كيف تساعد القوانين البريطانية فى دعم المتطرفين؟

أميرة رضا

ترجمة بواسطة – بسام عباس

في ظل عدم اليقين السياسي، ففي هذه المرة، يمكننا أن نكون متأكدين بشأن أمر واحد، وهو أن المعركة ضد التطرف الإسلامي هي التي نخسرها. فهناك أخبار تقول إن 23 ألف جهادي يعيشون في بريطانيا، وكل منهم يعتبر "خطرًا متبقيا" على الأقل، مما يشير إلى حجم التحدي الذي يواجهنا. حيث تحول الإسلاميون إلى حصان جامح تصعب السيطرة عليه.

علينا أن نتعلم من أخطائنا السابقة، بما في ذلك ردنا على الأصولية الدينية المتنامية. ولكن الحقيقة هي أننا ما زلنا نتعامى عن الحقائق. وبفضل الليبرالية، نجح الدعاة المتطرفين في تعزيز خطاب الكراهية، دون أي عقاب، وعلى سبيل المثال تمكن أنجم شودري من تجنيد المئات بل الآلاف من المتطرفين على مدى أكثر من 20 عاما دون حساب، وكنتيجة لذلك، قام بالتأثير على أكثر من 100 بريطاني لتنفيذ هجمات إرهابية في الداخل والخارج

كما دافعنا عن حق المتطرفين في حرية التعبير اعتقادا منا بأن الطريقة الأكثر فعالية لتقويضهم هي أن نواجه خطابهم. كان هذا لطيفًا من الناحية النظرية. إلا أننا دفعنا الثمن غاليًّا. وبغض النظر عن أنهم حفنة من الأشخاص، فمن وقف ضدهم وهاجمهم، وصفت على الفور بأنه "معادٍ للإسلام".

وباستغلال المساحة الحرة التي قدمناها لهم، روّج المتطرفون– يومًا بعد يوم– أيديولوجياتهم المتطرفة والمليئة بالكراهية لآلاف المسلمين على القنوات الفضائية، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الحرم الجامعي، وعلى الصعيد المجتمعي أيضا. وفي معركة الأفكار، تظل قدرتنا على تفكيك تلك الأيديولوجية العالمية، حتى الآن، هي الآن أحد أعظم إخفاقاتنا. وهو فشل جماعي في مواجهة ذلك التطرف بشكل حاسم، كمؤسسات إسلامية ومنظمات الحقوقية وجماعات مناهضة للعنصرية وحكومات.

 وفي حين اتقن المجلس الإسلامي في بريطانيا فن إصدار البيانات الصحفية، إلا أنه لم يفعل شيئا للرد على مثل هذه التعاليم السامة. وعلى مدى عشر سنوات، قامت منظمتنا "انسباير"، بمحاولات لتحصين الأسر المسلمة ضد التطرف، وذلك بتدريس النصوص الشرعية التي تدحض الأيديولوجية المتطرفة. وفي كل مرة كنا نتلقى نفس الإجابة من مئات الأمهات المسلمات، اللاتي يقلن: لم يعلمنا أحد ذلك من قبل، ولم يعلموا أبناءنا أيضا. وكان واضحًا أن نظام الدفاع "المجتمعي" الضعيف لن يكون قادرا على وقف موجة الدعاية المتطرفة.

ومع استمرار المتطرفين في نشر التطرف بين الناس ، فإننا ما زلنا نغض الطرف حتى على ما تم تعريفه أنه "تطرف". و لم يكن التطرف أبدا هو العنف فقط. ولكن التحريض على الكراهية والتمييز وترويج الأفكار العنصرية في القضايا السياسية أو الدينية أو الأيديولوجية يجب أن يعتبر تطرفًا في بريطانيا القرن الحادي والعشرين التي تطمح إلى إقامة ثقافة تقوم على المساواة وحقوق الإنسان والتعددية. ومع ذلك، لا تزال آلاف الأشرطة التي تروج للتطرف للدعاة المتطرفين، أمثال أبو حليمة، موجودة على الانترنت.

إن عدم قدرتنا على التعرف على الطبيعة الأيديولوجية للوحش– ولا سيما السلفيين والإسلاميين والتطرف البريلوي– يعني أننا لم نفهم تماما من هي الجماعات والمواقع والدعاة المتطرفين الحقيقيين. إننا نفتقر إلى جميع المعلومات الأساسية حول أنشطة هذه الجماعات وتأثيرها بين المسلمين البريطانيين.

