كيف قد تتغير فرنسا بعد الانتخابات وما لعبة ماكرون الخطيرة؟

آية سيد

ما فرص لوبان في الفوز؟ ولماذا يمثل فوزها كارثة لفرنسا؟ وما اللعبة الخطيرة التي يمارسها ماكرون؟ جولة في مقالات الرأي


رغم تصدّر إيمانويل ماكرون، سباق الانتخابات الرئاسيّة الفرنسيّة، فإن استطلاعات الرأي تشير لاقتراب مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان، من الوصول للجولة الثانية.

وفي هذا السياق، يستعرض التقرير التالي أهم ما جاء في مقالات الرأي في الصحف العالميّة بشأن انتخابات الرئاسة الفرنسية، التي تجري اليوم الأحد 10 إبريل 2022، وما يمثلّه احتمالات فوز مارين لوبان واللعبة التي يمارسها ماكرون لتأمين فوزه بفترة رئاسية جديدة.

كارثة أكبر من البريكست وترامب

رأى الكاتب جون ليشفيلد في تقرير نشره موقع ذا لوكال في 7 إبريل 2022، أن فوز مارين لوبان في الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية يوم 24 إبريل 2022 غير مرجح، لكن لا يمكن استبعاده. محذّرًا من أن فوزها سيكون كارثة لفرنسا أكبر من البريكست لبريطانيا، ومن دونالد ترامب للولايات المتحدة.

وأوضح ليشفيلد إلى أن لوبان تريد جعل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حليفًا، والتمييز ضد الأجانب ومنع المسلمات من ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، ومخالفة قواعد الاتحاد الأوروبي وتعليق بعض المدفوعات الفرنسية له. مشددًا على أن برنامجها الاقتصادي غير مترابط ومتناقض فـ”لا أحد في حزبها شبه المُفلس يستطيع إدارة كشك”. لذلك من غير المرجح أن تختارها الأغلبية لمنصب الرئيس في وقت تواجه فرنسا وأوروبا أزمة عسكرية واقتصادية شديدة ومطوّلة بسبب أوكرانيا.

ما فرص لوبان؟

أشار ليشفيلد إلى أنه منذ بدء الحرب الروسيّة الأوكرانيّة، انخفضت أرقام المرشح اليميني المتطرف، إيريك زيمور، وذهبت إلى لوبان ليحتفظ اليمين المتطرف بـ32-34% من الأصوات، في حين انخفضت أرقام ماكرون من 31% قبل الحرب إلى 23-24% بعدها، لكنه لا يزال في الصدارة. وارتفع عدد من ينوون التصويت يوم الأحد من 67% إلى 71%، مرجحًا أن تذهب هذه الأصوات إلى لوبان.

وذكر ليشفيلد أن لوبان قادت حملة متقنة، في حين افتقر ماكرون للطاقة والتركيز بسبب انشغاله بالأزمة الأوكرانيّة. مشيرًا إلى أن لوبان اختارت ارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور ساحة لمعركتها، قبل أن ترفع الحرب الروسيّة الأوكرانيّة أسعار الوقود والغذاء، لذلك لم تؤثر فيها الحرب كثيرًا مثل زيمور، على الرغم من علاقتها ببوتين.

أضاف أن حملة ماكرون بدأت لتوّها تذكير الناخبين بمحور لوبان-بوتين، وأنها ترفض العقوبات القويّة على روسيا وشحنات السلاح إلى أوكرانيا. ولفت الكاتب إلى أن ماكرون بدأ أخيرًا إظهار بعض الرغبة في القتال. لهذا السبب توقع أن تشهد حملة الجولة الثانية التي تستمر أسبوعين حالة وديناميكية مختلفة، مع عودة علاقة لوبان ببوتين الظهور وعدم ترابط برنامجها الاقتصادي. وفي تلك الجولة توقع ليشفيلد أن قادة اليسار واليمين سيقفون وراء ماكرون ضد لوبان.

برنامج لوبان يدعم فرصها

أورد موقع ذا ناشيونال في 8 إبريل 2022 مقالًا للكاتب كولين راندال، رأى فيه أن فوز لوبان أصبح احتمالية تثير مشاعر تتراوح من الحماس إلى الذعر. وذكر أن فرنسا معتادة على القادة السياسيين من اليسار أو اليمين أو الوسط الذين يمثلون جبهة موحدة ضد التطرّف، على عكس لوبان التي يعتبرها الجميع متطرفة.

