في مواجهة الفيروس التاجي الذي كشّر عن أنيابه بشراسة في البرازيل.

اتهامات تلاحق بولسونارو

اتهمت السلطات الصحية المحلية في البرازيل، حكومة الرئيس جايير بولسونارو بـ”إخفاء” الوفيات جراء فيروس كورونا المستجدّ، بعدما شكّك مسؤول في وزارة الصحة بالحصيلة الرسمية.

وأكد المجلس الوطني لوزراء الصحة -الذي يضمّ كل السلطات المحلية- أن “المحاولة الاستبدادية وغير المتعاطفة وغير الأخلاقية بإخفاء وفيات كوفيد-19، لن تنجح”.

سبق ذلك، توقف وزارة الصحة عن إعلان حصيلة الوفيات الإجمالية في البرازيل، واكتفت بنشر عدد الوفيات في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، ليتزامن مع إغلاق الموقع الإلكتروني الذي ينشر الإحصاءات الرسمية، ليعيد تفعيله يوم السبت مع أعداد اليوم السابق فقط، دون ذكر الأعداد الإجمالية.

وفي سياق متصل، قال وزير الصحة السابق في حكومة بولسونارو لويز إنريكي مانديتا، الذي أُقيل في أبريل بعدما أعرب عن اعتراضه على سياسة الحكومة الفيدرالية، “من وجهة نظر صحية، نحن نشهد على مأساة عدم الإبلاغ يعني أن الدولة مضرة أكثر من الفيروس”.

من جهته، دافع الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو عن قرار إغلاق موقع تابع لوزارة الصحة ينشر تحديثًا يوميًّا حول ضحايا فيروس كورونا، معتبرًا أن البيانات الموجودة على الموقع لا تعكس حقيقة الأوضاع في بلاده.

وشهدت البرازيل ارتفاعًا كبيرًا في حالات الإصابة جراء انتشار فيروس كورونا، حيث بلغت أكثر من 650 ألف حالة، بالإضافة إلى أكثر من 35 ألف وفاة؛ لتصبح البرازيل ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد الإصابات المسجلة، بعد الولايات المتحدة.

وعلى إثر ذلك، خرج البرازيليّون إلى شوارع ساو باولو وبرازيليا، بالأمس، في تظاهرات مؤيّدة وأُخرى معارضة للرئيس اليميني جايير بولسونارو الذي يُواجه انتقادات لا سيما بسبب إدارته لأزمة وباء كوفيد-19.

سبق هذه التظاهرات، خروج الناس في شرفات منازلهم للدق والعزف على القدور وقرع الطناجر بمثابة الموسيقى التصويرية للكثير من الأمسيات في مدن مثل ساو باولو وريو دي جانيرو.

وأطلقوا على احتجاجاتهم اسم بانيليسوس “panela�os” ووجهوها ضد رئيس يرونه غير مسؤولـ رجل معروف بإنكار العلم، ورجل ينظر إلى دونالد ترامب على أنه مصدر إلهامه.

على غرار ترامب

يبدو أن الرئيس البرازيلي مُصرّ على محاكاة نظيره الأمريكي دونالد ترامب في مواجهة كورونا من حيث الإنكار وتصريحاته المرتجلة وهوسه بالاقتصاد والكلوركين، ففي البداية لم يتعامل بولسونارو مع تفشي الوباء بجدية واعتبرها “مجرد أنفلونزا صغيرة” في الوقت الذي أعلن فيه ترامب أن الفيروس سينتهي مع “الطقس الجميل”.

ومع بدء تسجيل وفيات جراء كوفيد-19 في الأحياء الفقيرة المكتظة في ريو دي جانيرو وصولًا إلى غابة الأمازون، ظل الإنكار سائدًا في برازيليا كما في واشنطن، واليوم باتت الولايات المتحدة والبرازيل تسجلان أعلى حصيلة من الإصابات في العالم.

ومثل ترامب، يبدي بولسونارو هوسًا بالكلوروكين التي تسببت باستقالة وزيري صحة خلال شهر واحد، وكذلك بعودة مواطنيه إلى العمل.
وتيمنًا بدعوة ترامب منذ منتصف أبريل إلى “إعادة إطلاق أمريكا”، شدد بولسونارو على أن “البرازيل لا يمكن أن تتوقف” متوعدًا شعبه بـ”الجوع والبؤس”.

وبعدما قطع ترامب التمويل عن منظمة الصحة العالمية، هدد بولسونارو بالانسحاب من المنظمة متهمًا إياها بالانحياز للصين، قائلًا: “إننا لسنا بحاجة إلى أشخاص من الخارج ليعبروا عن شعورهم بالوضع الصحي هنا”، ليلقي باللوم على خصومه الحكام كما فعل ترامب مع الديمقراطيين.

كورونا يتوحش

في بلد يضم 212 مليون نسمة، بات النظام الصحي في الولايتين الأكثر تضرّرًا بالوباء، وهما ساو باولو وريو دي جانيرو، على وشك الانهيار، وكذلك الحال في عدد من ولايات الشمال والشمال الشرقي، وفق ما نقلت “فرانس برس”.

والبرازيل، التي يدعو رئيسها جايير بولسونارو باستمرار إلى إعادة فتح البلاد لحماية الاقتصاد والوظائف، تسجل بمفردها أكثر من نصف عدد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا في أمريكا اللاتينية.

وفي آخر إحصائية نشرتها وزارة الصحة البرازيلية بالأمس، تم تسجيل إجمالي 37312 حالة وفاة بفيروس كورونا، في حين بلغ إجمالي حالات الإصابة 685427 حالة، بينما يؤكد المراقبون أن عدد الإصابات الحقيقية في البرازيل أعلى بكثير من الأعداد المسجلة رسميًّا وذلك نتيجة عدم إجراء فحوص كافية.

وبات لافتًا أن النظام الصحي بلغ طاقته القصوى في العديد من الولايات البرازيلية، حيث أصبحت وحدات العناية المركزة في المستشفيات مكتظة، أو تقترب من حالة الاكتظاظ، إضافة لذلك، تم إقالة وزيرين للصحة في البلاد منذ بدء أزمة كورونا نتيجة خلافات مع الرئيس حول إدارة الأزمة والأدوية المستخدمة لمواجهة هذا الوباء، واستقال أيضًا عدد من خبراء الصحة العامة البارزين، وهو ما أثار حالة من الذعر بين المواطنين.

وفي ضوء ما سبق يبدو المشهد قاتمًا في البرازيل، حيث تزداد الأوضاع سوءًا يومًا تلو الآخر، بعدما تحولت البلاد إلى نقطة ساخنة لانتشار الفيروس ولا توجد أي بوادر تشير بقرب انتهاء هذا الوضع، وهو ما يضع الرئيس أمام مأزق صعب، خاصة في ظل تراجع شعبيته في الشارع البرازيلي وتزايد الهجوم عليه لاستهانته بالأزمة وحرصه فقط على حماية الاقتصاد، وهو ما قد يؤثر سلبًا على الفترة المتبقية من حكمه.

ربما يعجبك أيضا