كاتب لبناني يتهم الإيرانيين بالتفاوض مع الأمريكان على جثة لبنان

يوسف بنده

رؤية

كان رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، أعلن التوصل إلى اتفاق إطار لبدء محادثات غير مباشرة، بعد منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، سيمثل فيها الجيش اللبناني بلاده تحت رعاية وإشراف الأمم المتحدة.

وناقش كُتَّاب عرب ولبنانيون مغزى الوساطة الأمريكية وموقف حزب الله، بينما تساءل آخرون عما إذا كان هذا الاتفاق بداية لتطبيع لبناني للعلاقات مع إسرائيل.

وقد اعتبرت افتتاحية صحيفة “رأي اليوم” اللندنية، أن زيارات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للبنان لم تكن من أجل التسريع بتشكيل حكومة لبنانية، وربما جرى استغلال هذه المسألة كتغطية للضغط على الكتل السياسية اللبنانية، ورئاسة الجمهورية للقبول بهذا الاتفاق الأمريكي، وقبل الانتخابات الأمريكية، وأن هناك تنسيقاً بين فرنسا وأمريكا في هذا المضمار”.

بينما صحيفة “القدس العربي” اللندنية نقلت عن كاتب، في جريدة “يديعوت” الإسرائيلية، قوله إن “هذه ليست مؤشرات سلام وليست تطبيعا،ً ولا حتى مؤشرات غاز (النزاع بين البلدين على حقول الغاز في البحر المتوسط). ما يقف خلف الموافقة اللبنانية على استئناف المحادثات مع إسرائيل حول الحدود البحرية هي مؤشرات جوع، وضائقة اقتصادية وتفكك اجتماعي وسياسي لبلاد الأرز”.

أين الشيطان الأكبر والشيطان الأصغر؟

وفي صحيفة الشرق اللبنانية، كتب الصحفي السياسي، عوني الكعكي، متسائلًا عن الصمت الذي أحاط بحزب الله والإيرانيين من دعوة رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، الذي يعد حليفًا شيعيًا لإيران؛ أين موقف فيلق القدس الذي يحرك حزب الله اللبناني من شعارات “الشيطان الأكبر والشيطان الأصغر”، التي أطلقها المرشد الإيراني الأول الخميني.

وكتب يقول: قبل واحد وأربعين عاماً، وتحديداً في العام 1979، عاد آية الله الإمام الخميني الى طهران بعد أكثر من 14 عاماً في المنفى، عاد من منفاه في “نوفل لوشاتو” وهي قرية صغيرة وهادئة جنوب غرب العاصمة باريس، كانت آخر مقر للخميني قبل عودته الى إيران.

عاد الى طهران بطائرة فرنسية، ورعاية فرنسية، بعدما أمضى سنوات في حضانة ورعاية المخابرات هناك، وهو الذي كان أطلق ملايين أشرطة التسجيل فيها خطابات يدعو الناس فيها الى الثبات والإستقامة ومواصلة النضال والثورة، هذه الأشرطة التي كلّفت مبالغ طائلة، لا يعرف أحد من كان يدفع ثمنها وكلفتها…
 
عاد آية الله الخميني الى طهران، وفور عودته أقفل السفارة الاسرائيلية في طهران، واستبدلها فوراً بسفارة فلسطين، ثم عمد الى محاصرة السفارة الأمريكية، مانعاً السفير وموظفي السفارة من دخولها أو مغادرتها.

ليس هذا وحسب، بل أطلق آية الله الخميني شعاره المعروف: “أمريكا هي الشيطان الأكبر، وإسرائيل هي الشيطان الأصغر”، وأنشأ “فيلق القدس” من رحم الحرس الثوري الإيراني، الجناح العسكري للثورة، وعيّـن اللواء قاسم سليماني أحد قادة الحرس الثوري قائداً له، فقتل هو ورفيقه أبو مهدي المهندس من قادة “الحشد الشعبي” العراقي، بصاروخ أمريكي أطلقته فتاة تعمل في الجيش الأمريكي كمتدربة في العشرينيات من عمرها، بينما كانت تلهو على الكمبيوتر، فشاهدتهما يغادران مطار بغداد، فضغطت على “زر” لطائرة من دون طيار، فانطلق صاروخ قتل سليماني والمهدي معاً.

لقد كان سليماني مشاركاً أساسياً في عمليات القتل والإبادة في كل من العراق واليمن وسوريا… وكان يستعين بما نهبه من أموال العراق، كي يموّل الفتن الطائفية والمذهبية، تحت شعار تشييع المسلمين وخصوصاً أهل السنّة… ويكفي أنّ العراق كان من أغنى الدول العربية دخل وشعبه في أتون الفقر، جرّاء الحرب العبثية التي أطلقها آية الله الخميني ضده، بعدما كانت خزينته قبل الحرب مليئة بأكثر من ١٨٠ مليار دولار.
 
العراق اليوم بات بحاجة إلى أربع مليارات ونصف المليار، ليدفع رواتب موظفيه، فلجأ إلى المملكة العربية السعودية التي مدّت إليه يد الدعم والمساعدة وأمنت له المبلغ المطلوب.

