لقاح “سبوتنيك”.. احتفاء روسي وتشكيك غربي

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

أثار اللقاح الروسي “سبوتنيك” الذي أعلنت موسكو عن التوصّل إليه وأنّه بات جاهزاً للاستخدام وإنقاذ البشرية من وباء كورونا، الكثير من الجدل، فمن قبل أعلنت بعض الدول عن لقاحات لعلاج المرض ثم سرعان ما تبين فشل تلك اللقاحات في معالجة الفيروس، كما شككت في اللقاح الروسي العديد من البلدان وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصا أن اللقاح بحاجة إلى تجارب سريرية تحتاج إلى أشهر.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن اللقاح آمن مؤكدا أن إحدى ابنتيه تلقت جرعة، واللقاح أطلق عليه اسم “سبوتنيك” تيمنا بأول قمر صناعي ساهم في وضع الاتحاد السوفيتي في مقدمة سباق الفضاء خلال الحرب الباردة في 1957.

وقالت روسيا، إن اللقاح يوفر “مناعة مستدامة” ضد فيروس كورونا، لكن علماء في الغرب أبدوا قلقا إزاء سرعة تطوير العلاجات الروسية واعتبروا أن الباحثين غير صارمين، واللقاح يواجه أيضا عقبة صعبة في الحصول على موافقة من منظمة الصحة العالمية، التي يجب عليها أن تشتريه ثم توصي به للدول الأخرى.

ويذكر أنه هناك أكثر من 150 لقاحا قيد التطوير في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك اللقاح الروسي، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، 26 منها بالفعل في التجارب البشرية.

الموقف الأمريكي

من جهته، عبر وزير الصحة الأمريكي، أليكس عازار، عن شكوك إزاء إعلان روسيا تطوير أول لقاح في العالم ضد فيروس كورونا المستجد، مشيرا إلى نقص المعطيات من تجاربه الأولى، وقال: “من المهم أن نوفر لقاحات آمنة وفاعلة وأن تكون المعطيات شفافة، فهذا ليس سباقا على المركز الأول”، وأضاف: “أشير إلى أن 2 من اللقاحات الأميركية الستة التي استثمرنا فيها، دخلت قبل أسابيع المرحلة الثالثة من التجارب السريرية التي بدأها للتو اللقاح الروسي”، وتابع: “لم يتم الكشف عن معطيات التجارب الأولى في روسيا، إنها غير شفافة”.

أما أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، الذي صدّر هو الآخر شكوكاً عميقة في أمان وفاعلية اللقاح، فيما لم ينس القول إنّ الوصول إلى لقاح، وإثبات أن أي لقاح آمن وفعّال، هما أمران مختلفان. يشير فاوتشي إلى أنّ بإمكان بلاده حال أرادت استغلال الفرصة لإيذاء الكثير من الناس أو إعطائهم شيئاً لا يعمل، ويمكنها البدء الأسبوع المقبل إن أرادت، لكنها ليست هذه الطريقة التي تسير بها الأمور.

العالم

من جهته، قال الطبيب غارباس باربوسا، مساعد مدير منظمة الصحة الأميركية لمنظمة الصحة العالمية، في مؤتمر صحفي: “لا يمكنك استخدام لقاح أو عقاقير أو أدوية دون اتباع كل هذه المراحل، بعد الالتزام بكل هذه المراحل”، وأضاف: “منظمة الصحة العالمية على اتصال حاليا بالسلطات التنظيمية في روسيا لتلقي معلومات عن هذا اللقاح، وفقط بعد تحليل جميع المعلومات، سيمكن لمنظمة الصحة العالمية تقديم توصية.”

فيما رأت ألمانيا أنّ اللقاح لم يختبر بشكل كافٍ، وأنّ الهدف ابتكار منتج آمن وليس أن يكون بلد ما الأول في توفير لقاح للناس فقط، وتخشى ألمانيا من أن يتسبّب البدء في منح اللقاح للملايين إن لم يكن المليارات بوقت سابق لأوانه، في القضاء تماماً على تقبّل فكرة اللقاح حال لم تمض الأمور على ما يرام.

أما كوريا الجنوبية فقالت إنّ المعلومات عن اللقاح الروسي محدودة فيما يمكن استيراده حال التأكّد من سلامة استخدامه.

روسيا والتشكيك

روسيا من جهتها لا تهتم بموجة التشكيك في لقاحها الجديد، بل وتشير إلى أنّ المزاعم بشأن اللقاح لا أساس لها وأنّ مفجّرها “المنافسة”، وينوي وزير الصحة الروسي، ميخائيل موراشكو، توفير اللقاح للعاملين في قطاع الصحة خلال الأسابيع المقبلة.

وكان بوتين  قد أعلن، أن بلاده طورت أول لقاح ضد فيروس كورونا المسبب لوباء كوفيد-19، مشيرا إلى أن 20 دولة طلبت الحصول على اللقاح الروسي.

المرحلة الثالثة من التجارب السريرية

في سياق متصل، حذر الخبراء الطبيون، من أنه بدون المرحلة الثالثة من التجارب السريرية على نطاق واسع، فمن غير المعروف حقا ما إذا كان اللقاح فعالا، وما هي الآثار الجانبية المحتملة التي يمكن أن تحدث على عامة الناس.

وقال دانيال سالمون، مدير معهد سلامة اللقاحات في كلية جونز هوبكنز بلومبيرغ للصحة العامة، إن “تجارب المرحلة الثالثة حاسمة” لتطوير الأدوية واللقاحات، وأضاف: “هل سأكون واثقًا من السلامة والفعالية بدون المرحلة الثالثة؟ بالطبع لا”، وفقا لموقع “سي إن بي سي”.

يذك أن المرحلة الثالثة من اللقاح الروسي انطلقت، والتي تشمل التجارب السريرية، وبالرغم من عدم اكتمال هذه المرحلة، كانت روسيا قد أعلنت نيتها لطرح اللقاح لدول العالم.

من ناحيته، قال الدكتور بول أوفيت، مدير مركز تعليم اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا، إنه يخشى أن تؤدي موافقة روسيا على اللقاح إلى الضغط على الولايات المتحدة لطرح لقاح خاص بها قبل أن يصبح جاهزا، وقال أوفيت: “تصرف روسيا خطأ فادح، وقد يتسبب بضرر كبير. لقد كانت حيلة سياسية”.

 

ربما يعجبك أيضا