قناة سلوى السعودية.. تنعش السياحة الخليجية وتعزل قطر جغرافيًا

مها عطاف

رؤية – مها عطاف

حالة من الارتباك والخوف يشهدها النظام القطري، وذلك بعد إعلان المملكة العربية السعودية، عن مشروع قناة مائية على طول الحدود البرية بين المملكة وقطر، أطلق عليه مشروع قناة سلوى، حيث يمتد من منطقة سلوى إلى خور العديد، بحيث يكون امتداد الساحل الشرقي للسعودية كاملاً وغير منقطع باعتبار أن الحدود مع قطر البالغة 60 كم هي الجزء البري الوحيد الذي يقطع هذا الامتداد مما يعيق التجارة البينية، وخطط التطوير السياحي للمنطقة ذات الحيوية كونها مركز ربط لدول الخليج العربية، وهو مشروع سياحي متكامل ينفذه تحالف استثماري سعودي يضم 9 شركات في هذا الحقل، والمشروع في انتظار الموافقة الرسمية عليه، والترخيص له ليبدأ التنفيذ المتوقع اكتماله خلال 12 شهراً فقط.

يأتي الاختيار لأهمية المنطقة وحيويتها إضافة إلى أن طبيعتها الرملية خالية من أي عوائق تعترض التنفيذ إذ لا توجد سلاسل جبلية أو تضاريس وعرة تعيق عمليات الحفر، كما أن القناة لا تمر على قرى سكنية أو مناطق زراعية بل إنها ستنعش النشاط في المنطقة، وتتميز المنطقة بنوعية المشاريع المجدولة الأخرى سواء النفطية منها والصناعية ما يؤهلها أن تكون مركزاً اقتصادياً وصناعيًا.

سيتم الربط بحريًا بين سلوى وخور العديد، بقناة عرضها 200 م وعمقها 15-20 مترا وطولها 60 كم ما يجعلها قادرة على استقبال جميع أنواع السفن من حاويات وسفن ركاب يكون الطول الكلي 295، أقصى عرض للسفينة 33 مترا، أقصى عمق للغاطس في حدود 12 مترا، وتقدر المصادر التكلفة المبدئية للمشروع بمليارين و800 مليون ريال، ومن المتوقع أن تستغرق أعمال الحفر اثني 12 شهراً.

يستهدف المشروع بناء منتجعات على طول الشاطئ الجديد عبارة عن وحدات منفصلة تضمن شواطئ خاصة لكل منتجع، إضافة إلى خمسة فنادق رئيسية أحدها في سلوى، والثاني في “سكك”، والثالث في خور العديد واثنان في رأس أبو قميص، أما الموانئ فبالإضافة إلى ميناء رأس أبو قميص فينشأ ميناء في سلوى وآخر في عقلة الزوايد، كما يتضمن المشروع مرافئ على الجانبين من القناة للرياضات البحرية واليخوت، ومراسي لسفن الركاب السياحية ليكون الأبرز في منطقة الخليج نظراً لموقعه المحوري بين دول الخليج وكونه مركز ربط بينها.

ومن ضمن النشاطات المجدولة إنشاء شركتين للرحلات البحرية سواء بين دول الخليج أو الواقعة على المحيط الهندي، كما تم تخصيص منطقة حرة للتبادل التجاري.

من أبرز الفوائد المباشرة التنشيط السياحي بالرحلات البحرية بين دول الخليج خاصة أن المنطقة تتمتع بشواطئها النقية، ومرجانها وتنوع تضاريها البحرية وتشجيع سياحة اليخوت والقوارب، وتشجيع الصيد المقنن بحيث لا يؤثر على الثروة السمكية وتخفيف درجة الحرارة بمعدل درجتين على الأقل، وربما زيادة المطار في المنطقة وصد العواصف الرملية، وتثبيت التربة الصحراوية.

ومن بين الفوائد أيضاً زيادة الرقعة السكانية، وتوفير خيارات استثمارية منوعة، واستحداث وظائف جديدة وتوسيع الصناعة السمكية وتربية أنواع مختلفة من الكائنات البحرية و الاستثمار في الزراعة المالحة بما في ذلك تهجين نباتات ومحاصيل تسقى بالمياه المالحة و توفير مصادر للمياه من خلال التحلية مما يشجع على الاستقرار في المنطقة التي تعاني من نقص حاد في المياه العذبة.