وردًا على فوز لوبان المحتمل، تقلبت الأسواق المالية وصعّد الأعداء السياسيون هجومهم عليها ووصفوها بأنها تظل تهديدًا مُعاديًا للأجانب والمسلمين، لكن برنامجها يركز على المخاوف اليوميّة لملايين الفرنسيين ويمنحهم الأولوية على الأجانب في الوظائف والإسكان الاجتماعي، لذلك لم تتأثر شعبيتها لدى قطاع كبير من ناخبي الأقليّة.

حكم لوبان سيحول فرنسا إلى دولة بوليسية

لفت راندال أيضًا إلى أن لوبان لم تعد تهدف إلى سحب فرنسا من منطقة اليورو أو الاتحاد الأوروبي، كما وعدت ببناء “تحالف جديد للدول الأوروبية”. إضافة إلى أن مؤيديها غير مهتمين بعلاقاتها الماضية بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ويثقون في أنها ستخفض الضرائب وأسعار الطاقة، على الرغم من تحذير مساعدي الرئيس من أن برنامجها يفتقر للتمويل الموثوق.

وفق المقال، يشعر خصوم لوبان بالخوف من التغيير الذي سيطال فرنسا تحت حكمها، وقال العالم السياسي والأكاديمي، توماس جينوليه، إنها ستكون مثل “المجر تحت حكم أوربان، أو أمريكا تحت حكم ترامب، أو روسيا تحت حكم بوتين”. وأضاف جينوليه في تصريحات لصحيفة ذا ناشيونال أن لوبان ستفرض قوميّة حمائية مُبالغ بها، إلى جانب قيود الهجرة الصارمة، وسلطات إنفاذ القانون المعززة، ما يخلق “دولة بوليسيّة كاملة”. حينها سيصبح الحصول على الجنسيّة الفرنسيّة مستحيلًا لمعظم الأجانب.

ماكرون يمارس لعبة خطيرة

في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، 9 إبريل 2022، رأى عالم الاجتماع والأنثروبولوجيا، ديديه فاسين، أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يمارس لعبة خطيرة من خلال إتباع سياسات تتجه نحو اليمين، مثل خفض الضرائب على الأثرياء، وتقليص دولة الرفاهية، وإضعاف الديمقراطية، ويبدو أنه يضاعف هذا النهج الآن.

ولفت فاسين إلى أنه في الأشهر الأخيرة، أصبحت مناشدة ماكرون لناخبي جناح اليمين أكثر وضوحًا ، مشيرًا إلى أن برنامجه الانتخابي أصبخ يدور حول موضوعين تقليديين لليمين، هما السيطرة على الهجرة وتشديد العلمانيّة، وحسب الكاتب، كانت القرارات الأولى لماكرون في المنصب هي إلغاء ضريبة الثروة، وفرض ضريبة ثابتة لمرة واحدة مقابل دخل رأس المال، ما حوّله إلى “رئيس للأثرياء”.

موقف متشدد من الهجرة والإسلام

أوضح الكاتب أن فرنسا في حكم ماكرون شهدت تراجعًا ديمقراطيًّا، وظلت في حالة طوارئ لمدة 46 شهرًا، وهو رقم قياسي في أوروبا. كذلك سنت 6 قوانين تقيّد حقوق طالبي اللجوء والمحتجين والسجناء والاتحادات العماليّة والمنظمات غير الحكوميّة، إضافة إلى أن ماكرون وسّع صلاحيات الشرطة على حساب القضاء.

أضاف أن العلامة الأكثر وضوحًا على انجراف ماكرون تجاه اليمين هي وضع السيطرة على الهجرة من الجنوب، وتنظيم الدين والمقصود ضمنًا هو الإسلام في مركز سياساته، وإتخاذ مواقف أكثر تشددًا تجاه القضيتين. كذلك خلال 5 سنوات الماضية، ازداد القمع ضد المهاجرين واللاجئين على نحو غير مسبوق، وأعلن ماكرون بعد غرق 27 شخصًا في المانش في نوفمبر 2021 أنه يجب تعزيز مراقبة الحدود لوكالة فرونتكس الأوروبية، متجاهلًا الخطر الأكبر على المهاجرين.

وفي بداية 2021, صوّتت الاغلبيّة البرلمانيّة على قانون يستهدف “الانفصاليّة” المزعومة للمسلمين الذين اعتُبروا تهديدًا للقيم الجمهورية. وهذا القانون حيسب الكاتب، سمح للحكومة بحل العديد من المنظمات غير الحكوميّة، ما انتقدته بعض الجماعات لكونه هجومًا على الحرّيات المدنيّة.

ربما يعجبك أيضا