كيف يمكن فهم زيارة الملك سلمان لروسيا؟

أميرة رضا

ترجمة بواسطة – آية سيد
 
تشير زيارة الملك سلمان إلى روسيا إلى تحول في العلاقات الروسية-السعودية على الرغم من أن الدولتين لم تتفقا حول مستقبل سوريا, وتعتبر الرياض الموالية للولايات المتحدة علاقة روسيا بإيران تحالفًا آثمًا.  

في حين أن أجنداتهما مليئة دون شك بموضوعات سياسية مُلحة, إلا أن الاتفاقيات الاقتصادية التي سيوقعانها هي ما يهم.
 
هذه الاتفاقيات تعكس استراتيجية مشاركة أوسع في الشرق الأوسط: تستخدم روسيا الاقتصاد كوسيلة لتعميق العلاقات السياسية وتعزيز المحصلة النهائية المتدهورة لموسكو, بالإضافة إلى المكسب الإضافي بتحجيم الولايات المتحدة, والأجندة السعودية الخاصة بروسيا ليست مختلفة.
 
هذه المشاركة ترسل أيضًا رسالة للولايات المتحدة. أن العلاقات الدولية مرنة, والبلاد التي ربما تكون غير راضية عن قيادة الولايات المتحدة أمامها خيارات فيما يتعلق بشراكاتها الاقتصادية, والسياسية, والعسكرية.
 
بسبب العقوبات, نوّعت موسكو مجموعة استثماراتها الأجنبية بعيدًا عن أوروبا والولايات المتحدة. وجدت روسيا شركاء راغبين في دول الخليج, قادرين على القيام باستثمارات مرتفعة القيمة في اقتصاد روسيا المتعثر.
 
السعودية, بالتحديد, خصصت أكثر من 10 مليار دولار للاستثمار في البنية التحتية, وبيع التجزئة, واللوجيستيات, والزراعة في روسيا عبر صندوق الثروة السيادية وغيره من وسائل الاستثمار.
 
في ظل مواجهتهما لعائدات نفط منخفضة والتي تعتمد عليها ميزانياتهما, تعاونت روسيا والسعودية في قطاع الطاقة, وبرز هذا التعاون في تخفيض إنتاج النفط في ديسمبر 2016 لتثبيت أسعار النفط. كانت هذه هي المرة الأولى منذ عام 2001 التي يتفق فيها عضو في منظمة الأوبك -التي تُعد السعودية أكبر دولة مصدرة بها- ودولة من غير الأعضاء في أوبك -التي تُعد روسيا أكبر دولة مصدرة من بينها- على أهداف الإنتاج.
 
الآن, تخطط الرياض للاستثمار في أصول الطاقة الروسية.
 
تطرقت السعودية أيضًا إلى شراء أسلحة روسية, على الرغم من أن الصفقات السابقة لم تتحقق. تردد أن الرياض, التي تحصل على السلاح بشكل رئيسي من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة, وقعت اتفاقية تعاون عسكري تمهيدية بقيمة 3,5 مليار دولار مع روسيا.
 
للوهلة الأولى, يبدو أن موسكو تستفيد على نحو غير متكافئ من هذه الاتفاقيات. لكن هذه الاتفاقيات تلائم بشدة جهد السعودية لتحقيق التنمية الاقتصادية والحداثة كجزء من برنامج رؤية 2030.
 
سوف يؤدي استثمار الرياض في قطاع الطاقة الروسية أيضًا إلى نشاط روسي أكبر في السعودية نفسها, ويشمل إمداد الغاز إلى صناعة البتروكيماويات السعودية والعمل مباشرة في الدولة لتخفيض تكاليف التنقيب والإنتاج. هذا سيساعد أيضًا في تحقيق هدف مهم في رؤية 2030: توفير وظائف جديدة للمواطنين السعوديين.
 
بصورة مماثلة, صفقات الأسلحة الروسية تتعدى كونها مجرد وسيلة للتحوط من المشاكل المحتملة مع الولايات المتحدة, ضامن الأمن التقليدي للسعودية. سوف تأتي الاتفاقيات مع روسيا ببنود خدمة محلية, مما يؤدي إلى تصنيع الأسلحة داخل المملكة وربما نقل التكنولوجيا العسكرية إلى الرياض, ويتيح للسعوديين بناء صناعة عسكرية محلية – وهو هدف معلن في رؤية 2030.
 
إن عقد روسيا لصفقات اقتصادية يمد الدولة برأس مال يحتاجه الاقتصاد الداخلي الخاضع لعقوبات لكي ينمو ويحسن العلاقات مع القيادة السعودية مع الحفاظ على العلاقات مع غريم السعودية الشرق أوسطي الرئيسي, إيران.
 
إن اتفاقيات الاستثمار تعطل مفعول نظام العقوبات الذي تقوده الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي, والتقارب الروسي مع السعودية, الشريك الأمريكي المؤثر في المنطقة, يستفز واشنطن عن عمد.
 
في حين أن روسيا ليست الفاعل الوحيد الذي يمتلك نفوذًا -تمتلك السعودية على الأرجح قدر كبير من النفوذ في العلاقة- إلا إنه يكفي لتعقيد السياسة الأمريكية في المنطقة, سواء من خلال أوبك أو في سوريا.
 
يقدم النشاط الاقتصادي الروسي في المنطقة إشارة هامة للولايات المتحدة. بصفتها المخطط الرئيسي للنظام الاقتصادي العالمي, جعلت الولايات المتحدة ذلك النظام جذابًا بما يكفي بحيث وافقت معظم الدول الأخرى على احترام القواعد المؤسسية لإنها أيضًا ستستفيد اقتصاديًا.
 
لكن هذا التعاون ليس إلزاميًا, والدول مثل السعودية أمامها خيارات, سواء عقد شراكة مع روسيا أو دعم مبادرة الحزام والطريق الصينية – أو التحوط والبحث عن مجموعة متنوعة من الشركاء.
 
إن التفاعلات الاقتصادية الروسية في الشرق الأوسط متقنة أكثر من تدخلها العسكري الصارخ في سوريا, لكن تأثيرها قد يكون مكلفًا للمصالح الأمريكية ومُعقدًا لأهداف السياسة الأمريكية على المدى الطويل.

المصدر – مؤسسة راند

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا