لطي صفحة الإسلام السياسي.. تقارب سريع بين اتحاد الشغل والرئيس التونسي

كريم بن صالح
الرئيس التونسي قيس سعيد والأمين العام لاتحاد الشغل التونسي نور الدين الطبوبي

رؤية – كريم بن صالح

تشهد العلاقة بين الاتحاد العام التونسي للشغل وهي أكبر منظمة عمالية في تونس ومؤسسة رئاسة الجمهورية تطورا هاما خاصة بعد اللقاءات والاتصالات الأخيرة التي جمعت الطرفين.

وبالتزامن مع المسيرة التي نظمتها ما تسمى بــ”مواطنون ضد الانقلاب” الأحد أجرى الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي اتصالا بالرئيس التونسي قيس سعيد.

وتناول الاتصال وفق بيان من اتحاد الشغل حينها الوضع العام في البلاد وأهمية الإسراع بمواصلة مسار 25 يوليو ليكون فعلا فرصة تاريخية للقطع مع عشرية غلب عليها الفشل في إشارة إلى حكم حركة النهضة الإسلامية.

ويعتبر اتحاد الشغل من أكثر المنظمات الوطنية دعما وتأييدا للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد يوم 25 يوليو الماضي بحل الحكومة السابقة وإقالة رئيسها هشام المشيشي وتجميد البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه.

وأكد الاتحاد مرارا أن الإجراءات الاستثنائية تهدف بالأساس إلى مكافحة الفساد وإنهاء حالة التسيب وإعادة الهيبة إلى الدولة التونسية ومكافحة تغول بعض اللوبيات على الاقتصاد الوطني.

وأعلن اتحاد الشغل عن استعداده للمشاركة في الحوار الوطني الذي تحدث عنه الرئيس لكنه تحدث في المقابل عن بعض التحفظات فيما يتعلق أساسا بطريقة إدارة هذا الحوار والأطراف المشاركة فيه.

ودعا الاتحاد إلى تشريك الأحزاب في الحوار الوطني كما طالب بضبط جدول زمني محدد للإجراءات الاستثنائية والمرور إلى مرحلة جديدة عبر احترام آلية الديمقراطية.

محاولات إخوانية فاشلة لتوتير العلاقة بين الاتحاد والرئيس

وحاول التيار الإسلامي وحلفاؤه استغلال تحفظات الاتحاد العام التونسي للشغل وذلك لتوتير العلاقة بين المنظمة العمالية الأبرز في تونس ومؤسسة الرئاسة.

وسعت وسائل إعلام مرتبطة بالإخوان لتضخيم بعض الانتقادات التي وجهها مسؤولون في اتحاد الشغل لبعض الأطراف المقربة من مؤسسة الرئاسة وذلك لإرباك الوضع الحالي في محاولة يائسة للعودة إلى ما قبل 25 يوليو عبر دفع اتحاد الشغل للانضمام للقوى المعارضة للإجراءات الاستثنائية.

وعرضت قناة الجزيرة تقارير تشير إلى وجود خلاف بين الرئيس واتحاد الشغل في محاولة لتضخيم بعض التحفظات كما تم استغلال دعوة اتحاد الشغل للإضراب العام في مدينة عقارب رفضا لاستئناف العمل بمصب النفايات ” بالقنة” للإيهام بوجود توتر بين المنظمة العمالية والرئيس.

وقال المحلل السياسي المقرب من التيار صلاح الدين الجورشي في تصريح لقناة الجزيرة إلى وجود خلاف جوهري بين رئيس الجمهورية وأمين عام اتحاد الشغل يتعلق بتصور كل منهما لطبيعة الحوار الوطني ومضامينه والمشاركين فيه.

بدوره قال القيادي بحركة النهضة محمد القوماني في تصريح للجزيرة أن جميع المعطيات تشير إلى حجم التباين بين رئيس الجمهورية وأمين عام اتحاد الشغل، ما من شأنه أن يضعف فرص الذهاب نحو حوار وطني بمفهومه التشاركي.

وأمام تلك التأويلات والتحليلات خرج الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي على نفس القناة ليكذب كل محاولات التشكيك في العلاقة مع الرئيس.

وقال الطبوبي أنه لا رجوع إلى ما قبل 25 من يوليو الماضي موضحا”موقف المتحدث باسم الاتحاد سامي الطاهري بشأن عدم عودة البرلمان يلزمنا”.

وكان الطاهري أكد أن الاتحاد يرفض العودة إلى منظومة حكم الإخوان وحلفائه وانه يتطلع إلى المستقبل في تعليقه على مسيرة ” مواطنون ضد الانقلاب”.

كما قال الطبوبي هناك محاولات للتاويل بشأن مكالمته الهاتفية مع الرئيس بعد مظاهرات الأحد مضيفا “أنا من بادرت بمهاتفة رئيس الجمهورية ووجدت منه إصغاء وانفتاحا لإيجاد حل للأزمة “.

وتابع الطبوبي “يجب عدم تحميل مكالمتي مع الرئيس سعيد أكثر مما تحتمل داعيا لمراجعة القانون الانتخابي لإجراء انتخابات تشريعية في أقرب الآجال قائلا للتونسيين القدرة على إيجاد حلول من خلال حوار هادف وهادئ”.

لقاءات إيجابية بين الطبوبي ونجلاء بودن

وبالتزامن مع الاتصالات واللقاءات بين الطبوبي وقيس سعيد أجرى الأمين العام لاتحاد الشغل لقاءات مع رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن وصفت بأنها إيجابية.

وقال الطبوبي في آخر لقاء مع بودن أن الحكومة تعهدت بتسوية الوضعية المهنية لستة آلاف من العمال كدفعة أولى مؤكدا أن رئيسة الحكومة تقبّلت مقترح الاتحاد المتعلق بالترفيع في الأجر الأدنى وكذلك النظر في ملف المؤسسات العمومية.

وتابع “يوجد أيضا التزام بإصلاح المؤسسات العمومية حالة بحالة”، مشيرا إلى روح المسؤولية بين الطرفين لإنقاذ البلاد، وأن هناك لقاءات أخرى مرتقبة.

ووفق تصريح الطبوبي يبدو أن العلاقة بين اتحاد الشغل والحكومة على أحسن ما يرام وأن اللقاءات المستقبلية ستزيد من تقريب وجهات النظر وهو أمر يربك بشكل كبير مخطط النهضة وزعيمها راشد الغنوشي.

ربما يعجبك أيضا