القناة ستكون على طول الحدود مع قطر وستلغي جميع الحدود البرية إلا أنها ستكون سعودية خالصة ولا أحد له أي حق فيها، فالقناة ستكون داخل الأراضي السعودية على بعد نحو كيلو متر واحد من خط الحدود الرسمي مع دولة قطر مما يجعل المنطقة البرية المتصلة مع قطر هي منطقة عسكرية للحماية والرقابة ومع أن المدى المقترح هو كيلو متر إلا أنه سيتم عرض ذلك على الجهات ذات الصلة مثل وزارة الدفاع وحرس الحدود لتحديد المساحات الآمنة واللازمة.

وكان الإعلان عن المشروع، حظى بتفاعل كبير من نشطاء ومحللين سعوديين وخليجيين، كونه سيلغي فعليًا الحدود البرية بين الدولتين، ويحوّل خط الحدود الرسمي إلى منطقة عسكرية، حيث علق المستشار الإعلامي والكاتب السعودي، الدكتور محمد آل سلطان، قائلًا: “إن مشروع قناة هو بمثابة إعادة توصيف للخليج العربي وللممرات البحرية بين الدول العربية، كما يمنع خلط مياه الخليج بلكنة دول أخرى غير عربية مثل التي جلبتهم الدوحة كإيران وتركيا”.

وفي مقالٍ له بعنوان “قناة سلوى.. وليبقى الخليج عربيًا!”، نشرته صحيفة “عكاظ” السعودية، قال آل سلطان: “من يتصالح مع السعودية كتاريخ وعمق ومجال جيواستراتيجي تحنو عليه اللغة والجغرافيا، ومن يلعب بالتاريخ مع السعودية العظمى فإن الجغرافيا ذاتها تقسو عليه وتلعنه اللغة صباح مساء”.

وعلق المحلل السياسي بالرياض، مبارك العاتي، إن مشروع إنشاء قناة سلوى البحرية داخل الأراضي السعودية، تم طرحه إعلاميًا إلا أنه كفكر اقتصادي لا يزال تحت قيد المناقشة والبحث، مشيرًا إلى أن المملكة لم تتبنه كمشروع اقتصادي حتى هذه اللحظة، مؤكدًا أن المشروع سيحقق مكاسب اقتصادية كبيرة للمملكة في حال تنفيذه.

وأضاف العاتي، في مداخلة هاتفية ON LIVE، أن مشروع هذه القناة هو اقتصادي بحت إلا أنه من المتوقع أن يكون له تأثيرات سياسية يمكنها أن تغير في المشهد السياسي للمنطقة وتعزل قطر إلى أن تصبح أشبه بالجزيرة الصغيرة أو ممر للسفن، لافتًا إلى أن المملكة تريد الحفاظ على أمنها الوطني والأمن الخليجي وتحقيق أهدافها التنموية ولا تضع في اعتبارها الشأن القطري إيمانًا منها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.

واعتبر وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الدكتور أنور قرقاش أن مشروع قناة سلوى يدل على فشل قطر في إدارة أزمتها وحلها.

وعلق الإعلامي المصري عمرو أديب على المشروع قائلًا: “القطريون أصيبوا بحالة من الهستيريا بعد القرار السعودى بحفر قناة سلوى، الدوحة ستتحول لجزيرة بالفعل بعدما كانت شبه جزيرة”.



ووصفت الإعلامية البحرينية سوسن الشاعر فكرة المشروع بأنها الأكثر جهنمية في التاريخ المعاصر ويستحق صاحبها أن يحوز على جائزة الأوسكار، وقالت الشاعر في مقال نشرته بصحيفة الوطن البحرينية، :”بصراحة لم تخطر على بال أحد لكنها فكرة قابلة للتطبيق وتفتح الممر المائي للمملكة العربية السعودية وتمكنها من اتقاء شر ما يأتي من هذه الجزيرة”.

ربما يعجبك أيضا