شعارات وشعارات، وكلام كثير عن القدس وفلسطين، ومطالبات بتحرير القدس… لكن إيران في الواقع سرقت علم فلسطين، بل سرقت القضية الفلسطينية من أهلها ومن كل العرب، وبثّ الإيرانيون شعارات جوفاء ضاعت وأضاعت معها آمال الفلسطينيين والعرب وبدّدت أحلامهم.

لقد دمر الإيرانيون العراق، بحجة التشييع، واستعانوا بالشيطان الأكبر (أمريكا) لتدمير العراق…

أجل لقد دخل الأمريكيون العراق بحجة أسلحة دمار شامل غير موجودة، وبعد احتلال هذا البلد سلمّوه لقمة سائغة لإيران.

وتدخل الإيرانيون في اليمن، تحت شعار مساندة الحوثيين، فدعموهم بالمال والسلاح… واستعانوا بخبرة الحزب اللبناني العظيم “حزب الله”، لأنّ عناصر هذا الحزب اكتسبت خبرة طويلة في مقارعة الشعوب المغلوبة، ولربما تخرّج عناصر هذا الحزب من معاهد عسكرية متطوّرة!!!
 
أما في لبنان… فحدّث ولا حرج… ففي العام 2006، وتحت شعار “لو كنت أعلم”، قتل وجرح أكثر من خمسة آلاف مواطن، من المدنيين ومن الجيش ومن الحزب العظيم نفسه… أما النهاية فكانت “لو كنت أعلم”.

أنظروا كيف تغيّر العالم العربي بعد “إطلالة” المشروع الإيراني الفارسي” غير السعيدة.

الجيش العراقي الذي أنقذ سوريا وتحديداً دمشق من السقوط، تعرّض لمؤامرتين اثنتين:

– الأولى أبطالها الفرس، الذين أنهكوا الجيش العراقي بعد حرب دامت 8 سنوات، فخسر العراق ألف مليار دولار، ومئات الآلاف من خيرة أبناء هذا الجيش الباسل، كما دمّرت بنية العراق التحتية وباتت محتاجة إلى 500 مليار دولار كي تعود كما كانت عليه قبل الحرب.

– المؤامرة الثانية نفذها الغزو الأمريكي للعراق، بحجة شعار “تدمير أسلحة الدمار الشامل، والقضاء على الارهاب وإنقاذاً للديموقراطية…”.

وبان كذب ادعاءات المتآمرين… وظهرت حقيقة المؤامرة الفارسية الأمريكية للقضاء على الرئيس صدّام حسين، لأنه تجرّأ مرتين: مرة حين انتصر في حربه على الفرس، والأخرى حين منع سقوط دمشق في حرب العام 1973.

أمّا في أيامنا هذه… فهناك أحداث فرضت نفسها بالقوة، فبسبب الخوف من الفرس، اضطرت بعض دول الخليج العربي إلى مهادنة “العدو الإسرائيلي”، وهرباً من مشروعين قاتلين أيضاً: المشروع الفارسي الذي تقوده إيران ومشروع الإمبراطورية العثمانية بقيادة أردوغان وجماعة “الإخوان” الذين تسلموا حكم تركيا واستراحوا ولو إلى حين.

نعود إلى لبنان، وإلى خطاب السيّد حسن نصرالله، قائد المقاومة بتاريخ 29 أيلول 2020. لقد تعرّض الامين العام لـ”حزب الله” لفرنسا ورفض إملاءاتها، وهدّد إسرائيل وتوعّدها، وشن هجوماً عنيفاً على المملكة العربية السعودية، وختم مطالباً بأن تكون وزارة المال من حصة “الشيعة”.

أما الرئيس سعدالدين الحريري، وكي لا يترك الساحة للسيّد وحزبه العظيم يسرح ويمرح فيها كما يشاء، أبدى استعداده لإعطاء الشيعة وزارة المالية لمرّة واحدة، وبمبادرته أسقط الحريري حجّة السيّد الظاهرة.

وبعد خطاب السيّد بأيام معدودة، وتحديداً يوم الجمعة في 2 تشرين الأول 2020، اتخذ دولة الرئيس نبيه برّي، رئيس مجلس النواب، قراراً تاريخياً، بالاتفاق على إطار مفاوضات غير مباشرة مع “إسرائيل”، في مقر الأمم المتحدة في الناقورة… فاضحاً من خلاله كل الشعارات الفارغة، من “شيطان أكبر” إلى “شيطان أصغر” أو شعارات “فيلق القدس”.

والسؤال الذي يطرح نفسه… لماذا سَكَتَتْ أو أُسْكتتْ كل الشعارات فجأة..؟

فلماذا لم تحدث أي عملية من إيران ضد إسرائيل منذ مجيء الخميني وحتى وفاته وحتى اليوم؟ وأين وعد السيّد نصرالله بلقاء المقاومين من الضفة وغزة وأبطال المقاومة الإسلامية في الجنوب اللبناني في القدس الشريف التي أصبحت بفضل دونالد ترامب عاصمة أبدية لإسرائيل؟

وأخيراً أين هو “فيلق القدس” من كل هذا؟؟

ربما يعجبك أيضا