لماذا سحب البرلمان الليبي الثقة من باشاغا؟

صوّت البرلمان الليبي، اليوم الثلاثاء الموافق 16 مايو 2023، على سحب الثقة من رئيس الحكومة فتحي باشاغا، وقرر إحالته للتحقيق.

ووفقًا لوسائل إعلام محلية، قرر المجلس تكليف وزير المالية، أسامة حماد، بتسيير مهام رئاسة الوزراء، بالإضافة إلى مهامه. ويأتي ذلك بعد انتقادات طالت الحكومة بشأن أدائها “المتواضع” على الصعيدين السياسي والاقتصادي، فما أبعاد هذا القرار؟

عزل باشاغا

أعلن المتحدث باسم مجلس النواب الليبي عبدالله بليحق، أن المجلس صوّت بالأغلبية على إيقاف فتحي باشاغا وإحالته للتحقيق، وتكليف وزير المالية أسامة حماد بتسيير مهام رئاسة الحكومة بالإضافة إلى مهامه في وزارة المالية، وفقًا لما نقلت وسائل إعلام محلية.

بليحق

وكان البرلمان الليبي منح الثقة لباشاغا، خلال فبراير من العام الماضي. وشغل باشاغا منصب وزير الداخلية في حكومة ما يعرف بـ”الوفاق الوطني” ومقرها طرابلس في عهد رئيس المجلس الرئاسي السابق فايز السراج. وعُقدت جلسة البرلمان برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس النواب فوزي النويري، والنائب الثاني للرئيس عبدالهادي الصغير، وكان التصويت بالأغلبية.

اقرأ أيضًا| مجلس النواب الليبي يحيل رئيس الحكومة للتحقيق

خطوة استباقية

فيما يبدو أنها محاولة استباقية لقرار البرلمان، كان فتحي باشاغا قد كلف نائب رئيس مجلس الوزراء على القطراني بتسيير مهـام مجلــس الوزراء بالحكومـة الليبية مع تفويضـه بكـامـل الصلاحيات الممنوحة، وفقًا لما نقل تلفزيون المسار، ومن غير الواضح بعد ما إذا كان باشاغا سيقر بقرار البرلمان أم سيتعنت وهو ما قد يدخل البلاد في مزيدٍ من الانقسامات.

🔴 #عاجل | رئيس الحكومة الليبية #فتحي_باشاغا يكلف نائبه #علي_القطراني بتسيير مهام مجلس الوزراء وتفويضه بكامل الصلاحيات pic.twitter.com/L5TOAguBV9

— تلفزيون المسار (@almasartvlibya) May 16, 2023

وناقش مجلس النواب الليبي في جلسته الرسمية بمدينة بنغازي أداء الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا وما قدمته منذ حصولها على ثقة المجلس العام الماضي، وفقًا لما قاله المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبدالله بليحق في بيان له نقلته وسائل إعلام محلية.

سبب حجب الثقة

كانت المهمة الرئيسة الموكلة إلى باشاغا كرئيس للحكومة الليبية هي تسلّم السلطة من الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة، غير أن فشل باشاغا أثار انتقادات واسعة النطاق بشأن أدائه السياسي ومدى قدرته على استلام السلطة.

باشاغا

من جانبه، يماطل الدبيبة في تسليم السلطة، مدعيًّا أنه سيفعل ذلك حال “إجراء انتخابات”، وهي خطوة من العسير إتمامها في الوقت الحالي في ظل الخلاف الدائر في البلد الذي يعيش على وقع انقسامات وخلافات حادة منذ ما يناهز العقد من الزمان.

وكان البرلمان الليبي قد عُقد جلسة في مارس الماضي لمساءلة الحكومة، والتحقيق في بعض المسائل المرتبطة بأدائها، خاصةً في بعض الجوانب المالية، ويبدو أن إقالة الحكومة لا يأتي بسبب الفشل في تسلم السلطة فحسب، فقد تعرضت الحكومة لانتقادات بشأن تجاوزات مالية، بالإضافة إلى عجزها عن توفير مصادر تمويل لمشاريعها.

مأزق ليبيا

قال عضو مجلس النواب، جبريل أوحيدة، إن باشاغا لم يستطع استلام السلطة من الدبيبة للوصول إلى الانتخابات، وكان عليه أن يعتذر لمجلس النواب منذ ذلك الحين، مشيرًا إلى أن باشاغا تعامل مع الميزانية التي أقرها مجلس النواب بـ”مزاجية”، على حد تعبيره.

أوحيدة

وأوضح أنه “صرف بنودها خارج الميزانية بباب الطوارئ، وصرف أموالًا لم نعرف عنها شيئًا، وعندما حاولنا مناقشته في الأمر لم نصل إلى شيء، وسط شكاوى كثيرة من الوزراء”.

وأضاف: “نرحب بحكومة وحدة وطنية حقيقية تأتي غدًا”، لكنه استدرك: “نعرف أن الدبيبة باق بفرض سياسية الأمر الواقع، وبالتالي تشكيل حكومة جديدة بمثابة حلم”، على حد تعبيره، وذلك وفقًا لتصريحه لـبرنامج «تغطية خاصة» على قناة “الوسط” (إم تي في)، كما نقل موقع الوسط الليبي الإخباري.

اقرأ أيضًا| باشاغا: لا خطط حاليًّا للحكم من طرابلس

أول ميزانية منذ سنوات

كان البرلمان الليبي قد أقر لصالح حكومة باشاغا ميزانية مالية سخيّة للعام الماضي 2022 تقدر بـ 89 مليار دينارًا، أي حوالي 18 مليار دولارًا، والتي كانت تعد أول ميزانية رسمية تقر على نحوٍ شرعي منذ 2014، وآنذاك بلغت الميزانية 56 مليار دينار ليبي أي حوالي 46.5 مليار دولارًا.

ووفقًا لموقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، فإن باشاغا “شخصية قيادية ومؤثرة في الغرب الليبي على الصعيدين العسكري والسياسي. وقد تمحور خطابه الانتخابي عندما أعلن ترشحه في الانتخابات الرئاسية على قدرته على تحقيق الأمن والإصلاح الاقتصادي في ليبيا”، وهي الوعود التي لم تتحقق ما أدى لحجب الثقة عنه في نهاية المطاف.