في العراق.. فصح الحمدانية دون “داعش” لكن الندوب باقية

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

بعد خمس سنوات من الحرب مع “داعش” والتهجير، لا يزال سقف الكنيسة محترقًا وبعض الآثار ما زالت مفقودة، لكن من عذبهم اختفوا أخيرا، فتجمع رجال ونساء أقدم بلدة مسيحية في العراق لحضور قداس عيد الفصح، وكانوا يعلمون أن متطرفي التنظيم الذين طاردوهم لم يعودوا، وأن هزيمتهم في ساحة المعركة قبل شهرين تعني أن أهل الحمدانية (ويُطلق عليهم أيضًا قراقوش) يمكنهم الاحتفال مرة أخرى دون خوف.

وتقول صحيفة “الجارديان” البريطانية، تجمع عدد كبير من الناس في مقاعد مقصورة كنيسة الطاهرة، في الحمدانية التي كانت قبل عامين فقط عبارة عن أنقاض كباقي كنائس البلدة الأخرى التي استولى عليها تنظيم داعش، في أحلك  سنوات الإرهاب التي امتدت من منتصف عام 2014 الى أواخر عام 2016، كانت الحمدانية والبلدات القريبة معقلًا لوجود داعش، وقاعدة خطط فيها التنظيم لشن هجماته وتصنيع العبوات الناسفة والقنابل، ولفترة من الوقت، بدا أن أولئك الذين غادروا لن يعودوا أبدًا.

الآن، وبعد دحر داعش من معقلها الأخير، ومن ساحات المعارك غير البعيدة، وبعد أن قتل قيادات داعش ومنهم من أصبح رهن الاعتقال، تعود الحمدانية إلى النور، وتكتظ شوارعها بالمارة وتم إعادة بناء المنازل.

وفي الأشهر التي تلت إجبار داعش على الخروج من المدينة أواخر 2016، كان تعافي الحمدانية مضنياً، وهرب سكان البلدة بالكامل إلى أجزاء أخرى من العراق، معظمهم إلى حي عينكاوا في مدينة أربيل الكردية، وهناك تم إيوائهم من جانب الأكراد الذين قادوا المعركة ضد عدو هدد أيضًا الأكراد والتركمان والشيعة والشبك وكل جماعة أقلية أخرى لم تنحني لإرادته.

رغم ذلك وعلى مدى العامين الماضيين، عاد السكان عبر الحدود إلى العراق وما تبقى من منازلهم، يقول الكاهن عمار ياكو: “قبل داعش كان عدد سكان منطقة الحمدانية 80 ألفًا، عاد ما يقدر بنحو 25.650 شخصًا، بينما هاجر حوالي 40٪ من السكان”، بحسب “الجارديان”.

وقال كاهن آخر، يونان حنا، الذي ترأس خدمات عيد الفصح في كنيسة القديس يعقوب، إن الحياة بعيدًا عن الحمدانية كانت صعبة، ولكنها آمنة، مضيفا :”خلال فترة الي تهجرنا خلالها، لم يكن لدينا نقص، كنا نعيش حياة طيبة ونحن سعداء بما فعله الأكراد من أجلنا، هذا هو أول عيد الفصح الذي استقبلناه هنا حيث ننتمي، حياتنا الآن خالية من التهديدات، هذه المدينة لا تنتمي إلينا، نحن ننتمي إليها، عرف جدي كل حجر هنا، وسوف يعرف أبناءنا أيضا، لقد كنا هنا منذ ألف عام. “

على الرغم من البداية الجديدة، إلا أن بعض الندوب لطغيان “داعش” باقية، قال حنا ، قال:هناك بعض الكتابات على الجدران مثل “الخلافة ستبقى”، كما رسم المزيد من جمل المتطرفين على المنازل، ولا يزال هناك عدد من الكنائس والبيوت في الحمدانية مدمرة جراء الغارات الجوية أو هدمت من قبل مسلحي داعش قبل مغادرتهم .

وتابع الأب حنا: “نحن الآن محميون من قبل قوات مسيحية، لافتا إلى أن سبب سقوط “الحمدانية” هو استسلام قوات الجيش العراقي وانسحابهم أمام “داعش”، وأضاف: ” أن ما حدث كان لا يصدق، ففي أي مكان في العالم لم يحدث أن تهرب قوات الجيش وتتخلى عن أسلحتها وزيها الرسمي، لكن الأمور أفضل الآن، لقد التقينا بكبار القادة، واستعادنا ثقتنا بهم، المدينة محمية من قبلنا ومن خلالهم”.

في وسط المدينة، قام رجل يدعى أبو فراس بتجديد مطعم في النهار ليصبح نادٍ ليلا، بعد أن كان خلال الفترة الممتدة بين عام 2014 و2016 مكاناً لتخزين المتفجرات، وكلفه ذلك 18000 دولار لترميمه”.

“لقد ذهبت “داعش” إلى الأبد، هذا هو عامنا الثالث هنا، لكنه عامنا الأول لشعورنا بالحرية بشكل حقيقي، “عيد الفصح” هو احتفال، والناس سعداء مرة أخرى، بحسب “أبو فراس”.

ربما يعجبك أيضا