لماذا يقارن بوتين نفسه بالإمبراطور بطرس الأكبر؟

أحمد ليثي

ندد الجانب الأوكراني بتصريحات بوتين التي عدوها اعترافًا صريحًا بطموحاته الإمبريالية، وقالوا إن الرئيس الروسي يشعر بالجرأة الكافية للاعتراف بأن عمليته هي في الواقع احتلال


أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقيصر بطرس الأكبر في الذكرى 350 لميلاده، التي وافقت يوم 9 يونيو، مدعيًا أن روسيا الحديثة تسعى مجددًا لاستعادة أراضيها المفقودة.

بحسب تقرير لموقع ياهو نيوز في 10 يونيو، قارن بوتين نفسه علانية بالقيصر الروسي، الذي حكم في القرنين السابع عشر والثامن عشر، مشبهًا الحرب الروسية الأوكرانية بحروب بطرس التوسعية، وقال إن حربه كانت استعادة لما أسماه أراضي روسية.

بوتين يقارن نفسه ببطرس الأكبر

بحسب شبكة بي بي سي البريطانية، أدلى بوتين بهذه التصريحات في لقاء مع علماء ورجال أعمال شباب، لإيضاح تصوراته بشأن المعركة الجديدة التي يراها من أجل الهيمنة الجيوسياسية، وأخبرهم بأن بطرس الأكبر كان نموذجًا يحتذى به.

وقال بوتين: “ربما يعتقد كثيرون أن بطرس الأكبر كان يقاتل السويديين للاستيلاء على أراضيهم، في إشارة إلى حروب الشمال التي أطلقها بطرس في مطلع القرن 18 عندما أقام إمبراطورية روسية جديدة، مُضيفًا أن بطرس الأكبر “لم يغزُ أو يستولِ على أراضي الغير، بل كان يستعيد أراضي دولته التي عاش عليها السلافيون لقرون”.

بطرس الأكبر

رد الفعل الأوكراني

ندد الجانب الأوكراني بتصريحات بوتين التي عدوها اعترافًا صريحًا بطموحاته الإمبريالية، وقالوا إن الرئيس الروسي يشعر بالجرأة الكافية للاعتراف بأن عمليته هي في الواقع احتلال، ويبدو أنه يعتقد أن الغرب سيقبل في نهاية المطاف بالواقع الذي تقاتل قواته لخلقه على الأرض، وفق شبكة سي إن إن.

وقال مستشار الرئاسة الأوكراني ميخايلو بودولياك، على تويتر “اعتراف بوتين بمصادرة الأراضي ومقارنته ببطرس الأكبر يثبت أنه لم يكن يهدف لعملية خاصة، وإنما الاستيلاء على البلاد تحت ذرائع مفبركة للإبادة الجماعية للشعب”.

استخدام انتقائي للتاريخ

بحسب تقرير بي بي سي، كان بطرس الأكبر، من أشد المعجبين بالأفكار الغربية والعلم والثقافة، رغم أنه كان استبداديًّا لا يرحم، وبنى مدينة سان بطرسبرج لتكون نافذة على أوروبا، وسافر لتلك القارة المتعطشة للمعرفة لجر روسيا نحو الحداثة.

حكم بوتين القمعي أغلق ببطء تلك النافذة على الغرب، وأغلقتها الحرب الروسية الأوكرانية بالكامل، لأن فكرة قيام الزعيم الروسي بجولة في هولندا أو جرينيتش بحثًا عن الأفكار والإلهام، كما فعل القيصر ذات مرة، تبدو الآن مستحيلة، بل قال بوتين، إن روسيا عازمة على إظهار التحدي في وجه الإدانة والعقوبات الغربية.

الموقف الروسي من أوكرانيا في مقال

كشف الرئيس الروسي عن موقفه الإمبريالي غير المبرر تجاه العلاقات الروسية الأوكرانية، في مقال من 7 آلاف كلمة، كتبه في يوليو 2021، شارحًا الوحدة التاريخية المزعومة التي تربط البلدين معًا، وقال إنه واثق من أن السيادة الحقيقية لأوكرانيا ممكنة فقط بالشراكة مع روسيا.

واختتم بوتين مقاله: “نحن شعب واحد”. لكن هذه الأطروحة الغريبة فُسرت على نطاق واسع على أنها إعلان حرب ضد فكرة استقلال أوكرانيا بالكامل، ومنذ ذلك الحين أصبحت قراءة مقالات جميع العسكريين الروسيين مطلوبة، فيما كررت شخصيات روسية بارزة فكرة النمو من خلال التوسع الإقليمي مرارًا وتكرارًا، مثل نائب رئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما فلاديمير شامانوف، بحسب سي إن إن.

أفكار بوتين لاستعادة الأراضي الروسية

بحسب المجلس الأطلنطي في التقرير المنشور 10 يونيو، لم تبدأ جهود بوتين لاستعادة الأراضي الأوكرانية إلى روسيا مع الحرب الروسية الأوكرانية، بل قبل 8 سنوات مع استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم الأوكرانية، والتي استولى عليها في عملية عسكرية خاطفة استفادت من الشلل السياسي في كييف في أعقاب ثورة الميدان الأوروبي 2014 مباشرة.

بعد نجاحه في شبه جزيرة القرم، حاول بوتين تقسيم أوكرانيا من خلال التحريض على انتفاضات مؤيدة للكرملين في جميع أنحاء جنوب وشرق البلاد، لكن فشلت هذه المبادرة بعد أن واجه عملاء الكرملين معارضة محلية أقوى من المتوقع من الوطنيين الأوكرانيين الناطقين بالروسية، تاركين وكلاء بوتين منحصرين في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا.

التوسع هدف الساسة الروس

بحسب تقرير المجلس الأطلنطي، قدم نائب من حزب روسيا المتحدة الموالي للكرملين في وقت سابق من هذا الأسبوع، مشروع قانون إلى مجلس النواب الروسي، لإلغاء قرار سوفيتي يعترف باستقلال ليتوانيا، والتي هي عضو في الناتو وجزء من الاتحاد الأوروبي، ولكن مشاريع القوانين غير المنطقية هي شكل من أشكال إظهار الولاء للرئيس.

يقول بيتر ديكنسون رئيس تحرير المركز الأوراسي، إن هذا لا يبشر بالخير لمستقبل روسيا، موصيًا إياها بضرورة مراجعة ماضيها الإمبراطوري، سواء كان ذلك في الشكل السوفيتي أو القيصري، حتى تسنح الفرصة لتتخلى روسيا عن نمط إخضاع جيرانها، أو تصبح دولة أكثر ديمقراطية.

ربما يعجبك أيضا