وبدلا من إدراك الصورة المتنوعة، نستمر في وضع ثلاثة ملايين مسلم – سواء الطيب والسيئ والقبيح– تحت اللافتة الأسطورية " الجالية المسلمة". وهذا لا يخدم مصالح المسلمين العاديين، بل يخدم المتطرفين الذين يختبئون وراء هذه اللافتة نفسها. ونتيجة لذلك، نواصل إضفاء الشرعية على الأصوات التي ينبغي إقصائها.

وعلى سبيل المثال، قامت قناة "سكاي نيوز" الأسبوع الماضي، باستضافة دلي حسين من موقع "فايف بيلارز" الذي يديره الإسلاميون، للمشاركة في مناقشة حول كيفية التعامل مع التطرف الإسلامي. وقد أعرب حسين عن دعمه لكبار المفكرين الجهاديين الرئيسيين في القرن العشرين، بمن فيهم سيد قطب وعبدالله عزام. أصبح كتاب سيد قطب "معالم على الطريق" دليل الأيديولوجيات المتطرفة الإسلامية الحديثة، كما أنه أثر على أسامة بن لادن. وعبد الله عزام أحد أبرز منظري تنظيم القاعدة. ومع ذلك، على الرغم من هذا، ربما نتساءل وتحظى صفحة منظمة "فايف بيلارز" بنحو 184 ألف متابع على فيسبوك فقط؟ ومع ذلك تستمر "سكاي نيوز" في استضافة إسلاميين متطرفين للحديث حول كيفية التعامل مع التطرف الإسلامي.

فما الذي يجب أن نفعله؟ إن المسئولية الكبرى تقع على عاتق قادة المؤسسات الدينية المعتدلة في بريطانيا، إذ لا تكفي بيانات إدانة الهجمات الإرهابية لمنع هذا التهديد المتطرف الذي نواجهه، ولا تمنع تهديد 23 ألف جهادي. فهؤلاء القادة لديهم التزام ديني بتحصين الشباب المسلمين بالنصوص الدينية التي تدحض الفكر المتطرف، مع تعزيز فهم الإسلام في سياق المملكة المتحدة وترويج هذه التعاليم للجماهير في جميع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

علينا أن نتيح للشباب منابر لعرض شكاواهم وتذليلها، بالإضافة إلى مخاوفهم بشأن التحامل ضد المسلمين أو السياسة الخارجية، ومواجهة نظريات المؤامرة المناهضة للغرب. ومن الأهمية بمكان أن نبعث برسالة مفادها أن العنف والإرهاب، مهما كانت المظالم التي يدعي الإرهابيون أنهم يعانون منها، ليس لها ما يبررها في الإسلام. والأهم من ذلك أنه ينبغي على نشطاء المسلمين وعلمائهم استئصال المتطرفين الذين يبررون معتقداتهم "باسم الإسلام" من بيننا. وكما قال أحد العلماء في الأسبوع الماضي، "حان الوقت لطردهم".

ثانيا، علينا أن نبدأ الاستثمار في المنظمات الإسلامية المناهضة للتطرف. وفي الوقت الحالي، تفتقر هذه المنظمات إلى التمويل والموارد الضرورية. وتتحمل المنظمات الخيرية والجمعيات الخيرية مسئولية اجتماعية لدعم المسلمين الموجودين على خط المواجهة. 

يجب على الحكومة أن تبذل مزيد من الجهود لبيان التهديد اذلي يشكله إرهاب الجماعات المتأسلمة، وبناء الثقة بين المسلمين حتى نعمل معًا في مواجهة المتطرفين. وينبغي استكمال هذا العمل باستراتيجيات حكومية أوسع نطاقا تدعم المجتمعات المحلية من خلال برامج المشاركة والاندماج والتكامل.

من الضروري أن ندعم استثمار وتنشيط حركة المجتمع المدني على أساس قيمنا المشتركة للوقوف ضد المتطرفين. وهذا يتطلب منا جميعا أن ندافع عن قيمنا فوق المصالح السياسية أو الحساسيات الدينية، وذلك للمساعدة في بناء بريطانيا المتحدة التي نرغب فيها جميعا. لقد خسرنا بالفعل كثيرًا في مواجهة المتطرفين الإسلاميين. وسنستمر في خسارة المزيد ما لم نقم بعمل شيء ما على وجه السرعة.

المصدر – الجارديان
  

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا