في إيران: “روحاني” في مواجهة حكومة الظل من جديد

يوسف بنده

رؤية

بات الجميع في إيران يُحَمل حكومة الرئيس الروحاني الفشل في حل الأزمات الاقتصادية التي تعيشها إيران؛ وهو ما يهدد باستقالة المسئولين وتفكك هذه الحكومة.

وفي الأشهر الأخيرة، بعد الأزمة في سوق العملة الأجنبية والاقتصاد الإيراني، انتقد بعض الإصلاحيين بشدة أداء الرئيس روحاني.

ومن بين هؤلاء غلام حسين كرباسجي، الأمين العام لحزب “کارکزاران سازندکي”، في مقابلة أجريت معه في سبتمبر 2018، والتي انتقد فيها أداء الحكومة.

وقال: إن روحاني “يمكنه أن يتنحى كبطل”، لكن إذا كان لا یری أن استقالته في مصلحة البلاد، فعليه “أن يفيق من نومه الثقيل، ويجب أن يکون واضحًا وشفافًا مع الشعب”.

وانتقد أحمد علم الهدى، إمام جمعة مدينة مشهد، أمس الجمعة، “سوء إدارة” الحكومة، واعتبر أن مشاكل إيران الاقتصادية هي “تعاسة”، بسبب “سوء إدارة” السلطات.

وقال محمد رضا باهنر -النائب في البرلمان الإيراني، في حديثه مع صحيفة “آقتاب”- أن استجواب الرئيس روحاني ومعارضته التي أخذت طابع العداء، تعارض المصالح الوطنية، لكنه أكد أيضًا أن هناك أوجه قصور للحكومة ويجب نقدها بطريقة عادلة، يقول باهنر: “إن الحكومة مسؤولة عن التضخم المنفلت الحالي بسبب سياساتها الخاطئة في هذا المجال، ما وصل بنا إلى الوضع الحالي”.

استقالة جهانجيري

أعلن علي صوفي، عضو مجلس تخطيط سياسات الإصلاحيين، أن إسحاق جهانجيري، النائب الأول للرئيس الإيراني، قد استقال، لكنه واصل العمل بسبب رفض المرشد الأعلى.

ويعتبر “جهانجيري” رئيسًا للجنة الاقتصاد المقاوم،  ولذلك يجب أن يكون هناك إذن من المرشد. وكان المرشد الأعلى، خامنئي، قد أصدر، عام 2013، بيانًا بعنوان: “السياسة العامة للاقتصاد المقاوم”، وتم تعيين جهانجيري رئيسًا لـ”لجنة الاقتصاد المقاوم”.

وقد بعث جهانجيري برسالة إلى المرشد الأعلى، قال فيها: “لا يمكنني أن أكون مفيدًا والاقتصاد المقاوم لم يمض قدمًا”.

وكشف صوفي، أن “السبب الرئيس” لاستقالة جهانجيري هو “الاختلاف في الرأي” مع محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني.

ومنذ بداية حكومة حسن روحاني الثانية، أعلنت وسائل الإعلام مرارًا وتكرارًا عن خلاف بين إسحاق جهانجيري وبعض كبار المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس، ومحمد باقر نوبخت، رئيس منظمة التخطيط والموازنة.

وربما يعتزم “جهانجيري” القفز من السفينة مبكرًا، خاصة ان لديه طموحات للترشح لانتخابات الرئاسة 2021م. وكان قد ترشح في انتخابات رئاسة 2017م.

منافس لروحاني

يعتبر سعيد جليلي من الشخصيات المنافسة للرئيس الإيراني الحالي، خاصة أن جليلي محسوب على التيار المحافظ والموالي للرئيس السابق أحمدي نجاد.

وقد اعتبر جليلي، وهو عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، وممثل المرشد الأعلى في المجلس الأعلى للأمن القومي، في كلمة القاها قبل خطبة صلاة جمعة طهران، أمس، أن الحکومة مسؤولة عن المشاكل الحالية في البلاد.

وكان سعيد جليلي قد أثار، في البيان الذي أصدره، بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية لعام 2013، فكرة تشكيل حكومة ظل. وکذلك بعد انتخابات 2017، عرض الاقتراح مرة أخرى على المرشح الأصولي، إبراهيم رئيسي، الذي يشغل منصب رئيس القضاء حاليا، ونائب رئيس مجلس الخبراء.

وقال محمد شريعتمداري، رئيس حملة حسن روحاني الانتخابية، في هذا الصدد، إنه يجب على جميع الحركات السياسية أن تتعلم البقاء في الظل دورة واحدة على الأقل. لن تكون هذه الفكرة ناجحة، لكنهم أظهروا على الأقل أنهم تعلموا البقاء في الظل.

