في 2018 .. الإرهاب يغافل الأردنيين وتحذيرات من نمط جديد في 2019

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق 

عمّان – غافل الإرهاب الأردنيين في عام 2018، بأحداث أقل زخمًا مما  كانت عليه عام 2017، فيما لا تزال تحدياته قائمة وتواصل أجهزة الأمن تنفيذ مداهمات واعتقالات لمشتبه بهم بالتخطيط لتنفيذ هجمات إرهابية. 

ففي 9 آب 2018، انفجرت عبوة ناسفة في مكان اصطفاف دورية أمنية لقوات الدرك كانت تشرف على حراسة مهرجان فني بمنطقة الفحيص التابعة لمحافظة البلقاء غرب العاصمة الأردنية عمان.

أسفر التفجير عن استشهاد الرقيب علي عدنان قوقزة أحد مرتبات قوات الدرك وجرح آخرِين من مرتبات الدرك والأمن العام الأردني، وبعدها بنحو أسبوعين توفي العريف أحمد الزعبي متأثرًا بإصابته. 

في البداية قال الأمن: إن سبب الانفجار ناجم عن  قنبلة غاز مسيل للدموع من تلك التي يحملها الدرك معهم لفض المشاجرات، ثم قيل إن السبب عطل فني في المركبة، إلى أن أعلنت وزارة الداخلية الأردنية بياناً أكدت فيه أن سبب الانفجار هو عبوة ناسفة. 

خلية السلط الإرهابية .. تربك المشهد الأمني في الأردن

بعد ساعات من وقوع تفجير الفحيص، وتوعد وزارة الداخلية بملاحقة “الزمرة الجبانة الفاعلة والاقتصاص منها بشدة” تحركت دوريات الأمن ومكافحة الإرهاب، إلى مدينة السلط وتحديدًا بحي نقب الدبور . 

ومجرد حضور قوات الأمن لمداهمة أحد المباني، كانت المفاجأة غير المتوقعة بنسف المبنى لحظة دخول عناصر المكافحة إليه. 

وانتهت المداهمة الأمنية التي استمرت لساعات الفجر باستشهاد 4 من رجال الأمن وإصابة نحو 20 شخصًا، فيما اعتقل خمسة من أفراد الخلية وانتشلت جثث ثلاثة منهم من داخل المبنى الذي تحصنوا فيه. 

العملية الأمنية التي تبين أن جميع أفراد الخلية الإرهابية فيها من أبناء عشائر أردنية ومعظمهم حاصلون على درجات علمية عالية، كان وقعها صادمًا على الرأي العام، خاصة باتباعها أسلوب التفخيخ والتفجير عن بعد.  

وفي 13 أيلول الماضي، عرضت دائرة المخابرات الأردنية، اعترافات أفراد الخلية عبر شاشة التلفزيون الرسمي، وبدت ملامح الهدوء ظاهرة على وجوههم لقناعتهم وإيمانهم بما فعلوا.

وعرضت المخابرات مشاهد مصورة للمضبوطات التي وجدت بحوزتهم وكانوا يعدونها لتنفيذ هجمات إرهابية مفخخة ضد أهداف مدنية وعسكرية. 

وكانت الخلية التي كشفت التحقيقات أن من يقودها الإرهابي أحمد النسور من عشائر مدينة السلط، كانت تخطط لتنفيذ هجمات إرهابية عميقة في قلب المراكز الحيوية في الأردن. 

ولوحظ أن جميع أفرادها أيضًا جامعيون، من بينهم طالب هندسة وآخر متخصص في دراسة الحاسوب، فيما يعمل أحدهم بمجال تقديم الخدمات للاجئين السوريين.

قامت الخلية بصناعة 55 كجم من المتفجرات، فيما صنع أحد أفرادها طائرة مسيرة يتم التحكم بها عن بعد، لتنفيذ الهجمات بالقنابل المتفجرة، وتبين أنها المسؤولة المباشرة عن تفجير الفحيص. 

