في سماء بكين.. سحب سامة تكتم الأنفاس

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

تكتم السحب السامة أنفاس بكين.. ويتلاشى أفق المدينة خلف حجاب كبريتي، وساءت نوعية الهواء في المدينة بشكل كبير في الأعوام الماضية، وارتفع التلوث إلى معدلات مرعبة، بسبب عقود من التصنيع الغير منضبط والتي تغير نمط حياة الناس وطريقة تنفسهم في أنحاء الصين المختلفة.

وتواجه دولًا عدة خطر التلوث، لكنه أكثر خطرا في الصين، ونظرا لحجم الصناعة الضخم وعدد السكان الهائل تزداد الانبعاثات والتلوث والأمراض، حيث يصنف الهواء السام رابع أهم مسببات الوفاة في الصين.

 وتشكل الصناعة أكبر مصدر يساهم في التلوث، ولكن بالنسبة إلى جسيمات “بي إم 2.5″، التي عادة ما تنتج أثناء عملية الاحتراق هي جزيئات يحملها الهواء، وهي صغيرة بدرجة تكفي للدخول إلى الرئة بشكل عميق، والتسبب لها في الضرر، ومن أكبر مصادرها، التعداد السكاني، وذلك بسبب استخدام السكان لكميات كبيرة من الفحم الملوث من أجل التدفئة في فصل الشتاء، وفي بعض المدن الكبيرة، كانت مركبات الطرق هي ثاني أكبر مصدر للتلوث، أما بالنسبة للأوزون، فقد كان قطاع توليد الطاقة هو المصدر الثاني للتلوث.

وبحسب صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست”، قال ستيف ييم هونج-لام، أستاذ مساعد في قسم الجغرافيا وإدارة الموارد في جامعة هونج كونج، إن المشكلة تعكس وجود حاجة إلى تحسين سياسات الانبعاثات، بهدف معالجة المشكلات المتعددة مع تحقيق أقصى فائدة، وأشار إلى إن الأوزون هو المشكلة الكبرى المقبلة التي يتعين على الصين معالجتها، وهذا أمر خطير بشكل خاص في مناطق مثل دلتا نهر اللؤلؤة أو منطقة خليج الصين الكبرى.

توصلت دراسة حديثة، إلى أن تلوث الهواء، يتسبب في المتوسط في مقتل 1.1 مليون شخص ويهدر نحو 267 مليار يوان (38 مليار دولار أمريكي) من الاقتصاد الصيني سنويا، وذلك في صورة وفيات مبكرة وخفض إنتاج الغذاء، حيث يدمر 20 مليون طن من الأرز والقمح والذرة وفول الصويا.

الهواء الملوث يسمم ملايين الأطفال

وتقول منظمة الصحة العالمية، إن تلوث الهواء يودي بحياة نحو 600 ألف طفل سنويا، ويؤدي إلى أعراض تتراوح بين فقد الذكاء إلى البدانة والتهابات الأذن، محذرة من أن حوالي 1.8 مليار طفل ” 93 % ” من الأطفال حول العالم دون سن 15 عامًا يتنفسون هواء ملوثًا بشدة لدرجة تعرض صحتهم ونموهم لخطر شديد.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس غيبريسوس، إن الهواء الملوث يسمم ملايين الأطفال ويدمر حياتهم، لافتًا إلى أن أجزاء كبيرة من آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية من بين أكثر المناطق تضررا.

وذكر خبراء بالمنظمة، أنه لا بد للآباء أن يحاولوا تجنب تلوث الهواء في المنازل، باستخدام أنواع وقود أقل تلوثا في الطهي والتدفئة وعدم التدخين.

وناشدت المنظمة بضرورة تنفيذ تدابير صحية لمواجهة هذا الخطر على صحة الطفل، من خلال تسريع التحول إلى تنظيف وقود الطهي والتقنيات المستخدمة، وكذلك تشجيع استخدام وسائل النقل الأنظف والإسكان الموفر للطاقة والتخطيط الحضري وغير ذلك من الإجراءات التي من شأنها الحد من تلوث الهواء مثل الطاقة منخفضة الانبعاثات والتقنيات الصناعية الأنظف.

خطة لبيئة خالية من التلوث

وتقول صحيفة “الجارديان”، إنه في يناير من العام الجاري ملأ الهواء الملوث سماء بكين، وارتفعت مستويات الجسيمات الضارة”بي إم 2.5” في الهواء وأكثرها فتكا على صحة الإنسان، إلى أكثر من أربعين ضعفا عن معدلات السلامة الموصى بها وغرق أكثر من 800 مليون شخص.

ومنذ ذلك الحين، شملت خطة العمل النظيفة التي وضعتها الحكومة الصينية، إجراءات مثل وضع ضوابط على السيارات الجديدة، ومحاولة خفض استهلاك الفحم من 23 مليون طن إلى 5 ملايين طن بحلول عام 2020 ، والعمل على زراعة خمسة غابات خضراء، و21 مساحة خضراء صغيرة، و10 حدائق ترفيهية و 100 كم من المساحات الخضراء في عام 2018 وحده.

ارتفع عدد “أيام السماء الزرقاء” وهو ما يطلق على أيام الهواء الجيد في بكين من 176 في عام 2013 إلى 226 في العام الماضي، ومع ذلك تظل القضية حرجة.

وتظهر الصور الفرق بين سماء بكين النظيفة والملوثة في الفترة ما بين 5 سبتمبر و 15 أكتوبر الماضي.
 

ربما يعجبك أيضا