والآن، على ما يبدو، فإن العقوبات المفروضة على إيران، وإصدار خامنئي بيان “الخطوة الثانية من الثورة”، والأزمة الاقتصادية الحالية، قد وفرت مجالا لظهور حکومة من الظل.

وقال جليلي في محاضرته قبل خطبة صلاة جمعة طهران هذا الأسبوع:

“نطلب من الحكومة أن توضح مدى ارتباط مشاكل البلاد الاقتصادية بالأجهزة التنفيذية والإدارية الداخلية ومدى ارتباطها بالعقوبات وما مدى ارتباطها باتفاقية ما.. أَنْ يقول معظم الخبراء: إن 80 في المائة من مشاكل البلاد سببها سوء الإدارة، فهذا يضع أمامنا حلاً. وأَن ترتبط بعض المشكلات بالعقوبات الأمريكية، يتطلب الأمر منا حلاً آخر. إذا تم تقديم هذا التحليل بشکل خاطئ، ستحدث مشکلة في الوصول إلى الحل المناسب”.

وتصريحات سعيد جليلي هي من أجل تبرير بيان مجلس خبراء القيادة الذي رفض الموافقة على إتفاقية “باليرمو”، حيث قال جليلي: “يقولون إن إحدى الطرق هي أن نعرف ماذا يريد الطرف الآخر؟ يقولون لننتزع الذرائع منهم. السؤال هو، هل انتزاع الذرائع يحل المشاكل؟ انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.. وأوروبا، لتي کانت تدعي أنها تدافع عن القانون الدولي، حتى اليوم، لا ترغب حتى في القول إن سلوك الولايات المتحدة يعد انتهاكًا للاتفاق النووي، أقصى ما تفعله هو الإعراب عن الأسف”.

وفي هذه الحال، فإن الحلول المقترحة من قبل جليلي تأتي بـ”الاعتماد على الإدارة المحلية، حيث يمکن التوصل إلى الاكتفاء الذاتي في البتروکيمياويات والبنزين عبر النفط، وهکذا نصبح القطب الصناعي في المنطقة”.

إلى ذلك، يبدو أن هناك ما يشبه إعادة ما حدث في حكومات محمود أحمدي نجاد قبل الاتفاق النووي، فقبل هذه التطورات، قام الطلاب المناهضون للحکومة في حوزة قم العلمية بالاحتجاج، وأعلنوا في بيان أنهم سيلبسون الأکفان ويذهبون إلى طهران، لعدم الموافقة على “FATF”، وأنهم لن يسمحوا بأن يتجرع إمامهم خامنئي “کأس السُّم”.

خامنئي يطالب بالهدوء

ودعا المرشد الأعلى، أمس، خلال اجتماع مع أعضاء من مجلس خبراء القيادة، المسؤولين إلى عدم اتهام بعضهم البعض بموالاة العدو، “وأن لا يتشاحنوا مع بعضهم البعض”.

وتابع خامنئي: “عندما تكون هناك اتفاقية أو معاهدة قيد النقاش في البلاد، ویطرح الموافقون والمعارضون رأیهم فیها، ينبغي علی الجانبین أن لا يتشاحنا وأن لا يتهم بعضنا بعضًا بموالاة العدو”.

وشدد المرشد الأعلى على أن الأوضاع الحالية تحتاج منا أن “نترك التعصب والمشاحنات وألا نعتبر من یخالفنا الرأي مواليًا للأعداء”.

التفاوض مع أمريكا

يقول الكاتب نادر كريمي جوني، في صحيفة “جهان صنعت”، إن الخبراء الاقتصاديين والسياسيين يتحدثون في أحاديثهم الخاصة هنا وهناك عن سوء الأوضاع الاقتصادية، وإنه مع اكتمال العقوبات الأمريكية وزيادة الضغوط، فإن الأوضاع الاقتصادية ستجبر إيران على التفاوض وقبول شروط الولايات المتحدة. وهي الطريقة الوحيدة التي ستجعل المواطن يمرّ بسلام من السنة القادمة التي ستبدأ بعد أربعة أيام، بسلام. لكن الكاتب في صحيفة “جهان صنعت” يقول: إن العام الإيراني الجديد لن يختلف كثيرًا عن العام المنصرم.

ويعتبر الكاتب أن بقاء إيران في الاتفاق النووي سيساعد على عدم إصدار قرار جديد في مجلس الأمن ضد إيران. ثم يستنتج بالقول إن المواطن الإيراني سيواجه عامًا جديدا صعبًا لكن لن يؤدي إلى اليأس.

ربما يعجبك أيضا