لا يعلمون مقتل البغدادي.. أوبئة وإيدز وبتر بين سجناء “داعش”

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبدالرحمن

خلف الباب الحديدي ، تمتلئ الزنازين  بسجناء هزيلين يرتدون ملابس برتقالية، لا يوجد مسافة شبر واحد من الأرض إلا متكدس بأكوام بشرية،حيث مُنح فريق من وكالة فرانس برس فرصة الوصول إلى أحد مراكز الاحتجاز المزدحمة في شمال شرق سوريا حيث تحتجز القوات الكردية مشتبهاً بهم في تنظيم “داعش”.

وأدى هجوم تركيا الذي شنته ضد القوات الكردية في وقت سابق من هذا الشهر إلى خلق حالة من الفوضى في المنطقة، لذلك فإن مدى قوة مثل هذه الأبواب الموصودة على مسجونيها سيكون مسألة وقت ويجب أن يبقى العالم على أهبة الاستعداد.

وقالت صحيفة “ديلي ميل” إن المسجونين داخل السجون سيئة التحصين في الحسكة ينحدرون من عشرات الدول التي لا تريد عودتهم، مع وجود 5000 سجين ما بين سوريين وعراقيين، وكذلك بريطانيين وفرنسيين وألمانيين.

ويواجه السجناء تهما بارتكاب أعمال وحشية واسعة النطاق في الأراضي التي كانت تسيطر عليها في الماضي في جميع أنحاء العراق وسوريا، بما في ذلك عمليات الإعدام الجماعي والاغتصاب والاستعباد والتعذيب، وقد تم تصوير الكثير منها لأغراض الدعاية.

لا يعلم هؤلاء بما يجري خارج جدران السجن، بحسب ما يؤكد القيمون على السجن الذين يطلبون عدم طرح أسئلة متعلقة بالأحداث.

لم يعرف هؤلاء، وفق مسؤول بالسجن اسمه سرحات، بالهجوم التركي ضد المقاتلين الأكراد في شمال سوريا وما تبعه من متغيرات سياسية وميدانية بينها انسحاب قوات سوريا الديموقراطية من مناطق حدودية واسعة.

وبالتالي، فهم لا يعرفون على الأرجح بمقتل زعيمهم أبو بكر البغدادي فجر الأحد في عملية أمريكية شمال غرب سوريا.

ويقول أسيل ماثان ، 22 عامًا: “أريد أن أغادر السجن وأعود إلى المنزل لعائلتي”.

غادر الشاب الصغير وطنه ويلز عندما كان لا يزال في السابعة عشرة من عمره ، لينضم إلى شقيقه في الموصل ، المدينة العراقية الشمالية التي ولد فيها “الخلافة”، عندما قُتل شقيقه ، انتقل عبر الحدود السورية إلى الرقة ، المركز الرئيسي الآخر للدولة البروتستانتية الجهادية المنهكة الآن.
في الطابق السفلي، مستشفى السجن الذي يضمّ أكثر من 300 مريض ومصاب يعانون من نقص في المياه والأدوية.

وفي الداخل، أجساد ضامرة، شاب يضع حفاضاً لا يقوى على الوقوف يمسكه سجينان بيديه لكن سرعان ما ينهار من شدّة الإعياء أمام صحافي وكالة فرانس برس، ويقول آخرون في الزنزانة إن كثيرين في المكان يعانون من الإسهال.

ويسلم الحراس فريق فرانس برس أقنعة طبية لوضعها للوقاية من الأمراض المنتشرة أو الرائحة الكريهة برغم المراوح الموجودة لسحبها.

ويمكن رؤية أحدهم وقد بُترت ساقه، وآخر يتنقل على كرسي متحرك، وثالث يمشي على عكازين، بينما كثيرون ضمدت رؤوسهم أو أقدامهم او أيديهم. وبرزت نتوء في عظام من أجسادهم.

وينام البعض على الأسرّة القليلة المتوفرة، والغالبية على الأرض وإلى جانبهم صناديق أدوية صغيرة عليها شعار اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

ويوضح مسؤول السجن أن بين المساجين حوالي 1500 مصاب أو مريض، مشيراً إلى حالات بتر كثيرة، و50 حالة التهاب كبد وحالتي إيدز.

ويخيّم الهدوء على أروقة السجن التي تقطعها أبواب مصنوعة من قضبان حديدية خضراء. على جانبي الأروقة مهاجع المساجين المغلقة بإحكام بأبواب حديدية تتوسطها نافذة صغيرة لكل باب.

يفتح حارس وضع قناعاً أسود على وجهه إحدى النوافذ، في الداخل، لا يمكن حتى رؤية الأرض من شدة الاكتظاظ: مكدسون وبينهم جرحى كثر.

على جدران الزنازين، علقت أكياس من الخبز، وفي زواياها أغلقت حمامات بقطع من قماش.

وفي كل مرة تُفتح نافذة باب حديدي، يتجمع بعض من في الداخل قرب الباب، ليلقوا نظرة على الخارج أو يمعنوا النظر في الزوار.

في إحدى الزنازين، يسرع أحدهم بإحضار شاب ملتح نحيل وقد ارتدى حفاضاً من شدة المرض، ليراه الصحافيون.

أمام إحدى الزنازين، يتردد أحد الحراس في الاقتراب قائلاً “هؤلاء خطيرون”، في هذا المهجع حصلت إحدى محاولات الشغب، كما يقول سرحات.

ويروي أنه قبل حوالي شهر، وأثناء توزيع حراس السجن الطعام، وجدوا أحد المعتقلين ممددا على الأرض، وقال لهم السجناء إنه مريض جداً وعلى وشك الموت. دخل الحراس لاصطحابه، فهاجمهم المساجين، وفق سرحات الذي يوضح “سرعان ما تدخلت قواتنا وانتهى الأمر”.

ويقبع في سجون قوات سوريا الديموقراطية حاليا 12 ألف عنصر من تنظيم داعش، بينهم 2500 إلى ثلاثة آلاف أجنبي من 54 دولة. والآلاف من هؤلاء اعتقلوا خلال المعركة الأخيرة ضد التنظيم في بلدة الباغوز في شرق سوريا.

في الخارج، عناصر الخلايا النائمة التابعة للتنظيم المتطرف لم ينسوا رفاقهم، بحسب أحد مسؤولي السجن. “يقتربون أحيانا من السجن، ويطلقون النار في الهواء ليقولوا لهم إنهم لم ينسوهم”.

ربما يعجبك أيضا