«كوب 28».. نقطة تحول لتعزيز جهود التكيف مع تغير المناخ

آية سيد
«كوب 28».. نقطة تحول لتعزيز جهود التكيف مع تغير المناخ

يجب منح المزيد من الاهتمام لجهود التكيف مع تغير المناخ، وقد يوفر «كوب 28» لحظة حاسمة لتعزيز تلك الجهود.


شهد العالم كوارث مناخية غير مسبوقة خلال العام 2023، الذي يتوقع العلماء أن يصبح الأكثر حرارة على الإطلاق.

وفي هذا الصدد، رأت زميلة الطاقة والبيئة بمجلس العلاقات الخارجية، أليس هيل، أن التركيز على تخفيف آثار تغير المناخ لم يعد كافيًّا، وأنه يجب منح المزيد من الاهتمام لجهود التكيف مع تغير المناخ، لافتةً إلى أن «كوب 28» يوفر لحظة حاسمة لتعزيز تلك الجهود.

التكيف أو الهلاك

في مقال نشرته مجلة فورين أفيرز الأمريكية، الجمعة 25 أغسطس 2023، أشارت هيل إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يعني فيضانات أكبر، وموجات حرارة أشد وأطول، وحرائق غابات أكثر تدميرًا، وموجات جفاف أكثر حدة، وعواصف أقوى.

وعددت أليس الظواهر المناخية المتطرفة التي شهدتها دول العالم في خلال العام الحالي، لافتةً إلى أن هذه الأحداث تأتي بتكلفة بشرية واقتصادية باهظة، على الرغم من أن البشر هم من ألحقوا هذا الضرر بأنفسهم عبر حرق الوقود الأحفوري.

وحتى الآن، ركز القادة السياسيون، والشركات، والعلماء مناقشاتهم بشأن تغير المناخ بدرجة كبيرة على الحد من التلوث الناتج عن حرق الوقود الأحفوري. لكن الجانب الآخر من التحدي، وهو التكيف أو الاستعداد لأحداث الطقس الكارثية، ظل يعاني من “نقص الموارد والتمويل، والتجاهل”، وفق رئيس لجنة التكيف مع تغير المناخ في بريطانيا.

اقرأ أيضًا| 40 مليار دولار إضافية سنويًّا.. الأمم المتحدة تعول على «كوب 28»

جهود غير كافية

ظلت جهود التكيف متواضعة حتى في ظل الكوارث المرتبطة بالمناخ. وفي 2022، خلصت الأمم المتحدة إلى أنه من دون المزيد من الاهتمام، فإن حجم الكوارث المناخية قد يفوق جهود التكيف الحالية.

وبرغم أن اتفاقية باريس 2015 وضعت “الهدف العالمي للتكيف”، ومنح صناع السياسة المزيد من الاهتمام لجهود التكيف، لفتت أليس إلى أن عملهم واجه تعقيدات. ولأن آثار الكوارث المناخية غالبًا ما يُشعر بها محليًا، يجب تصميم الحلول وفق الأوضاع المحلية، ما يجعل محاكاة مخططات التكيف على نطاق واسع أكثر تعقيدًا.

وكذلك فإن قياس التقدم في التكيف أكثر صعوبة من قياسه في التخفيف. ونظرًا لهذه العقبات، تبقى أهداف التكيف العالمية مبهمة، حسب الخبيرة الأمريكية.

نقطة تحول

أشارت أليس إلى أن مؤتمر الأطراف السنوي في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيّر المناخ (كوب 28) قد يصبح نقطة تحول لجهود التكيف. هذا لأن القوة التدميرية لتغير المناخ كشفت عن نفسها على نطاق واسع حول العالم، وانتشار الكوارث المناخية منح الناس فهمًا مباشرًا لشراستها وتأثيرها.

وهكذا فإن التجربة الشخصية الجديدة للمجتمع مع الكوارث المناخية يمكن، وينبغي، أن تخدم كدافع لزيادة جهود التكيف. لكن ما إذا كان انتشار الكوارث سيدفع الحكومات والقادة السياسيين إلى التحرك بقوة أكبر بشأن المناخ، والتكيف، يظل سؤالًا مفتوحًا.

اقرأ أيضًا| بدء العد التنازلي.. 100 يوم على تنفيذ أهداف «كوب 28»

أجندة طموحة

وضعت الإمارات أجندة طموحة للتمويل المناخي لـ«كوب 28»، التي تشمل مضاعفة التمويل المخصص للتكيف بحلول 2025، وفق أليس.

لكن حتى إذا زاد تمويل التكيف، تبقى متطلبات تمويل التكيف صعبة بنحو عام، في ظل احتياج العالم النامي إلى ما يُقدّر بـ160 مليار إلى 340 مليار دولار سنويًا بحلول 2030 لتمويل مشروعات التكيف المحلية، التي تشمل برامج إدارة المياه، وصيانة الطرق المرنة، والأمن الغذائي.

اقرأ أيضًا| أجندة «كوب 28».. الإمارات تضع نهجًا شاملًا لتطوير العمل المناخي

مجالات الاهتمام

لفتت الخبيرة الأمريكية إلى وجود بعض المجالات الرئيسة التي تتطلب الاهتمام العاجل، والتي يمكن أن تقطع فيها استراتيجيات التكيف الفاعلة شوطًا طويلًا في بناء المرونة تجاه الأحداث المناخية المتطرفة.

أولًا، يجب أن تبني الحكومات أنظمة إنذار مبكر. وفي مؤتمر «كوب 27»، بدأت الأمم المتحدة مواجهة التحدي عبر إطلاق مبادرة إنذار مبكر تدعو إلى استثمار 3.1 مليار دولار في الفترة من 2023 إلى 2027.

ويمكن للأمم المتحدة أن تبني على عملها السابق في «كوب 28» عبر ضمان تنفيذ أنظمة الإنذار في موعدها وتوسيع خدمات الأرصاد الجوية على مستوى العالم مع التركيز بنحو خاص على إفريقيا، التي تتخلف كثيرًا في قدرات التنبؤ.

اقرأ أيضًا| لتسريع وتيرة العمل المناخي.. تعزيز دور التكنولوجيا والابتكار في «كوب 28»

قدرات الاستجابة

ثانيًّا، ينبغي أن تعمل الدول لتعزيز قدرات الاستجابة عبر الحدود، لأن الكوارث المناخية غالبًا ما تكون دولية، ما يجعل الاستجابة المنسقة ضرورية. وثالثًا، يجب أن يلتزم صناع السياسة بسد فجوة الحماية التأمينية، وهي الفرق بين ما يجب التأمين عليه ضد الكوارث المناخية وما يغطيه التأمين بالفعل.

ورابعًا، يجب أن تغير الحكومات نموذج التعامل مع الكوارث الطبيعية لمنح الأولوية للحد من المخاطر بدلًا من التعافي من الكوارث. وخامسًا، يجب أن تستثمر الدول بنحو تعاوني في تعزيز الأمن الغذائي العالمي، الذي أصبح مهددًا بسبب الطقس المتطرف.

وفي ختام مقالها، لفتت أليس إلى أن الحد من التلوث هو السبيل الوحيد لتجنب الآثار الأسوأ لتغير المناخ، لكن يجب أن يوسع المفاوضون الدوليون الساحة لتشمل التكيف ويحرصون على أن يسير هذان النهجان جنبًا إلى جنب.

ربما يعجبك أيضا