مداهمات أمنية واعتقالات لعشرات المشتبه بهم

بعد انتهاء الأمن عمليته الواسعة في مدينة السلط، شهدت مناطق عدة في الأردن عمليات أمنية ومداهمة شملت اعتقالات العشرات من المشتبه بمناصرتهم لتنظيم داعش. 

وكان اللافت اعتقال عدد من النساء المؤيدات لفكر التنظيم الإرهابي، حيث تبين أن عددًا منهن كن على علم بمخطط خلية السلط الإرهابية وبعضهن زوجات لأفراد فيها.

في الأردن، عدد كبير لكن غير معلوم تحديدّا من الموقوفين على خلفية قضايا وتهم إرهابية، من بينهم نساء خصع عدد منهم للمحاكمة العلنية أمام أمن الدولة. 

اغتيال مدير مكافحة الإرهاب السابق بالمخابرات

في 24 تشرين الثاني أكتوبر من العام الجاري، أطلق مسلح النار،  النار على اللواء المتقاعد في المخابرات الأردنية حابس الحناينة، ما أدى إلى وفاته على الفور.

وفور إعلان مقتله، رجحت دوائر الأمن فرضية الإرهاب وراء الحادثة وهو ما ثبت فعليًا بعد إلقاء القبض على الجاني واعترافه بالأمر، وجرت إحالته للمحاكمة أمام أمن الدولة. 

وأسندت للمتهم لائحة تهم عدة أبرزها القيام بأعمال إرهابية باستخدام الأسلحة والذخائر أدت الى وفاة انسان، والقتل العمد، وجنحة حمل وحيازة سلاح ناري دون ترخيص.

واعترف الجاني البالغ من العمر 37 عامَا بقتل اللواء الحناينة، عمدًا بسبب ما وصفه ” مضايقات ” تعرض لها خلال تواجده في روسيا واعتقاده أن المخابرات الأردنية والقنصل الأردني في روسيا هم وراء ذلك.

تحذير من نمطية جديد للخلايا الإرهابية في الأردن 

ويحذر خبراء أمن ومحللون سياسيون من تحول نمط الخلايا الإرهابية في الأردن مستقبلًا من مواجهة الأمن إلى استهداف مراكز حيوية ومدنية دقيقة، وهو ما كانت تخطط له خلية السلط الإرهابية. 

ويرى الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي عامر السبايلة، أن أحداث السلط وما رافقها تشير إلى فعالية عالية لدى المخابرات الأردنية، باستطاعتها قراءة حيثيات عملية الفحيص سريعًا وتحديد القائمين عليها ونقطة تواجدهم مباشرة.

لكن عملية تفجير الإرهابي في الأردن لنفسه أو نسف مبنى يتحصن بداخله لحظة مداهمته، يشير إلى مواجهة جديدة لم تختبرها الدولة بعد سلسلة أحداث تركزت على تبادل إطلاق النار.

ويعتقد السبايلة، أن هذا التحول يتطلب تحولًا في “طبيعة التعاطي الأمني في مثل هذه المداهمات، سواء في عمليات التخطيط أو إجراءات الغلق الأمني والاقتحام”.

وتحديات الإرهاب ما زالت قائمة في الأردن، حيث يرى الكاتب والباحث في الأمن الاستراتيجي عمر الرداد، أن المعطيات الداخلية والخارجية تشير إلى أن اتجاهات الإرهاب في الأردن في تصاعد وأن احتمالات تنفيذ عمليات جديدة واردة.

ومن أبرز هذه المؤشرات احتمالية عودة المقاتلين الأردنيين ممن يعملون في صفوف داعش والقاعدة ويقدر عددهم بحوالي أربعة آلاف عنصر، ومعظمهم في سوريا. 

ويعتقد الرداد، أن توفر القوة الأمنية في مجابهة الإرهاب تتطلب أيضًا إعدد قوة خطاب يضحد التطرف حتى لا تتوفر الأرضية الملائمة له، في ظل ظروف اقتصادية صعبة وفقر متزايد. 

ربما يعجبك أيضا