لماذا يجب أن يخاطر العالم لحماية تايوان من الغزو الصيني المحتمل؟

يمثل تصاعد التهديدات الصينية ضد تايوان قلقًا كبيرًا، خاصة بعدما نفذت بكين محاكاة لحصار الجزيرة بالغارات الجوية وطوقتها بحريًّا.

وذكر الكاتب جديون راشمان  في مقال نشرته صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية، أن الولايات المتحدة تعهدت بمواجهة أي هجوم صيني على الجزيرة، والمخاطرة بإشعال الحرب مع قوة نووية مسلحة، لكنه شدد على أن هذا لا يجب أن يكون موقف واشنطن وحدها.

المخاطرة لحماية تايوان

أشار راشمان، في مقاله، إلى ما قاله الباحث من معهد كاتو، دوج باندو، إن معظم صانعي السياسة الأمريكية من الممكن أن يخاطروا لحماية تايوان، بالرغم من أن واشنطن تعلم أنها ستحارب قوة نووية مسلحة.

وأوضح أن الوضع مغاير ومعاكس في أوروبا لموقف واشنطن، ففي أعقاب زيارته الصين، الأسبوع الماضي، ألمح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى أن بلاده لن تحرك ساكنا لحماية تايوان، وقال لمجلة بوليتيكو الأمريكية عن هذا الأمر إن الخطر الكبير على أوروبا هو “الوقوع في أزمات ليست أزماتنا.”

اقرأ أيضًا| رئيسة تايوان تندد بالمناورات العسكرية الصينية «غير المسؤولة»

لكنه لفت إلى أنه تصريحات ماكرون لا تعني أن أوروبا بالكامل لن تحرك ساكنًا لحماية تايوان، لكن بعض الجيوش قد تنخرط مباشرة في هذا الصراع، مشددًا في الوقت نفسه على أهمية تصريحات ماكرون، لأنها ستؤثر في سياسات بكين حال شن هجوم.

فايننشيال تايمز: لماذا تايوان مهمة للعالم؟

عواقب عالمية عميقة

حذر راشمان من أن إمكانية ضم الصين جزيرة تايوان قسريًّا سيكون له عواقب عالمية عميقة، يمكن الشعور بها سريعًا في أماكن مثل باريس، وكذلك في أبعد المدن الأمريكية.

وأشار الكاتب إلى وجود 3 حجج رئيسة للدفاع عن تايوان، الأولى تتعلق بمستقبل الحرية السياسية في العالم، والثانية تتعلق بتوازن القوى العالمي، والثالثة تتعلق بالاقتصاد العالمي، وتلك الحجج معًا تبدو مقنعة، على حد وصفه.

اقرأ أيضًا| استمرت 3 أيام.. الصين تنهي تدريبات عسكرية حول جزيرة تايوان

تايوان والصين

ترسيخ الاستبداد الصيني

قال الكاتب إن الحزب الشيوعي الصيني يجادل بأن حكم الحزب الواحد هو النظام المثالي، وتصر واشنطن على ضرورة إرساء القيم الليبرالية والديمقراطية، لكن تايوان، دليل حي على أن الثقافة الصينية متوافقة تمامًا مع الديمقراطية، ويحافظ وجودها على رؤية بديلة لكيفية إدارة البر الرئيس نفسه يومًا ما.

وأشار إلى أن الصين لو طبقت سياساتها الديكتاتورية في تايوان، فسترسّخ الاستبداد الناطق بالصينية في جميع أنحاء العالم، لأنها القوة العظمى الناشئة في القرن 21، وسيكون لذلك آثار سياسية قاتمة في العالم.

ضربة كبيرة للنفوذ الأمريكي

أوضح راشمان أن فكرة أن تصبح الصين بلدًا ديمقراطيًّا أمر بعيد المنال، لكن منطقة المحيطين الهندي والهادئ ككل بها العديد من الديمقراطيات المزدهرة، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، وجميعها تعتمد إلى حد ما على ضمان أمني من الولايات المتحدة.

اقرأ أيضًا| الاتحاد الأوروبي يعرب عن قلقه إزاء المناورات الصينية حول تايوان

أضاف أنه إذا سيطرت الصين على تايوان، عن طريق غزو الجزيرة أو بطريقة أخرى، فإن النفوذ الأمريكي في المنطقة سيتعرض لضربة كبيرة، في مواجهة احتمال وجود قوة مهيمنة جديدة في المحيطين الهندي والهادئ.

تايوان والصين

تداعيات كبيرة على مستويات المعيشة

وصف راشمان تداعيات الهيمنة الصينية على منطقة المحيطين الهندي والهادئ بأنها ستكون عالمية أيضًا، مشيرًا إلى أن المنطقة تمثل قرابة ثلثي سكان العالم، والناتج المحلي الإجمالي، وإذا هيمنت بكين على المنطقة، فستكون في طريقها لإزاحة واشنطن على اعتبارها أقوى دولة في العالم.

وقال إن الفكرة القائلة إن أوروبا لن تتأثر بهذا التحول في القوة العالمية “فكرة سخيفة”، مشددًا على أن أوروبا تعتمد والآن، وأكثر من أي وقت مضى، على استعداد أمريكا لمواجهة روسيا، الحليف المقرب للصين.

تداعيات اقتصادية هائلة

أشار المقال إلى أن السيطرة الصينية على تايوان سيكون لها بسرعة تداعيات كبيرة على مستويات المعيشة في جميع أنحاء العالم، موضحًا أن تايوان تنتج أكثر من 60% من أشباه الموصلات في العالم وقرابة 90% من أكثرها تطورًا، ويجري تشغيل الأجهزة الحديثة من الهواتف إلى السيارات والآلات الصناعية، مع رقائق تايوانية، لكن المصانع التي تنتجها قد تدمر بسبب الغزو.

تايوان والصين

وأضاف أنه إذا نجت مصانع الرقائق في تايوان، لكنها سقطت تحت السيطرة الصينية، فإن التداعيات الاقتصادية ستكون هائلة، لأن التحكم في أشباه الموصلات الأكثر تقدمًا في العالم من شأنه أن يمنح بكين قوة تحكم في الاقتصاد العالمي.

وقال راشمان في نهاية مقاله إن كل هذه الاعتبارات الاقتصادية والاستراتيجية والسياسية تقدم حجة مقنعة للولايات المتحدة وحلفائها لحماية تايوان، ولا أحد يريد حربًا بين أمريكا والصين، لكن الآن من الضروري أحيانًا الاستعداد للحرب للحفاظ على السلام.